مراكش تلكـ الحاضرة التي في خاطري

العـربي لعـضام : 

إنها مدينة المرايا المجلـُوة الفاتنة، التي لا أحد مند البدايات الأولى للكونيات والأزمنة الغابرة ما قبل الرسالات المتعاقبة في الوحي. ولا البطولات المتناسلة من رحم الأساطير، وملاحم الفرسان المبجلين، عرفوا كُنه سرها السرمدي وسحر عمرانها المُتـمـايـس، عبر متاهات كل المدارات المسافرة عبرالأزمنة السحيقة.

هي مدينة التاريخ والألواح المحفوظة، والصامدة والتي مهما تربص المتربصون، وتلصص ضدها الفضوليون، وتأجج سعير شر الكراهية في مجاري مُقل المفسدين، لن يستطيعوا فكـ شفيرة أبعاد مراياها البلورية المتربعة على هودج العشق الأبدي، والتي تتغنى بسمو لونها الأحمر القاني البادخ الذي يستمد نخوته من صلصال جبروت صفائح الجبال الأطلسية الشامخة في العنان وهي ترع ىسفوحها الثملى بربيع الحب.

هي دائما، مراكش المدينة الحمراء حاضرة العشق والالهام والملاذ الآمن للمغتربين والعابرين المرابطين، هي مرصد الحكمة والقلم والابتلاء، ومرقد الصالحين ومهوى أفئدة الأقطاب من عباد الله، ومقصد التائبين ممن يلتمسون العفو، وينشدون اكـتـناه أسرارها الخالدة.

فقد ولدت مراكش الحاضرة الفيحاء لتبقى شاهدة على التعاقب والخصوبة وتأصيل الأصول، لا لتصير رهينة حصارالريع والاستسلام …

فـــكثيرون هم من استوطنوا مراكش واستشعروا نبضها واغرقوها بالوهم يحملون معهم نوايا مشاريع وهمية ومؤامرات خلفية، حيث تفننوا في حياكتها ونسجها لكــبح جماح إستمرارعنفوانها، وتجددها والحد من تفاعل أنفاسها العامرة بالحياة،والمفعمة بالتنوع، وسعوا إلى التضييق على انتشار صدى خامات أصواتها المتألقة، لكن المدينة الحمراء ، كانت كلما حلت بها ضائقة أوجائحة تنتفض كطائر الفنيق من رمادها، لتتوهج من جديد وعلى الدوام دونما الحاجة إلى من يدعي القدرة على منحها الحياة مرة اخرى؛ إذ تملك عبقرية الانبعاث وجبروت التحدي الأكبر، وتحمي حقوق المخلصين من بناتها وأبنائها واللاجئين إليها،الواردين من منابعها، حيث تصون كرامتهم من بغي المتربصين وافتراء المنافقين وتطاول الفضوليين، الذين سرعان ما يتعرضون للانحدار والسقوط ، ويقبرون في بؤر النسيان المطلق ويضمحلون كزبد البحر، كالفقاعات، و يتطايرون مثل العهن المنفوش.

أنتِ يا مراكش، أيتها الحاضرة الحمراء أيتها الفاتنة التي هبطت إلى الأرض من عالم التألق والإبداع والخيال …لك المجد والخلود يا مدينة الوجدان والأمل والصباحات التليدة، وعبق الذكريات … يا مدينة المرايا البلورية الساطعة، ومأوى الفصول الأربعة، وانت يا مسقط الرأس و منبع المروءة والقيم النبيلة؛ والفضيلة .

ولـــكِـ يا حاضرة الرجال السبعة، يا مدينة الحضارة ، كل الحب والتبجيل والاحترام.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

1 تعليق

  1. محمد معتصم العلوي يقول

    الاخ المريد العاشق المتيم حد الهوس الصوفي للمصونة مدينة الاشعاع الحضاري عبر القرون ،مراكش التاريخ !ينبوع لا ينضب لافراز من الناس من يعلم ربما كينونة واسرار هذه المدينة ! التي لا تبوح باسرارها الا لزمرة قليلة من العشاق الحقيقيين ! مهما قيل ويقال فلن يوفيها حقها الازلي كمنارة او مأوى للابداع ان على مستوى الكلمة والادب والتاريخ او الفن بكل اصنافه ، لم الف تحية اخوية مراكشية خالصة من متيم ايضا بمسقط رأسه….

Odpowiedz na 1 |

إلغاء التعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.