مناظرة وطنية بالرباط لتقوية دور العلوم الإنسانية
هاسبريس :
أكد المشاركون في مناظرة نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية لجامعة محمد الخامس بالرباط على مدى ثلاثة أيام بشراكة مع اللجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم والثقافة ومنظمة اليونسكو بالرباط، على أهمية تعزيز مكانة ودور العلوم الإنسانية والاجتماعية في المجتمعات المعاصرة، خاصة في ظل التحديات التي تواجه هذه العلوم اليوم والتغيرات في الخطاب الذي يمارس عليها.
وتناولت معظم المداخلات التي عرفتها أشغال المناظرة، مستقبل تدريس العلوم الإنسانية والاجتماعية في عالم يطغى عليه منطق النفعية والربح السريع ، وأهمية هذه العلوم كقاطرة لسائر المعارف والتخصصات، بالنظر للدور الذي تلعبه فيما يخص الانفتاح والنقد الاجتماعي،والتثقيف والحفاظ عن الموروثات الإنسانية، كما تطرقت مداخلات أخرى إلى أهمية العلوم الإنسانية في تهديب وتحسين مناحي التغيرات السريعة والعميقة على جميع الأصعدة ، والمحافظة على الحقائق الفنية والثقافية والاجتماعية والبيئية الجديدة في عالم صار أكثر ارتباطا وأكثر خضوعا بهيمنة القوى الاقتصادية،مما بات يهدد القيم الإنسانية التي كانت مفتاح إستمرار النبع الإنساني في مختلف مراحل تاريخ البشرية . في ذات السياق، أوضح جمال الدين الهاني،عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، إن هذه المناظرة تهدف إلى فتح نقاش وطني حول وضع ومستقبل التعليم والأبحاث في العلوم الإنسانية والاجتماعية، بالإضافة إلى الفرصة التي تقدمها من حيث تأكيدها على الدور الذي لا جدال فيه الذي تلعبه هذه العلوم في وقتنا الحالي.
وشدد الهاني، آن الأوان من أجل إدراك أن العلوم الإنسانية والاجتماعية تعتبر أدوات قيمة وأساسية للتفكير ومواكبة التحولات المجتمعية والمساهمة في بلورة توجهات جماعية خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الندوة التي يشارك فيها عدد من الأساتذة والباحثين في هذا الميدان، أن أهمية العلوم الإنسانية والاجتماعية تتجلى في كونها قاطرة نماء والركيزة الأولى للتقدم، خاصة وأن علوم التكنولوجيا الحديثة لم تعد قادرة على الإجابة عن تساؤلات الإنسان ومعالجة قضاياه الفردية والجماعية وإيجاد حلول لمشاكله ولما يعيق إبراز إنسانيته.
من جانبه ، أبرز الأمين العام المساعد للجنة الوطنية المغربية للتربية والعلوم الثقافية، محمد بن عبد القادر، أن هذه المناظرة تعد فرصة متجددة لتأكيد الدور الأساسي للعلوم الإنسانية والاجتماعية في تفتح الذهن وتنمية الوعي النقدي، والوقاية من مختلف مظاهر التطرف والتشدد والتعصب، و لمساءلة المسارات التعلمية والتكوينية والبحثية والمهنية لمجال العلوم الاجتماعية والإنسانية، ولتشريح مختلف التمثلات التبخيسية والإقصائية التي ينتجها الخطاب الرائج حول هذه العلوم.
وفي نفس السياق، دعا صالح خالد، ممثل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) بالمغرب العربي، إلى أهمية إعادة التفكير في العلوم الاجتماعية والإنسانية في عالم متغير، من خلال المناقشة والحوار على كل المستويات، مبرزا أن هذا الهدف هو الذي تتوخاه مثل هذه المؤتمرات الرامية إلى مواكبة العصر الجديد.إن “العلوم الاجتماعية والإنسانية من تاريخ وآداب وفلسفة وجغرافيا وشرائع وتاريخ فكر وفنون تعبيرية وتشكيلية توجد في صلب الجهود التي تبذلها المنظمة، من أجل التكيف مع التغيرات التي يعرفها العالم”، مضيفا أنه في ظل هذه التغيرات التي تعرف مستويات مختلفة من التعقيد والتناقض لم يسبق لها مثيل، تتجلى أهمية العلوم الاجتماعية من خلال إعداد الأفراد والمجتمعات المحلية لمواجهة التوترات الناتجة عن هذه التغيرات عبر تمكينهم من فهمها، والتكيف معها، والاستجابة لها.