مبدع إيقونة “غيفارا” يعود للواجهة من جديد بلوحة لـ “عهد التميمي”

هاسبريس :

عن مجلة “نيــــو زويـــكــ”

قبل 50 عاماً، أبدع الفنان الإيرلندي الشهير جيم فيتزباتريك، لوحة الثائر الأرجنتيني تشي جيفاراً، والتي لقيت رواجاً كبيراً وأصبحت أيقونة ثورية عالمية، ليعود إلى الواجهة مع تداعيات قضية الفتاة الفلسطينية عهد التميمي حول العالم، حيث أبدع الفنان فيتزباتريك لوحة جديدة تجسد بطولة عهد التي اعتقلت من طرف قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الـ19 من دجنبر المنصرم بعدما  صفعها جندياً إسرائيلياً ، كان قد اعتدى على منزل والديها.

وخلال لقاء مع مجلة “نيوزويك” الأمريكية أمس السبت 17 فبراير الحالي،لم يخف الفنان الإيرلندي فيتزباتريك، طموحه ورغبته بأن تصبح لوحة “عهد” أيقونة عالمية جديدة،لكونها تستحق بكل جدارة لقب (wonder womem) “المرأة الخارقة”.

وقال الفنان فيتزباتريك: “لقد تابعت قصة عهد منذ البداية، ودفعني شعور خاص بأن أقدم دعماً حقيقياً لها”، لكونها تمثل نضالاً نبيلاً في وجه احتلال ظالم”. وتابع: “بغض النظر عن مصدر الشجاعة التي تمتلكها عهد والقوة الحقيقة التي تبديها، والتي ملأصداها العالم، وحرك شعوراً خاصاً في داخلي، وشحذ فرشاتي لترسمها إيماناً مني بأن تلك الفرشاة أكثر قوة من أقوى سيف”.

 

وللإشارة، فقد أبدى الفنان الإيرلندي فيتزباتريك، عقب تصريح من مسؤول إسرائيلي طالب بسجن “عهد” إلى الأبد، تخوفه عليها، في أن يقتلونها. معربا أنه قد قام بواجبه إتجاهها من خلال الصورة الجديدة، حيث صور الفنان عهد وهي تحمل العلم الفلسطيني مدوناً أسفلها عبارة هناك “امرأة خارقة” حقاً، في رد دلالي  على الفيلم الشهير “ووندر وومن” الذي هو من بطولة الممثلة الإسرائيلية والمجندة السابقة غال غودات، المعروفة بمواقفها المساندة لجيش الاحتلال.

فهناك وعلى مسافة 20 كم فقط غربي مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، وتحديدا في قرية النبي صالح، برزت عهد التميمي البالغة من العمر17 سنة ، والتي اعتقلتها جنود الإحتلال الإسرائيلي، بعد اقتحام منزلها، ومن ثم قاموا باقتيادها إلى مركز تحقيق في تجمّع مستوطنات «بنيامين»، شرقي مدينة رام الله.

فقد ولدت «عهد» سنة 2000وحملت لقب عائلة «التميمي»، المعروفة بتاريخها النضالي في فلسطين، كما حرمها الاحتلال من والدها، عقب أسره، فشبّت شجاعة، لا تأبه لما يفعله جنود الاحتلال الإسرائيلي، كما قالت في لقاء تلفزيوني: «نحن في القرية، نعمل مظاهرات في وجه العدو، كل يوم جمعة»، إذ لم تكن عهد طفلة عادية، فمنذ طفولتها تصدّرت أحداث قرية النبي صالح، والمواجهات التي تندلع مع جنود الاحتلال هناك، وتصدت، وهي في الثانية عشرة من عمرها، للجنود المدجّجين بالسلاح، حيث قهرت بشجاعتها فوهات البنادق التي لم تشعرها بالخوف يوما.

نضال العائلة

ترعرعت الطفلة الشجاعة وسط عائلة ناشطة في مجال مقاومة الاستيطان، وشهدت عدة حالات اعتقال لوالدها باسم التميمي، الذي اعتُقل لأكثر من عشر مرات بمجموع خمس سنوات أمضاها في السجن، منذ بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، ولأمّ تُدعى ناريمان التميمي تصدت قبلها ومعها عشرات المرات لجنود الاحتلال المقتحمين للنبي صالح واعتقلت نحو ثلاث مرات، واستمر اعتقالها في كل مرة لعدة أيام، وقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، ناريمان التميمي، والدة الطفلة الأسيرة عهد التميمي، أثناء محاولتها متابعة قضية ابنتها في مركز شرطة بنيامين شرق رام الله وسط الضفة الغربية.

كما سبق أن استشهدت عمة “عهد” في عام 1992م، لحظة اعتداء مجندة إسرائيلية عليها أثناء حضورها جلسة محاكمة لابنها، دخلت حينها بعد السقوط على الأرض في العناية المكثفة لعدة أيام قبيل الإعلان عن استشهادها.

شجاعة باسلة

كان أول ظهور لـ «عهد» كان في مثل هذا الشهر قبل خمس سنوات، وهي تصرخ في وجه جنود الاحتلال عندما اعتُقل شقيقها الأصغر محمد، وبدت وهي توبخ الجنود المحتلين بسبب اعتقالهم له.

حينها؛ صرخت كثيراً في وجه العشرات منهم على مدخل قريتها، وانتشر مقطع الفيديو الذي تم تصويره في ذلك الوقت، كالنار في الهشيم، على مواقع التواصل الاجتماعي، كبطلة لم يقدر على طفولتها جنود الاحتلال إلا باستهدافها بقنابل الغاز المسيل للدموع، في محاولة لإبعادها، ولم يتمكنوا من ذلك، كما اكتسبت «عهد التميمي» الشجاعة من المواجهة في الميدان، ومنعت، أكثر من مرة، جنود الاحتلال من اعتقال شبان في قريتها، ومنعتهم أيضاً، في أكثر من مرة، من استهدافهم بالرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، حين كانت تتصدى بجسدها وقلبها الطفولي لفوهات البنادق التي كان يصوبها جنود الاحتلال نحو الشبان المحتجين على الاستيطان هناك.

ونظرا لمقاومتها ونضالاتها من أجل قضية شعبها، فقد استحقت الطفلة «عهد» جائزة حنظلة للشجاعة التي نالتها من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، قبل خمس سنوات، بعد ظهورها في العديد من مقاطع الفيديو ، وهي تتصدى  لجنود الاحتلال ممن  يهاجمون شبان قريتها لحظة خروجهم في كل جمعة بمسيرة أسبوعية رافضة للاستيطان على أراضيهم.

وفي مقابلة، أُجريت مع «عهد» عبّر برنامج «دنيا»، عام 2014، لم تخف الفتاة الصغيرة حينها، مما فعلته، أو المصير الذي ينتظرها، ظلّت تردد رسالتها، وتقول: «إذا كنا نكتفي فقط بمتابعة الأخبار في التلفزيون، فمن يحرر الأرض، صلاح الدين؟».

وعندما سألتها المذيعة عن اعتقال بعض أقاربها، قالت، دون تردد: «أنا حزينة بسبب ذلكـ ، لكن كل شىء فداء فلسطين»، ويشرفنا أن نموت كشهداء لفلسطين، وسنكمل مهما كان ».

وفي غشت 2015، وثق فيديو منعها برفقة والدتها جنود الاحتلال من اعتقال شقيقها محمد مرة أخرى، الذي كان يعاني آنذاك من كسر في اليد، وانطلقت على إثر الفيديو ردود أفعال كثيرة لتصرفات جنود الاحتلال الإسرائيلي بحق الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم بطريقة وحشية، وأخرى تشيد بشجاعة تلك الطفلة التي تمكنت من تخليص شقيقها من الاعتقال، ولعل آخر مقاطع الفيديو، التي أظهرت شجاعة «عهد» كان الجمعة الماضية، عندما منعها جنود الاحتلال من اقتحام منزلها ونصب كمين لعدد من الشبان المتظاهرين في المسيرة الأسبوعية ضد الاستيطان والغاضبة ضد قرار ترامب، الذي اعترف بالقدس الفلسطينية عاصمة لدولة الاحتلال.

وظهرت التميمي وهي تطرد، الجنود الإسرائيليين من منزلها، بعنفوان وشموخ المناضلة الأبية، والشبلة الكاسرة الرافضة للاحتلال،  و وثق ذات الفيديو، للجنود الإسرائيليين وهم يتراجعون للخلف مقهورين من شجاعة أنوثتها، حيث تمكنت من منعهم من اقتحام المنزل ونصب المكيدة للشبان والأطفال هناك.

ومهما يكن، فقد اعتُقلت «عهد» من منزلها، وكتب والدها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي، «فايس بوكـ»: «الأصدقاء الأعزاء.. اقتحم الجيش الإسرائيلي بيتنا، وتم اعتقال ابنتي (عهد التميمي) ومصادرة كل أجهزة الكمبيوتر وكاميرات التصوير، بالإضافة إلى أجهزة الاتصال الخاصة فينا والاعتداء بالضرب على الجميع وتفتيش البيت وقلب محتوياته».

حملة صهيونية

ورغم أن فلسطين زاخرة بالأبطال كأمثال «عهد» ممن يتصدون لجنود الإحتلال في كل يوم، ويجابهون المحتلين ممن يسرقون أرضهم، ويقتحمون منازلهم، ويستهدفونهم بالرصاص وقنابل الغاز المسيل للدموع، فإن عهد التميمي تعرضت لحملة كبيرة على وسائل الإعلام العبرية، ومواقع التواصل الاجتماعي الإسرائيلية، واتهمت بضرب الجنود المقتحمين للمنزل وهم يحاولون الاعتداء على عائلتها بمنزلهم في القرية.

ومن خلال  تحريض مكشوف، دعا كل من “افغدور ليبرمان” وزير جيش الاحتلال و”نفتالي بينيت”وزير التعليم  إلى عدم الاكتفاء باعتقال عهد بل بمعاقبة افراد اسرتها جميعا.

وبعد اعتقال «عهد»، شنّ رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملات للإفراج عنها، فيما كتب المتحدث الرسمي لجيش الاحتلال الإسرائيلي، «أفيخاي أدرعي»: «تخيلوا ماذا كان ليحدث لهذة المستفزة لو تصرفت بهذا الشكل مع ضباط أو جنود عندكم؟».

وأضاف: «من التحقيق الأول الذي أجراه قائد الكتيبة يتضح أن قائد السرية وصل بنفسه إلى المنزل لمنع دخول المشاغبين، وتعامل بمهنية عندما لم ينجر إلى العنف وذلك مع التاكيد أنه كان يحق له اعتقال الفلسطينيات في الميدان على خلفية استخدامهن العنف إلى جانب محاولتهن اعتراض مهمة الجنود».

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك هذا الموضوع:
1K+انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)1K+اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)اضغط للمشاركة على Google+ (فتح في نافذة جديدة)اضغط لتشارك على LinkedIn (فتح في نافذة جديدة)Click to share on Telegram (فتح في نافذة جديدة)مشاركة على Skype (فتح في نافذة جديدة)

 

مقالات قد تعجبك

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.