لم يتردد محمد الفتني، كشاب مكفوف، وصانع تقليدي في خوض غمار الإستحقاقات الإنتخابية الجماعية، حيث لم تمنعه إعاقته، من الترشح بإسم حزب التقدم والإشتراكية، بدائرة مراكش المدينة، وهي المدينة التي إزداد في أحد أحيائها العريقة، وترعرع بين جوانبها، وإشتم عبق حضارتها ونسائم ثراتها وشرب من معين تقاليدها وتاريخها . هذا، ويعتبر الفتني، كأحد ذوي الإعاقة ،أن تجربته في الترشح لإنتخابات 8 شتنبر الحالي، لم تكن تجربة سهلة بل تخللها عدة صعوبات، فالأمر في نظره إحتاج إلى إرادة قوية، وإيمان عميق بالوطنية، ومفاوضات وإعدادات كثيرة، ومعرفة دقيقة بالقضايا المطروحة على مراكش، كملف الدفاع عن تعميم الصحة وتأهيل التعليم، والمساهمة في البحث عن منافذ التشغيل، والرفع من مستويات الوعي البيئي والثقافي، ولفت الإنتباه للقضايا الحقوقية للمعاقين، مع متطلبات أخرى تقع على عاتق المرشح.
ولكونه مناضل وفاعل جمعوي، من خلال رئاسته للجمعية المراكشية لحقوق المعاق، فإنه ظل يعمل لسنوات من أجل تغيير الصورة النمطية التي تقصي ذوي الإعاقة سواء كانت بصرية أو حركية، أو دهنية من العمل السياسي، والمشاركة في الحياة العمومية، مع مواجهة شريحة كبيرة من المجتمع، ما زالت تعتبر أن الأشخاص من ذوي الإعاقة ليسوا أكفاء، متخوفا في أن يكون الكثير من الناخبين والناخبات يعتقدون أن المرشح من ذوي الإعاقة سيتضمن قضايا تهم الأشخاص من ذوي الإعاقة فقط، مما يدفعهم للإنحياز ضده بشكل سلبي، فالأصل في المجتمعات المتحضرة هو مشاركة ذوي الإعاقة في الحياة العامة، باعتبارهم مواطنين كاملي الحقوق، ولو تواجد أي مشكلة في أعضاء جسده، فإنه لا يعتبر عائقاً عن المشاركه العامة بل عائق عن فعل معين وليس مانعاً من المشاركة السياسية.
وحول الأسباب التي تؤدي إلى رفض فئة كبيرة من المجتمع في مراكش إشراك ذوي الإعاقة في صنع القرار السياسي ، فإن محمد الفتني يرجعها إلى قلة الوعي المجتمعي بأهمية وضرورة وجود الأشخاص من ذوي الإعاقة في المجالس الجماعية، وإلى عدم تشجيعهم لصنع القرار السياسي المحلي، مؤكدا، ” أن الإعاقة ليست سبباً يحول في مشاركتهم السياسية”، ومشيرا، إلى أن حتى بعض أصحاب الإعاقة يشعرون أنهم ليسوا مؤهلين مما يضعف صورتهم أمام أنفسهم وأمام المجتمع .
ويرى الفتني، أن الترشح في الإنتخابات الجماعية والمهنية والتشريعية، حق دستوري ، غير أن هناك الكثير من الإكراهات التي تحول دون من مشاركة الأشخاص من ذوي الإعاقة في الحياة السياسية، والهيئات الحزبية، وعملية الانتخاب، تبرز في شح الخدمات اللوجستية وعدم وجود قاعدة بيانات واضحة بتوزيع الأشخاص من ذوي الإعاقة وأماكن تواجدهم في الجماعات الترابية والعمالات والأقاليم، وصرامة القوانين التي تمنع وصول صناديق الاقتراع إلى الناخب المعاق، خصوصا الحركي، وهذه تعد مشكلة تواجه ذوي الإعاقة وتحد من مشاركتهم في العملية الانتخابية، كأحد أبرز نتائج النضال والعمل الحزبي، المفروض أن يتأسس على قبول التنوع والإختلاف وليس على الإقصاء، والأحكام الجاهزة والنمطية ضد المعاق.