منذ قمة الأرض بريو دي جانيرو،أصبحت المحافظة على البيئة من بين الأولويات الاستراتيجية الدولية المصاحبة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وقد كان التنوع البيولوجي من بين النقط الأساسية المطروحة التي تمت مناقشتها خلال مؤتمر ريو والتي توصلت إلى المصادقة على الاتفاقية الدولية للتنوع البيولوجي.
وقد وقع المغرب خلال هذه القمة على اتفاقية التنوع البيولوجي والمصادقة عليها في سنة 1995 ليؤكد على الأهمية القصوى التي يوليها بلدنا لثروته الحية ولموارده البيولوجية سواء منها النظم الإيكولوجية أو الأصناف الحية. إذ تعتبر هذه الموارد الأعمدة الأساسية لكل تنمية اقتصادية واجتماعية، خاصة وأن المغرب يعد بلد فلاحي ويحتوي على واجهتين بحريتين تقدر بـ 3500 كلم من السواحل. كما تشكل الفلاحة والغابات والموارد البحرية، القاعدة الأساسية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية للمملكة.
الدراسة الوطنية للتنوع البيولوجي:
وحتى يتسنى لنا معرفة حالة التنوع البيولوجي في المغرب ومن تم وضع استراتيجية وطنية لحمايته والمحافظة عليه، قام قطاع البيئة بإعداد دراسة وطنية للتنوع البيولوجي تهدف إلى: • جمع وتحليل البيانات المتاحة عن التنوع البيولوجي؛ • إنشاء قوائم جرد لفئات مختلفة من عناصر التنوع البيولوجي الوطني؛ • تحديد الأنواع المعرضة للانقراض بالإضافة إلى درجات التهديدات؛ • تقييم المنافع الاجتماعية والاقتصادية للتنوع البيولوجي وتحليل التشريعات والمؤسسات. وقد مكنت نتائج هذه الدراسة من معرفة أن المغرب يزخر بتشكيلة غنية من عناصر التنوع البيولوجي سواء على مستوى النبات والوحيش أو على مستوى النظم الايكولوجية. وفيما يلي بعض نتائج الدراسة: • تحديد أكثر من 24000 نوع من الحيوانات وأكثر من 7000 نوع من النباتات؛ • معدل التوطن العام هو 11٪ بالنسبة للحيوانات وأكثر من 20٪ بالنسبة للنباتات؛ • 600 نوع من الحيوانات مهددة بالانقراض؛ • 1700 نوع من النباتات مهددة بالانقراض.
الاستراتيجية وبرنامج العمل الوطني حول التنوع البيولوجي:
ومن أجل التصدي للضغوطات التي يتعرض لها التنوع البيولوجي، ومن أجل تطبيق بنود الاتفاقية الدولية حول التنوع البيولوجي، عمد المغربسنة 2004إلى وضع استراتيجية وبرنامج عمل وطني حول التنوع البيولوجي تهدف إلى الحماية والمحافظة والاستعمال المستديم للتنوع البيولوجي والذي يترجم السياسة المغربية في مجال البيئة والتنمية المستديمة بصفة عامة وفي مجال التنوع البيولوجي بصفة خاصة. وترتكز هذه الاستراتيجية حول خمسة أهداف محورية: 1. التدبير العقلاني والاستغلال المستدام للموارد البيولوجية. 2. تحسين المعرفة في ميدان التنوع البيولوجي والتكوين. 3. التحسيس والتربية. 4. تعزيز القوانين والمؤسسات. 5. تعزيز التعاون الدولي.
تحيين الاستراتيجية الوطنية لحماية التنوع البيولوجي والاستعمال المستدام (2015):
عرفت سنة 2015 تحيين الاستراتيجية الوطنية وبرنامج عمل وطني للتنوع البيولوجي، بعد أن اعتمد المؤتمر العاشر للأطراف في اتفاقية التنوع البيولوجي الذي انعقد في أكتوبر 2010 في ناغويا باليابان، الخطة الاستراتيجية المنقحة وأهداف آيشي لحماية التنوع البيولوجي للفترة من 2011 إلى 2020 من أجل اتخاذ الإجراءات الفعالة والعاجلة لوقف فقدان التنوع البيولوجي على المستوى العالمي، وذلك ضمانا لبقاء نظم إيكولوجية، بحلول سنة 2020، قادرة على التحمل وتواصل تقديم الخدمات الضرورية وتساهم في رفاه البشر والقضاء على الفقر. وتتمثل رؤية الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي في “الحفاظ على التنوع البيولوجي واستعادته وتقييمه واستخدامه بشكل رشيد، وضمان صيانة خدمات النظم الإيكولوجية لمصلحة الجميع، مع المساهمة في التنمية المستدامة والمستدامة لرفاه المجتمع المغربي بحلول 2030 “.
ومن أجل تفعيل هذه الرؤية، تتكون الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي المنقحة من ستة محاوراستراتيجية، مقسمة إلى (26) هدفًا:
1. تعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي والنظم الايكولوجية والخدمات التي تقدمها. 2. ضمان الاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والموارد البيولوجية. 3. المساهمة في تحسين ظروف عيش الناس من خلال التنفيذ الفعال للاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي. 4. توحيد تدبير التنوع البيولوجي. 5. تحسين وتثمين وتقاسم المعرفة العلمية حول التنوع البيولوجي. 6. تشجيع المواطنين على تغيير السلوكيات فيما يتعلق بالتراث الوطني للتنوع البيولوجي. وقد تم وضع برنامج عمل، بانخراط جميع الإدارات المركزية المعنية والمعاهد العلمية والمجتمع المدني لتفعيل هذه الاستراتيجية، بحيث يضم 154 إجراء تساهم في تنفيذه جميع الوزارات المعنية لبلوغ الأهداف المسطرة.
ومن جهة أخرى، فقد تم إعداد التقرير السادس حول مدى تنفيذ اتفاقية التنوع البيولوجي والاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي، الذي خلص إلى بعض التوصيات لتسريع إحراز التقدم نحو تحقيق الأهداف الوطنية، من بينها: 1. تعزيز الحكامة وإدماج معطى التنوع البيولوجي في السياسات والاستراتيجيات القطاعية؛ 2. مواءمة الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة؛ 3. وضع نظام للرصد والتقييم المستمرين للاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي واستخدام المؤشرات المقترحة كأداة للتقييم؛ 4. تركيز الجهود على أهداف الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي؛ 5. تطوير البحوث وإدماج المفاهيم المبتكرة لتحقيق مناهج جديدة؛ 6. تعزيز تبادل الآراء والتقييمات الخاصة بالمشاريع التجريبية، فضلا عن المبادرات المحلية؛ 7. مواصلة جهود التعاون الدولي وتقوية موقع المملكة المغربية على الصعيد الدولي؛ 8. تعزيز الوصول إلى المعارف وتقاسمها مع أكبر عدد ممكن من الفاعلين، بما في ذلك عن طريق توسيع نطاق جهود الاتصال والتوعية؛ 9. مواصلة الجهود لتحديث المعرفة. وبخصوص تحديث المعرفة، ستشرع كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، بداية من هذه السنة، في تحيين الدراسة الوطنية للتنوع البيولوجي حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار مخرجاتها في صياغة الاستراتيجية الوطنية للتنوع البيولوجي لما بعد 2020.
الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة (2015-2030):
وتتضمن الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 7 تحديات رئيسية بما في ذلك التحدي الذي يهدف إلى تحسين تدبير وتنمية الموارد الطبيعية مع تعزيز حفظ التنوع البيولوجي، بما في ذلك حماية وتنمية المناطق الرطبة. ويتضمن هذا التحدي عدة تدابير تهدف إلى تقوية سياسات المحافظة على التنوع البيولوجي وإعادة تأهيل المناطق الهشة. ومن بين هذه التدابير نذكر منها: توسيع شبكة المناطق المحمية بالرفع من عددها ومساحتها؛ إعطاء أولوية خاصة للأنظمة الإيكولوجية الغنية بالأنواع المتوطنة والنادرة والمهددة والمتميزة وذات القيمة التراثية والاقتصادية والسوسيو اقتصادية خاصة بالمناطق الرطبة؛ تعميم عمليات التتبع والتقييم للتنوع البيولوجي عن طريق الاختيار الملائم للمؤشرات البيولوجية؛ الرفع من الموارد المالية المخصصة للمحافظة وحماية التنوع البيولوجي خاصة الوسط البري والمناطق الرطبة والوسط البحري؛ تدعيم برنامج محاربة زحف الرمال وتحسين الغطاء النباتي في المناطق الهشة والمناطق الرطبة، الإنتهاء منالجرد الوطني للمناطق الرطبة وتحديد المواقع ذات الأولوية لتصنيفها كمناطق محمية وتزويدها بمخطط التهيئة والتدبير المستدام؛ توفير الحماية للمناطق المحمية والمواقع ذات الأهمية البيولوجية والإيكولوجية ومواقع رامسار من أي مشروع له آثار سلبية قوية بما في ذلك المشاريع الحضارية والصناعية والسياحية؛ تفعيل القوانين ونشر النصوص التطبيقية الخاصة بالقانون المتعلق بالمناطق المحمية وبالقانون المتعلق بالأنواع المهددة بالانقراض.
آلية تبادل المعلومات حول التنوع البيولوجي (CHM):
ومن أجل تسهيل التنسيق والاتصال والتعاون بين المجتمع العلمي والقطاعات الحكومية والإدارات والمنظمات غير الحكومية والجماعات المهنية على المستويات الوطنية والدولية، وعملا بالفقرة 3 من المادة 18 من الاتفاقية المتعلقة بالتنوع البيولوجي، قام المغرب بإنشاء آلية تبادل المعلومات حول التنوع البيولوجي من خلال شبكة الانترنت منذ سنة 2004. بالإضافة إلى معرفة ونشر التقدم المحرز في تنفيذ اتفاقية التنوع البيولوجي، فإن الهدف من هذه الآلية هو جعلها واجهة وطنية تعرف بغنى التنوع البيولوجي بالمغرب وكذلك بالمجهودات المبذولة في هذا الميدان ونشر الدراسات والأبحاث التي قامت بها المؤسسات العلمية وغيرها على المستوى الوطني والتي يتعذر غالبا الوصول إليها والتي ينبغي الاستفادة منها وتيسير اقتنائها عن طريق آلية تبادل المعلومات. وقد حاز المغرب على الجائزة الثالثة لأفضل آلية وطنية لتبادل المعلومات في مجال التنوع البيولوجي خلال احتفال أقيم على هامش الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر الأطراف (كوب 14) المنعقد بشرم الشيخ بجمهورية مصر العربية في الفترة من 14 إلى 29 نونبر 2018. وتمنح هذه الجائزة للأطراف التي حققت أكبر تقدم في إنشاء آلياتها الوطنية لتبادل المعلومات أو تحسين كفاءاتها في الاجتماعات الثالث عشر والرابع عشر لمؤتمر الدول الأطراف.
تعزيز الترسانة القانونية لحماية الموارد الجينية بالمغرب:
ومن أجل حماية الموارد الجينية من الاستغلال والقرصنة، تم إعداد مشروع قانون رقم 56-17 بخصوص الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها والمعارف التقليدية المرتبطة بها، والذي يوجد حاليا في الأمانة العامة للحكومة. ويهدف مشروع القانون إلى تنظيم شروط وإجراءات الحصول على الموارد الجينية على الصعيد الوطني وضمان التقاسم العادل والمنصف للاستخدام لهذه الموارد، بما فيها جميع المعارف التقليدية المرتبطة بها. وفي إطار تنفيذ بروتوكول ناغويا حول الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها، ومن أجل تثمينها، قامت الوزارة بعدة أنشطة ودراسات من بينها: • دراسة تتعلق بالتقييم الاقتصادي للموارد الجينية بالمغرب من أجل تثمينها. • دليل الممارسات الجيدة للتقاسم العادل في إطار بروتوكول ناغويا. • دراسة حول تدابير حماية وتعزيز المعارف التقليدية المرتبطة باستعمال الموارد الجينية ووضع إجراءات لجرد هذه المعارف التقليدية في المغرب. • دراسة تتعلق بجرد المعارف التقليدية المرتبطة بالموارد الجينية.
• تنظيم قافلات توعوية وتكوينية حول” الحصول على الموارد الجينية والتقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدامها” لفائدة ممثلي المجتمع المدني والمسؤولين المنتخبين وقطاع البحث العلمي على المستوى المحلي في كل من كلميم واكادير ومراكش والرباط والدار البيضاء ووجدة وطنجة ومكناس.