تُـشكـِّـلُ المهندسة المعمارية مليكة السلامي نموذجا للمرأة المغربية المثابرة التي استطاعت المزاوجة بين ممارسة المهنة والعمل السياسي الوطني والجمعوي ، متشبعة بقيم الانفتاح والدفاع عن القضايا العادلة لفئات مختلفة من المجتمع المغربي. ولكون مليكة السلامي مفعمة بالحماس وممتطية لمختلف مواصفات العزيمة والإرادة، فقد انخرطت هذه المهندسة المعمارية والأم لثلاثة أبناء، في العمل السياسي والجمعوي مبكرا حيث نشطت في العديد من الجمعيات للانتصار لقضايا تنمية النساء بمدينة مراكش بصفة خاصة ، إيمانا منها بكون دور المرأة لاينحصر في القيام بالأعباء المنزلية وتربية الأبناء، فقط . هذا، وقد حصلت مليكة السلامي على ديبلوم الهندسة من مدينة باريس الفرنسية ودكتوراه معمقة من جامعة السوربون بنفس المدينة ، إذ سجلت سنة 1990 بدايتها الأولى في مشوارها المهني ، كرئيسة لمصلحة التعمير ببلدية مراكش،وذلكـ ، قبل أن تلتحق في سنة 1991 إلى 1992، كما شغلت من سنة 1992 الى 2001 رئيسة قسم التعمير ببلدية المشورالقصبة .
وفي سنة 2001 إلى 2003 إلتحقت ببلدية المنارة جليز كرئيسة للقسم أيضا تم بعد دلك والضبط خلال سنة 2003 إلى 2006 إشتغلت كرئيسة مصلحة دراسة ملفات طلبات البناء واللجان بالمجلس الجماعي بمراكش . ورئيسة من سنة 2006 إلى 2016 لمصلحة التعمير بمقاطعة النخيل تم بعدها مهندسة معمارية بقسم التعمير بالمجلس الجماعي وإلى غاية اليوم.
أما بخصوص مسارها السياسي فقد بدأ مند نعومة أظافرها بحكم أنها إبنة المناضل والمقاوم الراحل عمر السلامي المسفيوي الذي كان ضمن جيش التحرير وأعضاء المقاومة حيث كان منزل والديها في حي المعاريف ثم في شارع 2 مارس بالدار البيضاء ، قبلة لزيارات دؤوبة لأهم رجالات الكفاح الوطني المعروفين على غرار الزعيم علال الفاسي ، وعبد الرحمان اليوسفي، والفقيه البصري؛ وأمحمد بن سعيد أيت إدر، ومولاي عبد السلام الجبلي وغيرهم من القادة الوطنيين ممن بصموا التاريخ المغرب المعاصر، بالكثير من التضحيات والنضالات، وهي الأجواء التي عاشتها الطفلة مليكة، وساهمت في صقل تكوينها النضالي ووعيها السياسي في فترة مبكرة من عمرها .
وأنتخبت المهندسة المعمارية مليكة السلامي أول مرة، كمستشارة جهوية بعد تقلدها لمجموعة من المهام الحزبية في سنة 2015 عن إقليم مراكش، وهي المهام التي زادت من تراكم تجربتها، وأغنت مسارها الفكري والتواصلي والسياسي. ونظرا لإلمام المهندسة المعمارية مليكة السلامي بجل تفاصيل الأحزاب الوطنية لأنها ترعرعت في أسرة وطنية سياسية، جعلها تنجدب كثيرا لحزب الاستقلال الذي أعتبرته من الأحزاب السياسية والمدارس الفكرية المتميزة في تاريخ المغرب المعاصر، فتاريخه الذي يخطو نحو القرن من الزمن ومن النضال والكفاح في خدمة مصالح الوطن والمواطنين ، جعلها تهتم به وتنجدب إليه يوما بعد يوم ،مسكونة برغبة عارمة من أجل الإنخراط في صفوفه. في سياق آخر، فإن تشبع المهندسة المعمارية مليكة السلامي بالقيم الإنسانية ومبادئ المساواة وضمان، والدفاع من أجل صون كرامة المرأة وإعلاء مكانتها داخل المجتمع ترسيخا لمقاربة النوع الاجتماعي، والقرب من المواطن، طبع مسارها الجمعوي، حيث شغلت سنة 2019 منصب رئيسة للمنتدى العالمي للتضامن الإنساني والمستقبل فرع جهة مراكش اسفي، وهي التجربة التي أثمرت عن إنتخابها كعضوة فاعلة بفدرالية الإتحاد الدولي للمرأة الإفريقية، ومكنها من تحقيق مجموعة من الإنجازات الإجتماعية التي ترجمت على أرض الواقع.
وعلى كل حال، فإن نضالات المهندسة المعمارية مليكة السلامي تتجسد يوميا وبالملموس، في الدفاع عن قضايا التنمية القطاعية والمجالية للنساء، وفي عملها الدؤوب في سبيل تمكين النساء الحضريات والقرويات من ممارسة حقوقهن المشروعة، حيث تؤكد أن معظم النساء اللواتي ساهمن في تطوير المجتمع المراكشي خصوصا، والمغربي عموما، كان من ورائهن رجال وطنيين، ومن ورائهن أباء أو أشقاء، أو أزواج أو أصدقاء وزملاء يؤمنون بأهمية وضرورة إشراك المرأة في الحياة العمومية، مما ساعدهن ودعمهن من أجل المساهمة بتحدي التقدم وفي تكريس التوجه الديمقراطي والمناصفة والمساواة بين الجنسين وتخليق الحياة العامة وحتى تدبير تداعيات الأزمة الصحية والاقتصادية العالمية، الناتجة عن تفشي وباء “فيروس كورونا المستجد ..
وتؤمن المهندسة المعمارية مليكة السلامي ، أن المرأة هي عماد الفعل السياسي الوطني وأساس الحياة الجمعوية، لكون المرأة المغربية بطبيعتها، تتحلى الصبر والرغبة والشجاعة للتغيير نحو الأفضل، وتقدم مساهمتها بكل تواضع وبدون مقابل، فضلا عن كونها مفعمة بالأمومة والأحاسيس الرهيفة مما يدفعها إلى مشاطرة الآخرين مآسيهم وأحزانهم تعمل جاهدة على التخفيف عنهم.
وبخصوص اليوم العالمي للمرأة، الذي يصادف ثامن مارس من كل سنة، حيث إحتفت جمعية وشم للثقافة والفن بمراكش، والتي ترأسها الفاعلة الجمعوية سناء الهداجي، بالمهندسة المعمارية مليكة السلامي، رفقة ثلاث نساء رائدات أخريات، فإن هذا اليوم ظل يشكل بالنسبة إلى السلامي فرصة للتذكير بالنضالات الطويلة التي خاضتها النساء المغربيات لنيل حقوقهن ، والتي تعد في الوقت الراهن بمثابة مكتسبات، فضلا عن كون هذا اليوم مناسبة رمزية لتكريم النساء ممن ناضلن من أجل حقوقهن الأساسية، وعمدن إلى الانكباب على معالجة ظروف النساء عبر مختلف جهات المملكة من خلال محاولة لتحسيس أصحاب القرار السياسي بترسيخ مبادئ المساواة ومقاربة النوع الاجتماعي في مختلف المجالات. أما بشأن الحديث عن ظروف المرأة المغربية، فلا يراود المهندسة المعمارية مليكة السلامي ، والعضو الفاعل بمجلس جهة مراكش آسفي شك في المجهود الكبير الذي بذل لتحسين وضعيتها وهو ما تجسد في تمكين المرأة المغربية من الولوج إلى مناصب القرار سواء داخل مؤسسات الدولة أوبفضاءات المقاولات ، مؤمنة بضرورة القيام لصالحهن بالمزيد من المبادرات والترافعات الحقوقية والنضالات خاصة بالنسبة للنساء في مدينة مراكش، وعلى مستوى جهة مراكش آسفي .
وتلكــ هي المهندسة المعمارية مليكة السلامي ، الأكثر حساسية وانجذابا على المستوى الشخصي،لكل ما يمت الى الحياة العامة والحضارة والثقافة المغربية بصلة، كإمرأة يحذوها عزم أكيد وحيوية إيجابية وشغف لا حدود له ، في تسخير نضالها السياسي، وحسها الجمعوي التواصلي الجارف، لخدمة قضايا النساء المغربيات والمساهمة في توطيد الاشعاع الحضاري والثقافي والمعماري المغربي عبر كل قارات العالم ونشر ثقافة المغرب والتعريف بتاريخه وقيمه.
إنها مليكة السلامي المسفيوية حتى النخاع، سليلة قمم الأطلس الكبير، التي ترعرعت منذ نعومة أظافرها على إستلهام الخلاصات النضالية الوطنية من أجل رفعة المغرب والمغاربة بكل ثقة وتصميم ، والإيمان بأن كل العقبات ستتكسر على صخرة الإرادة، والعمل الجاد والنزيه.