طه سبع، ذاكـ الفنان التشكيلي الرائد الذي تسكنه مراكش

مـحـمـد الــقـنــور  :

لايسكن الفنان التشكيلي العراقي المولد والمغربي الهوى والموطن، طه سبع في مراكش، وإنما مراكش هي التي تسكن فيه، بأحيائها وناسها، بحكاياتها وأسواقها بمزاراتها ومواقعها، بعبقها وسمائها ، بزخمها وألوانها، فقد ساهمت هذه المدينة الملونة منذ أن عانقها فناننا في سنة 1977 في تأسيس تجربته التشكيلية وتحولت في لوحاته إلى منطلق أساسي جميل يتمحور في غالب إنتاجاته التشكيلية على تقاليد وعادات وتاريخ المدينة وبتعددها الثقافي، ومجمل روافدها العروبية والموريسكية والأمازيغية والحسانية والعبرية، والممتد نحو التراث الأفريقي على وقع مواكب القوافل التي ظلت تعبر المسافات مابين هذه المدينة وحواضر الساحل الإفريقي من تومبوكتو حتى شنقيط .

ولأن التشكيلي الفنان طه سبع، يعرف كيف يرتشف من التراث المراكشي ، ومن الفنون الشعبية وفق رؤية حداثية، تسعفها دربته الفكرية وحسه المرهف بالحياة المؤسسة على ترنيمات الحب،فإن لوحة “مراكش الطنجية” تعكس مدى إستيعاب فناننا لحيثيات وتفاصيل العمق الحضاري لمدينته ومعشوقته مراكش، مستندا على قاموس دلالات لونية وموجودات طبعت الحياة الجماعية لمدينة سبعة رجال، على غرار حضور الدراجة الهوائية، والطنجية، تلك الوجبة التي إنتقلت من المحلية نحو العالمية، وأضافت زخما ثقافيا لتنوّع الخامات التي بصمت مراكش وجميع خصوصياتها المستمّدة من ثراء البيئة المغربية التي تشبع بها الفنان التشكيلي طه سبع وعمل على إضفاء شخصيته وثقافاته المتنوعة ، مستعيداً مختلف منابع الإبداع التشكيلي التي مكنته من تبوأ مكانته المعتبرة في تاريخ الفن التشكيلي بمراكش خصوصا، وعلى المستوى الوطني عموما لسنوات وعقود .

ففي تجربته التشكيلية الإبداعية، ومن خلال ماينشره من ثقافة فنية إنسانية قوامها الحب والقدرة على العطاء، وتشجيع الإبتكار بين طلبته، تنبثق لوحة “مراكش الطنجية” للفنان التشكيلي طه سبع، وكعادته في كلما أبدع من ماهيات ورمزيات، وتجريد وإنطلاقات تليدة تفصح عن مدى قدرته على إستكناه اللمسات المتعددة القراءات والرامية إلى إضفاء الحياة على الثابت فيها المتحول على الساكن منها والمتحركـ. ، كأنه يسبر أغوار الزمن ويمخر عباب الوجدانيات والأمكنة بكل سكينة وإقتدار .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.