شدد خبراء دوليون ، وأكاديميون من مختلف جامعات العالم ، مختصون في تتبع الحياة الإيكولوجية والتغيرات المناخية ، على ضرورة تفعيل قرارات خفض نسبة التلوث على المستوى العالمي، كما نصت عليها نتائج مؤتمر الكوب 22 الذي إنعقد بمدينة مراكش مؤتمر الأطراف (COP22) حسب اتفاقية الأمم المتحدة المبدئية بشأن التغير المناخي، وشاركت فيه 196 دولة، ما بين 7 و18 نوفمبر 2016. وذكرت ذات المصادر في تقرير باللغة الإنجليزية ، توصلت به “هاسبريس” أن زراعة الأشجار وحماية الغابات هو أمر له دور حيوي وأساسي في تخفيض الضغط على الغابات الرئيسية و الحفاظ على أماكن معيشة الكائنات الطبيعية و في الحد من تآكل التربة , و امتصاص CO2 مما يعني إبطاء عملية الاحتباس الحراري العالمية و أخيرا الحفاظ على التنوع الحيوي، و التوسع في استخدام مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الذرية و الطاقة الشمسية وطاقة الرياح على غرار تجربة المملكة المغربية بهذا الصدد ، في الدول الصناعية لتقليل الانبعاثات الناتجة من استخدام الوقود العادي . هذا، وعلى الرغم من وجود مشاكل موقعيه في تلوث الهواء بالغازات المعروفة كملوثات ,إلا أن التلوث في الهواء ببعض الملوثات الأخرى كمركبات الكلوروفلوركاربون و النظائر ذات النشاط الإشعاعي لا يمكن إن يقتصر على منطقة جغرافية محدده دون غيرها فالغلاف الجوي لعموم الكرة الأرضية هو قطاع واحد مشترك و لا توجد حدود أمام حركة الكتل الهوائية ,واستمرار انطلاق ملوثات ثابتة بيئيا مثل بعض الملوثات الكيمياوية أو الملوثات الإشعاعية فإنها تنتقل من مكان إلى آخر في عموم الكرة الأرضية و ترتفع إلى طبقات مختلفة الارتفاع في الغلاف الجوي مسببة إضرار بيئية مختلفة ,ومن مثل هذه المشاكل ذات الطابع العالمي في الانتشار و التأثير , هنالك مشكلتان رئيسيتان الأولى تعرف بالاحتباس الحراري وتتعلق بتراكم غاز ثنائي اوكسيد الكاربون وغازات أخرى في الغلاف الجوي ,و الثانية تعرف بمشكلة طبقة الأوزون ,وفي هذه المحاضرة سنتناول المشكلة الأولى إلا وهي الاحتباس الحراري .
الاحتباس الحراري GLOBAL WARMING
وأشار ذات التقرير أن الحديث تفاقم في الأوساط العلمية خلال السنوات الأخيرة عن ظاهرة الاحتباس الحراري أو التغير المناخي Global Climate Change أو ظاهرة البيوت الزجاجية أو الدفيئات باعتبار إن كلمة الدفيئة هي تعريب لكلمة البيت الزجاجي وفق السياق المتبع في بعض الأقطار العربية . ومهما تكن التسمية فان المشكلة واحدة ، وتتعلق بزيادة تراكيز ثاني اوكسيد الكاربون في الغلاف الجوي وهذا الغاز غير سام للأحياء وهو يوجد في الهواء بنسبة حجميه تساوي 0,032% في الهواء الجاف وغير الملوث في المناطق النائية عن الأنشطة البشرية وهذا الغاز هو أساس ديمومة الإنتاج الغذائي على سطح الأرض إذ تقوم النباتات بواسطة البناء الضوئي بتحويله الى المواد العضوية المعقدة كالسكريات و النشويات و الدهون و البروتينات النباتية .
وتعرف ظاهرة الاحتباس الحراري بأنها الزيادة التدريجية في درجة حرارة أدنى طبقات الغلاف الجوي المحيط بالأرض كنتيجة لزيادة غازات الصوبة الخضراء و التي يتكون معظمها من بخار الماء و ثاني اوكسيد الكربون والميثان والأوزون و اوكسيد النتروز ,وغازات الصوبة الخضراء هي غازات طبيعية تلعب دورا هاما في تدفئة سطح الأرض فبدونها قد تصل درجة حرارة الأرض مابين (19-15 )درجة مئوية تحت الصفر حيث تقوم تلك الغازات بامتصاص جزء من الأشعة تحت الحمراء التي تنبعث من سطح الأرض كانعكاس للأشعة الساقطة على سطح الأرض من الشمس وتحتفظ بها في الغلاف الجوي للأرض لتحافظ على درجة حرارة الأرض في معدلها الطبيعي . لكن مع التقدم في الصناعة ووسائل النقل منذ الثورة الصناعية وحتى الآن مع الاعتماد على الوقود الاحفوري على غرار الفحم و البترول والغاز الطبيعي كمصدر أساسي للطاقة و مع احتراق هذا الوقود لإنتاج الطاقة بدأت تزداد غازات الصوبة الخضراء بكميات كبيرة تفوق ما يحتاجه الغلاف الجوي للحفاظ على درجة حرارة الأرض وأدى وجود تلك الكميات الإضافية من تلك الغازات إلى الاحتفاظ بكمية أكبرمن الحرارة في الغلاف الجوي وبالتالي من الطبيعي أن تبدأ درجة حرارة الأرض في الزيادة .
كيفية حدوث الاحتباس الحراري
من المعلوم ، أن الطاقة الشمسية هي عبارة عن أمواج كهرومغناطيسية تتكون من أطوال موجية منها ما هو محصور في مدى ضيق جدا كالأشعة المرئية بواسطة العين البشرية و المحصورة أطوالها الموجية ما بين “400-780” نانوميتر أما الموجات الأقصر من ذلك فتعرف بالأشعة فوق البنفسجية وما دونها هي أشعة اكس وأشعة غاما أما الأطوال الأكبر من 780 نانوميتر فتعرف بالأشعة تحت الحمراء وهي الحرارة . ان الأشعة المرئية لها قدرة على اختراق طبقات الغلاف الجوي دون مقاومة تذكر كما تستطيع بنفس الطريقة اختراق زجاج النوافذ و الوصول الى الداخل بعكس الأشعة تحت الحمراء التي ليس لها القدرة على ذلك , ومن الحقائق المعلومة إن اصطدام موجات الأشعة المرئية بأي حاجز يؤدي إلى تحولها إلى حرارة وبهذه الطريقة فان الأشعة المرئية في ضوء الشمس و الداخلة إلى جو الأرض (ومثلها الأشعة المرئية الداخلة إلى الدفيئة أو البيت الزجاجي) تتحول غالى حرارة بعد آن تصطدم بالموجودات فتبقى حبيسة في الداخل وفي الغلاف الجوي يعمل CO2 و الغازات الأخرى القابلة على الحبس الحراري بنفس الطريقة وكلما ازدادت تراكيزها في الغلاف الجوي كلما زادت كمية الحرارة المحتبسة في جو الأرض.
غازاتٌ مسببةٌ للاحتباس الحراري
يُعــدُ غاز co2 من أخطر الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وينتجُ هذا الغاز من احتراق الوقود كالفحم و البترول والغاز الطبيعي ، ومن تنفس الأحياء و تخمر المواد السكرية فضلا عن عمليات إحراق القمامة وعليه فهو ينتشر في الفضاء بغزارة و لكن عملية الاتزان البيئي تذيبه في البحار و المحيطات مكونة حمضا ضعيفا هو حمض الكاربونيك و الذي يتفاعل بدوره مع بعض الرواسب مكونا بيكربونات و كربونات الكالسيوم ,وتساهم النباتات في استخدام جزء كبير من ثنائي اوكسيد الكربون في عملية البناء الضوئي غير إن اجتثاث الغابات و استبدالها بغابات الاسمنت أدى إلى فقدان التوازن الطبيعي و بالتالي زيادة نسبة ثنائي اوكسيد الكربون في الهواء .
ثم غاز الميثان CH4 حيث ينتج هذا الغاز من عمليات الاحتراق وتحليل البكتريا للعناصر العضوية وخاصة في مواقع تجمع النفايات والذي تتزايد درجة تركيزه بمعدل سنوي مقداره 1% تقريبا ونسبة امتصاصه للأشعة تحت الحمراء 15% وعندما ينتقل غاز الميثان إلى طبقة الستراتوسفير فانه يتحلل إلى كربون و هيدروجين حيث تتحد ذرات الكربون مع الأوكسجين ليكون CO2 أما الهيدروجين فيتحد مع الأوكسجين ليكون بخار الماء لذا فان غاز الميثان يتجاوز في قابليته كغاز طبيعي المنشأ قابلية CO2 بثلاثين مرة لكنه لحسن الحظ اقل تركيزا في الغلاف الجوي . ومن المهم الإشارة إلى أن هنالك غازات أخرى في الغلاف الجوي لها مثل هذه القابلية بل وأكثر من هذين الغازين ومنها بخار الماء و اوكسيد النتروز ومركبات الكلوروفلوروكاربون و تفوق القدرة النسبية لكل منها على حبس الحرارة قدرة غاز ثنائي اوكسيد الكاربون الذي تساوي قدرته (1) في حين ان قدرة غاز الميثان تساوي (3) ,اوكسيد النتروز (240) , كلوروفلوروكاربونF22 (2000) ,كلوروفلوروكاربون F11 (8600) ,كلوروفلوروكاربون F12(1800) . ويتضح من المباحث المختبرية والعلمية المتكررة والدقيقة، أن غازات عديدة أخرى لها، يعيش العالم تحت وطأتها وخطورتها، لما لها من القدرة على خلق الإحتباس الحراري وتفوق في قدرتها غاز ثاني اوكسيد الكاربون بآلاف المرات خصوصا مركبات “الكلوروفلوروكاربون” المتعددة الأشكال إلا إن هذه الغازات لا تذكر دائما كمسببات لهذه الظاهرة بسبب انخفاض تركيزها في الغلاف الجوي وقلة مصادرها على سطح الأرض مقارنة بغاز ثنائي اوكسيد الكاربون .
آثار الإحتباس الحراري
وما من شكـ أن إرتفاع نسبة الإحتباس الحراري ، يؤدي إلى ارتفاع نسبة الأمراض التي تنقلها الحشرات ، وزيادة نسبة ضحايا الإصابة بضربات الشمس، و ازدياد حالات الإصابة بالتسمم الغذائي . كما يعكس عواقبه الوخيمة على مصادر الغذاء التي يعتمد عليها الإنسان في معيشته مثل الأسماك، و انخفاض نوعية وسلامة مياه الشرب في بعض المناطق من العالم ، بسبب ارتفاع درجات الحرارة مما يؤدي الى ارتفاع نسبة الأمراض . ومنذ ما يزيد عن عقدين من الزمن، فقد رصدت معظم المراصد الدولية والمختبرات العالمية المتخصصة في متاابعة الشأن البيئي ، ارتفاع حرارة مياه المحيطات خلال الخمسين سنة الأخيرة، وتناقص التواجد الثلجي وسمك الثلوج في القطبين، وارتفاع مستوى سطح البحر 48 سم مما يمكن أن يهدد المباني و الطرق وخطوط الكهرباء وغيرها من البنى التحتية ، وطول مدة موسم ذوبان الثلوج وتناقص مدة موسم تجمده .و ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض بمعدل درجة مئوية واحدة وقد حدث 80%من هذا الارتفاع منذ عام 1800، بينما حدث 50%من هذا الارتفاع منذ عام 1900 وهذا الارتفاع يؤدي الى انخفاض إنتاجية النباتات، وانقراض أنواع كثيرة من الطيور و النباتات وذلك لصعوبة تأقلم الكائنات التي تعيش في المناطق المتجمدة مع سرعة ارتفاع درجة حرارة الأرض .
وقد أكد ذات التقرير الذي توصلت به “هاسبريس” أن نحو 70 نوعا من الضفادع انقرضت بسبب التغيرات المناخية كما إن الأخطار تحيط بما بين 100 إلى 200 من أنواع الحيوانات التي تعيش في المناطق الباردة . كما أشار التقرير أن ارتفاع درجة الحرارة يؤدي إلى زيادة معدل انتشار الأمراض المستوطنة مثل الملاريا و الكوليرا بسبب هجرة الحشرات الناقلة لها من أماكنها في الجنوب نحو الشمال وكذلك بسبب ارتفاع الحرارة و الرطوبة ونقص مياه الشرب النظيفة، وزيادة الأراضي القاحلة و انخفاض الإنتاجية الزراعية كنتيجة مباشرة لزيادة نسبة الجفاف .