الزيارات الملكية لدول إفريقيا رسالة بناءة لخدمة التعاون ‏والتنمية

هاسبريــس ‏

 

يحرص صاحب الجلالة الملك محمد السادس على إيلاء اهتمام خاص ونوعي للتعاون جنوب- ‏جنوب، وما جولته الأخيرة بعدد من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء، إلا مثال حي على المكانة ‏المتميزة التي يوليها جلالته للتعاون مع هذه البلدان.‏

فتاريخ علاقات المملكة المغربية مع دول إفريقيا متجذر منذ سنين، ورسخ ديمومتها بشكل لافت عبر ‏التاريخ، الدين الإسلامي ومسار المبادلات التجارية والتدفقات البشرية.‏

ويبرز التزام المغرب بتعزيز بعده الإفريقي من خلال عزمه الراسخ على بلوغ تحديات التنمية ‏والاستقرار والديمقراطية، إذ منذ الاستقلال جعل المغرب من تطوير علاقاته مع البلدان الإفريقية، ‏رهانا حقيقيا للتعاون البيني، وتعزيز شراكة استراتيجية حقيقية تقوي التعاون جنوب – جنوب وتخدم ‏التنمية المستدامة على نحو أفضل.‏

وتتجسد أهمية العمق الاستراتيجي للجوار الإفريقي في السياسة الخارجية المغربية من خلال مجالات ‏عدة، وهو ما تجسد فعليا في عزم المملكة استعادة موقعها الطبيعي على مستوى منظمة الاتحاد ‏الإفريقي والنهوض بدورها المؤسساتي في الدفاع عن قضايا القارة على كافة المستويات.‏

فمنذ تربعه على عرش أسلافه المنعمين سنة 1999 ، لم يتوان جلالة الملك في تثبيت دعائم توجهات ‏علاقات المملكة مع دول القارة الإفريقية، والتي ترتكز على ثوابت القرب والالتزام والتضامن ‏والتعاون المشترك.‏

وفي هذا الصدد، قدم جلالة الملك المثال الساطع من خلال جولاته المتعددة في القارة الإفريقية، ‏والتي أسفرت عن إرساء شراكات اقتصادية بينية وتطوير الإطار القانوني للتعاون، والذي يزيد حاليا ‏عن 500 اتفاقية مع أكثر من أربعين دولة في إفريقيا جنوب الصحراء.‏

وتشمل مذكرات التعاون والاتفاقيات الثنائية الموقعة مع مجموعة من البلدان الإفريقية مختلف ‏مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبشرية، من قبيل محاربة الفقر والتنمية الزراعية ‏والصيد البحري والتعليم والصحة والتكوين وتدبير المياه وتكنولوجيا الإعلام والتدبير المالي ‏والبنكي وتكوين الأئمة.‏

ومنذ سنة 1999 ، ما فتئت العلاقات التجارية والاقتصادية للمملكة مع بلدان إفريقية تتبلور والحوار ‏السياسي يزداد تطورا ورسوخا، بل إنه بات يشكل تحديا وضرورة مطلقة بالنسبة للمغرب الذي ‏يمضي قدما نحو تفعيل تعاونه المشترك مع دول إفريقيا على أكثر من مستوى.‏

وفي هذا الصدد، تمثل الوكالة المغربية للتعاون الدولي المحدثة سنة 1986 ، قاطرة حقيقية للتعاون ‏جنوب- جنوب وأداة ناجعة لتعزيز التعاون المغربي الإفريقي، وخصوصا في مجال تكوين الموارد ‏البشرية، إذ بفضل جهودها الملموسة بات أكثر من 8000 طالب إفريقي من 42 بلدا يتابعون ‏دراستهم الجامعية بالمغرب، نسبة كبيرة منهم تستفيد من منح مغربية.‏

كما يشكل الحس التضامني للمغرب مع البلدان الإفريقية، خصوصا خلال فترات المحن والأزمات، ‏نموذجا ساطعا للتعاون مع البلدان الإفريقية، وهو ما تجسد في إعلان جلالة الملك عن قرار الإلغاء ‏الكامل لمديونية البلدان الأقل نموا، والإعفاء من الحقوق الجمركية لصادرات هذه البلدان من ‏المنتجات.‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.