تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إختتمت أمس 26 الأربعاء فبراير فعاليات الدورة 49 للجمع العام للاتحاد الإفريقي لشركات التأمين (FANAF) والتي عرفت حسب مختلف المتتبعين والخبراء نجاحا كبيرا، والتي انعقدت أشغالها بمراكش منذ السبت الفارط 22 من نفس الشهر. ولقد استطاع هذا الحدث جمع أبرز الفاعلين في قطاع التأمين في إفريقيا، وذلك باعتباره منصة استراتيجية للتبادل حول التحديات والفرص التي يشهدها السوق.
وكان الحدث قد إفتتح بندوة تقديمية، قدم فيها كلا من رجل الأعمال، تيجاني تيا ورئيس مجموعة ACTIVA، ريتشارد لو، نظرة معمقة حول أبرز محاور تطوير قطاع التأمين في إفريقيا بشكل شامل ومستدام. وتلتها خمس جلسات نقاشية رفيعة المستوى، تناولت موضوعات رئيسية مثل الشمول المالي، الاستدامة، التنظيم، الابتكار، وأهم التوجهات في السوق.
خلال هذه المناقشات، شاركت السيدة نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، رؤية الحكومة المغربية فيما يتعلق بالشمول المالي وتطوير قطاع التأمين. وأبرزت بشكل خاص الاستراتيجية المغربية، التي تعتمد على الابتكار والتحول الرقمي، كعوامل أساسية لتوسيع الوصول إلى الخدمات المالية وتشجيع اعتماد حلول التأمين بشكل أوسع.
وأكد سيزار إيكومي أفيني، رئيس الاتحاد الإفريقي لشركات التأمين، مبادر الحدث، على الدور الاستراتيجي للمغرب في تطوير قطاع التأمين، مسلطا الضوء على تأثيره الكبير في تعزيز قطاع التأمين في إفريقيا. وقال في هذا الصدد إن “صوت المغرب مسموع بشكل جيد في دول منطقة FANAF، خاصة من خلال الفاعلين المغاربة في مجال التأمين وإعادة التأمين والمالية، مما يعد دليلا على رؤية إفريقية من أجل حلول تأمينية محلية تصب في مصلحة شعوبنا”.
كما عبر إيكومي أفيني عن امتنانه للجمعية المغربية للتأمين (FMA) لدورها الحاسم في تنظيم هذا الحدث، مشيرا إلى أن ترشيح السوق المغربي قد جذب انتباه المكتب التنفيذي لاتحاد الإفريقي لشركات التأمين بسبب أهميته واهتمامه بالقارة. وأضاف بأن “مستوى المشاركة المرتفع جدا في هذه الدورة هو بمثابة شهادة على الثقة التي يوليها أعضاؤنا تجاه سوقكم ورغبتهم في اكتشاف سوق واعد، مبدع ومبتكر”.
ومن جانبه، عبر محمد بن صالح، رئيس الجمعية المغربية للتأمين (FMA)عن سعادته باختيار سوقه لاستضافة الدورة 49 للجمع العام للاتحاد الإفريقي لشركات التأمين، مؤكدا أن “السوق الإفريقي للتأمين يمتلك إمكانيات هائلة، ومن مسؤوليتنا العمل على تطويرها. ويشكل هذا الحدث فرصة للبقاء متحدين في مواجهة هذا التحدي.”
بالنسبة له، فإن “اختيار المغرب لاستضافة هذا اللقاء يشكل فرصة ثمينة لإعادة تأكيد التزامنا بتطوير قطاعنا”.
وبما أن التنظيم يشكل موضوعا حاسمًا في قطاع التأمين، شدد السيد عبد الرحيم الشافعي، رئيس هيئة مراقبة التأمينات والضمان الاجتماعي (ACAPS)، بأهمية تعزيز التعاون بين جميع الفاعلين في المنظومة من أجل تحقيق تنمية مستدامة وشاملة.
في هذا السياق، تم تنظيم حلقة نقاشية مخصصة لدور التنظيم في تسريع الابتكار وتنمية القطاع، حيث تم استعراض الوضع الراهن للإصلاحات الجارية، التي تهدف إلى تنويع وتعزيز سوق التأمين.
وذكر الخبراء أنه، رغم هيمنة التأمينات الادخارية والتأمينات على السيارات، فإن السوق المغربي، الذي يضم 25 شركة ويحقق مبيعات تصل إلى 6 مليارات دولار، يظهر إمكانيات نمو كبيرة. كما عرف إطلاق مبادرات مهمة لدعم الشمول المالي، مثل نظام EVCAT، التأمين التكافلي، التأمينات الصغيرة، والتأمينات TRC-RCD.
وأظهرت دراسة قدمتها كلا من الأستاذة فاتو جيوا، قائدة برنامج التأمين للنساء في المؤسسة المالية الدولية (IFC)، والأستاذة نادية توهامي، الشريكة فيPeople Consulting (EY Tunis) أن النساء يشكلن46,9 % من القوى العاملة في إفريقيا جنوب الصحراء و50% من القوى البيعية في التأمينات. ويمكن أن تولد مشاركتهن ما يصل إلى 874 مليار دولار بحلول عام 2030. ومع ذلك، فإن النساء يشكلن فقط 15% كمديرات عامات في شركات منطقة FANAF. وأوصت الخبيرات بتعزيز التدريب على القيادة ودمج المساواة بين الجنسين في سياسات الموارد البشرية للاستفادة بشكل كامل من هذه الإمكانيات.
وبالإضافة إلى ذلك، كان الابتكار والتحول الرقمي في قطاع التأمين من المواضيع الرئيسية التي طغت على مناقشات الحدث.
وقد ركزت المائدة المستديرة، التي جمعت بين الاتحاد الإفريقي لشركات التأمين (FANAF) والاتحاد الإفريقي لمستشاري التأمين (FIAC) على أهمية التحول الرقمي لهذا القطاع.
وتم الإشارة، خلال هذا اللقاء، إلى العديد من المبادرات، مثل رقمنة شهادات التأمين على السيارات، والخدمات المالية عبر الهاتف المحمول، والمنصات الرقمية لتوسيع الوصول إلى التأمينات، فضلا عن التحول الرقمي للوسطاء من أجل تلبية احتياجات السوق بشكل أفضل.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة، لاسيما فيما يتعلق بأمن البيانات الشخصية والاعتراف بالتوقيع الإلكتروني والحاجة إلى تعاون وثيق بين شركات التأمين، والوسطاء، والجهات التنظيمية لضمان تنظيم فعال وتعزيز الابتكار.
واختتم الحدث بكلمات ملهمة من السيد بشير بادو، نائب رئيس الجمعية المغربية للتأمين (FMA)، الذي شدد على أهمية “العمل من أجل تحقيق تكامل أكبر بين الدول الإفريقية”.
ولتجسيد هذه الطموحات، قدم المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي لشركات التأمين عدة توصيات مستخلصة من المناقشات والحوارات. ومن أبرز هذه التوصيات: تعزيز التعليم المالي وثقافة التأمين، الترويج لخدمات ومنتجات تلائم احتياجات السكان، تسريع رقمنة القطاع، دعم البحث العلمي، تشجيع الحوار بين المنظمين وشركات التأمين وبقية الفاعلين، دعم المبادرات المحلية، توسيع التأمينات الإجبارية، تطوير الشراكات بين القطاعين العام والخاص، الاستثمار في المنصات التكنولوجية، تخصيص العروض، تطوير منتجات لمواجهة المخاطر المناخية، وأخيرا إنشاء مرصد لمتابعة تطور السوق واتجاهات القطاع.
والجدير بالذكر أن هذه الدورة قد سجلت مشاركة قياسية لأكثر من 1500 مهني ومهنية في مجال التأمين وإعادة التأمين، حيث جمعت فاعلين إفريقيين، وكذلك شخصيات عالمية بارزة من القطاع. كما تميز هذا الحدث القاري الكبير بدينامية قوية من حيث اللقاءات B2B.
وتعتبر الجامعة المغربية للتأمين (FMA) هي جمعية تضم 25 شركة تأمين وإعادة تأمين تعمل في المغرب. ويتمثل دورها الرئيسي في القيام بكل خطوة تعتبر مناسبة لأعضائها والعمل لصالح قطاع التأمين.
في حين، يعتبر الاتحاد الإفريقي لشركات التأمين ذات الحق الوطني (FANAF) جمعية مهنية دولية تهدف إلى تعزيز إنشاء شركات تأمين محلية بالكامل أو جزئيا برؤوس أموال إفريقية. ويقع مقرها الرئيسي في مدينة دكار بالسنغال، وتضم اليوم ضمن أعضائها قرابة 211 شركة.
وتتمثل المهمة الأساسية للاتحاد الإفريقي لشركات التأمين ذات الحق الوطني (FANAF) في تعزيز قطاع التأمين وإعادة التأمين في إفريقيا وتعزيز سوقه على المستوى القاري.