حظوظ المغرب لإستضافة مونديال 2026 وفقا للضوابط و المؤشرات
هاسبريس :
أكد مولاي حفيظ العلمي، رئيس لجنة ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2026، يوم السبت 17 مارس الحالي بالدار البيضاء، أن “المغرب بلد يحترم قواعد اللعب” وأنه سيقوم بحملته “وفقا للضوابط المعمول بها”.
وأضاف العلمي، خلال ندوة صحفية عقدها عقب تقديم المغرب مؤخرا الملف التقني لاستضافة مونديال 2026 أمام الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في زيوريخ، أن الغلاف المالي المخصص لتنظيم المونديال سيصل إلى 8ر15 مليار دولار ضمنها 2ر3 مليار دولار سيتم رصدها من قبل القطاع الخاص، مستعرضا في هذا الصدد المكتسبات التي سيتم تحقيقها على مستوى البنيات التحتية وفرص الشغل والدينامية الشاملة في حال اختيار المغرب.
هذا، ورغم الغموض الشديد والسرية المطلقة اللذين يفرضهما المغرب على ملف ترشحه لاحتضان كـأس العالم لكرة القدم لسنة 2026؛ إلا أن الأضواء الكاشفة أخذت تسلّط على هذا الملف في الأيام القليلة الماضية.
اهتمام يفسّره إعلان المغرب عن تعيين وزير الصناعة والتجارة، الملياردير مولاي حفيظ العلمي، رئيسا للجنة التي ستتولى تقديم وترويج الملف المغربي؛ ثم البيان الذي أصدره مكتب الاستشارة الاستراتيجية البريطاني فيرو، وأعلن من خلاله حصوله على صفقة يتولى بموجبها إدارة حملة التواصل الدولي التي سيقوم بها المغرب دفاعا عن ملف ترشيحه.
أضواء كاشفة أخرى قادمة مما وراء المحيط الأطلسي، جاءت خلال الأسبوع الماضي، متمثلة في الصحف الأمريكية الكبرى، والتي حاولت كشف أسرار الترشيح المغربي ومكامن قوته المحتملة في مواجهة الملف الثلاثي، الأمريكي والكندي والمكسيكي.
عناصر الوصفة المغربية المحتملة، لتحقيق فوز وصفته المصادر بالمعجزة الحقيقية، والـكارثة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية. هذه الوصفة تتشكّل قاعدتها الصلبة من الكتلة الإفريقية، حيث باتت المملكة قريبة من حيازة إجماع رسمي للاتحادات الكروية الإفريقية المنتمية إلى الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. هذا الإجماع يصادف تحوّلا غير مسبوق في نظام تصويت الاتحاد الدولي على الدول المرشحة لاحتضان المونديال، حيث ستجري العملية للمرة الأولى عبر كتلة ناخبة تشمل جميع الاتحادات الكروية في العالم، والتي يفوق مجموعها 200 اتحاد، بعدما ظل الأمر مقتصرا على 24 دولة في السابق، وهم الذين كانوا يشكلون الجهاز التنفيذي للفيفا. أكثر من خمسين صوتا إفريقيا، يعني أكثر من ربع الكتلة الناخبة، وبالتالي خطوة كبيرة في الطريق نحو العاصمة الروسية موسكو، والتي ستحتضن بعد خمسة أشهر من الآن مؤتمرها الخاص باختيار مكان تنظيم مونديال 2026 .
صحف كبرى مثل نيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز، أكدت في تحقيقاتها ومقالاتها المنشورة هذا الأسبوع، على اعتبار التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي وصف فيها الدول الإفريقية واللاتنية بالأماكن القذرة، جاءت كهدية على طبق من ذهب لفائدة المغرب، خاصة بعدما خرج سفراء الدول الإفريقية لدى الأمم المتحدة، ببيان رسمي يهاجم واشنطن ويدعو للاعتذار. الجميل في هذا الأمر هو أن تصريحات ترامب الأخيرة جلبت عليه ولأول مرة، موقفا صريحا من دول حليفة كبرى لأمريكا، يقول إن تصريحات الرئيس الأمريكي غير مقبولة.
بعد الورقة الإفريقية، توجد ورقة العالم الإسلامي الذي يضم بدوره أكثر من 50 دولة، والذي يتّسم بنفور شبه عام من الولايات المتحدة الأمريكية، بسبب رئيسها دونالد ترامب. كل من نيويورك تايمز ولوس أنجلوس تايمز، أثارتا هذا الموضوع في تحقيق للأولى ومقال للثانية حول ملف الترشيح المغربي. الصحيفتان جسّدتا العداء الإسلامي لترامب، في قراره القاضي بمنع مواطني عدد من الدول الإسلامية من ولوج الأراضي الأمريكية، واعتبرتا أن ذلك أساء كثيرا إلى صورة واشنطن وصورتها في الدول الإسلامية. الجريدتان سكتتا عن سبب آخر قد يكون أكثر أهمية، وهو القرار الصادم الذي اتخذه ترامب، والقاضي بنقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل إلى القدس، واعتبار هذه الأخيرة عاصمة للدولة العبرية. هذا القرار تسبب في موجة غضب عارم في جميع الدول الإسلامية، وهي الموجة التي لم يغب عنها المغرب، بل تصدرها من خلال مسيرة شعبية كبيرة ودور دبلوماسي نشيط للملك بصفته رئيسا للجنة القدس. بل إن الأمر تسبب في جلسة تصويت شبيهة بما ستعرفه موسكو شهر يونيو المقبل، حين اجتمعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وصوتت بشبه إجماع ضد القرار الأمريكي.
كما أن ترامب تهجم على شريكه في ملف استضافة المونديال المكسيك, حيث يسعى لبناء جدار عازل لوقف هجرة اللاتين الى الولايات المتحدة الأمريكية , ووصفهم بأوصاف قدحية و نعثهم بالقذارة, رغم تهديدات المكسيك بالانسحاب من الملف المونديالي في حال تنفيذ وعيده الانتخابي.
وقالت الصحافة الأمريكية أنه رغم الضغوطات الكبيرة التي مورست على ترامب والاتحاد الأمريكي لكرة القدم، من قبل اتحاد الكونكاكاف للعبة، لتفادي نسف الملف المشترك، لكن ترامب بدا عازما على تجاهل مونديال 2026، وتنفيذ وعيده الانتخابي في أقرب وقت، ما يعني منح المغرب شرف تنظيم كأس العالم على طبق من ذهب، بما أنه سيصبح المرشح الوحيد لاحتضان الحدث العالمي.
وقالت المصادر إن إصرار ترامب على بناء جدار مع المكسيك سيفقد الملف الأمريكي المشترك لاحتضان مونديال 2026 مصداقيته، وسيضعفه أمام الملف المغربي.
نظام التصويت الجديد داخل الفيفا سيلعب دورا أساسيا، وترامب بتصريحاته المثيرة جعل أمريكا تبدو في صورة الدولة المتسلطة على العالم، وبالتالي فإن أغلب الدول ستنتهز أية فرصة لتظهر أنها تتمرد على هذه الدولة المتسلطة ولا تخضع لها.
في حين وجهت الصحافة الأمريكية أضواءها نحو المغرب في الأيام الأخيرة،واعتبرت في المقابل أن دولا وازنة دوليا مثل الدول الأوربية توجد ضمن قائمة حلفاء واشنطن. لكن نيويورك تايمز عادت لتقول إن الجانب الاقتصادي قد يجعل بعض الأوربيين يرجحون الترشيح المغربي، بالنظر إلى قربه من الجماهير أولا، ولأن المباريات ستتم في وقت الذروة بالنسبة للقنوات التلفزيونية، نظرا لكون التوقيت المغربي مماثل لأوربا، وبالتالي ستكون لشراء حقوق بث المباريات مردودية أكبر.
معطى آخر يصب في مصلحة المغرب الترشيح المغربي، يتمثل في قطر التي تدعمه بقوة وبشكل رسمي. الأمريكيون لم ينسوا بعد أن قطر التي تقل في مساحتها وعدد سكانها عن مقاطعة لوس أنجلوس حسب تعبير صحيفة لوس أنجلوس تايمز، كانت وراء هزم الترشيح الأمريكي السابق لاحتضان كأس العالم لسنة 2022. الدوحة ستجعل، حسب الصحف الأمريكية الكبرى، خبرتها وأجندة علاقاتها عبر العالم، في خدمة المغرب. بل إن المملكة أكدت عزمها سلك الطريق نفسها التي فازت قطر بفضله، عندما تعاقدت مع مكتب البريطاني فيرو للاستشارة والتواصل الدوليين.