اسدل مساء يومه السبت 29 أكتوبر الفارط الستار على فعاليات ملتقي مدينة ازيلال الوطني للشطرنج ، من خلال حفل بقاعة الرياضات بالمدينة ، الحفل ترأسه امحمد عطفاوي عامل الإقليم على رأس رفقة مصطفي امزال رئيس الجامعة الملكية المغربية للشطرنج و وفد رفيع المستوى، وباقي الأعضاء الجامعيين و عددا من الضيوف ، و ذلك بعد اسبوع من اللعب و التباري من أجل الفوز بأحد ألقاب البطولة الفردية المفتوحة للشطرنج للرجال و السيدات في الأصناف الثلاثة ، الخاطف و السريع و الكلاسيكي.
و أثناء جولته داخل القاعة رفقة رئيس الجامعة، وقبل توزيع الكؤوس على الفائزات والفائزين، استمتع امحمد عطفاوي عامل إقليم أزيلال، لكافة الشروحات وإطلع على الأهداف المتوخاة من تنظيم الملتقى، وطبيعة وتنوع المُتبارين والمُتباريات فيه،كما وقف على طرق اللاعبات واللاعبين ممن كانوا يخوضون فصول الجولة الأخيرة في صنف الشطرنج السريع بهذا الملتقى الوطني .
إلى ذلكــ ، إستطاع ملتقي مدينة ازيلال الوطني للشطرنج،أن يخطف الأضواء والإهتمام، ليُسجَّـل كعلامة مميزة للإقليم نتيجة دعم وانخراط مصالح عمالة الإقليم التي تكلفت بتمويل الملتقى،بالإضافة الى الإشراف الميداني للعامل شخصيا وطاقمه الإداري،ومصالح العمالة فضلا عن مختلف ممثلي السلطة المحلية و المصالح الخارجية للوزارات، حيث تم توفير التغدية و النقل و السكن بفنادق المدينة لاكثر من 360 مشاركة و مشارك. في ذات السياق، لم يخف مصطفي امزال،رئيس الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، والمنظم الدولي المعتمد من طرف الإتحاد الدولي للشطرنج،ورئيس الاتحاد المغاربي للشطرنج، تثمينه لهذا الملتقى الوطني للشطرنج،بمدينة أزيلال ، وعمق الإهتمام وحسن الاستقبال وكرم الضيافة الذي حظي به المشاركات و المشاركين من طرف عامل إقليم المذكور، ورئيس جماعة مدينة أزيلال، مما مكن الملتقى من النجاح والتميز.
كما عرف حفل الاختتام توقيع بروتوكول بين مديرية التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة بأزيلال و الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، يروم تفعيل مقتضيات اتفاقية الإطار و الشراكة التي سبق وأن أُبرمت بين الوزارة الوصية و الجامعة الملكية المغربية للشطرنج سنة2014 ، والعمل من أجل تحقيق مجموعة من الانجازات الرياضية و الثقافية و الاجتماعية، تسعى إلى ترسيخ و نشر ثقافة لعبة الشطرنج داخل المؤسسات التعليمية. وللإشارة، فقد كان الملتقى الوطني لازيلال للشطرنج، والمنظم من تاريخ 22 الى 29 اكتوبر حافلا ببرنامج متنوع من الانشطة، إذ على هامش البطولات الفردية المفتوحة في الشطرنج والتي كانت القاعة المغطاة مسرحا لها، إحتضن المركز الثقافي بذات المدينة دورتين تكوينتين لمدة ثلاث ايام،تعلقت الاولى بنيل دبلوم مدرب و طني و الثانية بالحصول على دبلوم مدرب دولي تحت اشراف عضو الإتحاد الدولي للشطرنج، المكون التونسي سليم البوعزيزي ،بالإضافة الى أنشطة موازية للتظاهرة ، تمثلت في تنظيم أبواب مفتوحة أمام جمهور الملتقى، ورسم الجداريات، وإعداد ورشات تأطيرية وحلقات تحسيسية حول أهمية وعراقة لعبة الشطرنج. وأجمع المشاركون والمشاركات، كما المنظمين، والمتتبعين، أن امحمد عطفاوي عامل إقليم أزيلال، كان من وراء نجاح الملتقى الوطني لازيلال للشطرنج،تنظيميا ورياضيا وتربويا،من خلال إحتضانه ودعمه للملتقى الوطني للشطرنج بمدينة أزيلال، لوجيستيكيا و ماديا، كما أصبغت زياراته الميدانية ومتابعته على ذات الملتقى،شحنات معنوية قوية و حماسية لدى المشاركات والمشاركين وجميع أفراد الأسرة الشطرنجية بالمغرب، في أفق إنشاء مشتل كفايات مستقبلية في هذه اللعبة، بتنسيق مع مكتب الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، وتوجيه الشباب خاصة ورجال التعليم ممن شاركوا في الدورة التكوينة لنيل دبلوم مدرب وطني وتأسيس نادي بالمدينة للشطرنج، تابع للمركز الثقافي بازيلال. هذا، ويمتد تاريخ الشطرنج إلى عشرات القرون،حيث يتفق أغلب المؤرخين على أن أصله ومكان نشأته يعود إلى القرن السادس الميلادي بالهند، حيث كان معروفا باسم شطورانجا، في حين ترى قلة منهم أن أصله من الصين.
وإنتشرت لعبة الشطرنج في بلاد فارس حيث شهدت تغيرات طفيفة في طريقة نقلات قطعه ليُعرف باسم الشطرنج القديم،وبعد الفتح الإسلامي لبلاد فارس انتقلت هذه النسخة إلى العالم الإسلامي والعربي،وعرفت انتشارا وازدهارا كبيرين حيث أعجب به ولعبه الخلفاء والوزراء وأعيان الدولة وكان الخليقة العباسي هارون الرشيد وابنه المأمون مولعين به، ونبغ فيه الشطرنجيون أمثال العدلي والصولي والرازي واللجلاج والزمخشري، وألَّف حول اللعبة الأدباء والطرفاء والمؤرخون الكتب والرسائل .
وكان أقدم كتاب عربي موجود إلى الآن، يفهرس الكتب في الشطرنج هو كتاب الفهرست لابن النديم ، فقد ذكر فيه كتاب الشطرنج للإمام العدلي، وكتاب آخر لطيف في الشطرنج للفيلسوف الطبيب أبي بكر الرازي، وكتاب الشطرنج بجزئين للناقد الأديب أبي بكر الصولي، ثم كتاب منصوبات الشطرنج للجلاج،وكتاب مجموع في منصوبات الشطرنج لإبراهيم بن محمد، المعروف بإبن الإقليدسي، كما تم تصنيف اللاعبين في الحضارة الإسلامية حسب قوة ذكائهم ونبوغهم في الشطرنج، أمثال جابر الكوفي وأبي إسحاق الربراب وابن النديم في عهد المأمون، ثم الإمام العدلي الذي ذكره المؤرخون كأقوى لاعب في عهد الخليفة العباسي الواثق، ثم الرازي الذي فاز سنة 847 في حضور الخليفة العباسي المتوكل،في مباراة ضد العدلي الذي أصبح آنذاكــ شيخا هَرِما، ثم الصولي الذي فاز على الماوردي في عهد الخليفة المكتفي، حيث يعتقد تاريخيا بأنه أقوى لاعب عربي في الشطرنج، وكان الصولي يعتبر الربراب والرازي أقوى أسلافه، فيما كان اللجلاج تلميذا للصولي وكان بدوره أقوى اللاعبين في زمانه.
وبعد فتح الأندلس انتشر الشطرنج القديم في إسبانيا ومنها إلى بلدان أرووبا حيث لعبه الملوك أمثال نابليون، وقام السير ويليام جونز بإعادة نشر كايسا في 1763 بالإنجليزية، وبعده بسبع سنوات اخترع فولفغانغ فون كيمبلين آلة ذي تورك في 1770، وبعد عدة قرون عرف تغيرات عديدة ليظهر الشطرنج بنسخته الحديثة وينبغ فيه أبطال مثل “روي لوبيز”،” فيليدور” و “بول مورفي” وعرفت تلك الفترة بالحقبة الرومانسية للشطرنج حيث امتازت بالتكتيكات الذكية والتضحيات الكبيرة والهجومات الحادة والديناميكية في اللعب، وفي نصف القرن 19 بدأ تنظيم البطولات في الشطرنج ، حيث نظمت أول بطولة عالم للشطرنج في 1886.
وفي القرن العشرين عرف الشطرنج قفزة كبيرة في نظرياته وتم تأليف الكثير من الكتب بشأنه، وتأسس الاتحاد الدولي للشطرنج سنة 1924 وفي نهايته عرف الشطرنج استخدام الحاسوب في التحليلات،والتي كان أول ظهور تجاري لها سنة 1970 وكان برنامج “كايسا” أول برنامج شطرنج بطل للعالم في 1974،ثم ظهر لعب الشطرنج على الأنترنيت في منتصف التسعينات.
ومعلوم، أن لعبة الشطرنج في الوقت الحالي مازالت مشهورة جدا بين أوساط الناس، ففي 2012 أجري استطلاع أظهرت نتائجه أن«لاعبي الشطرنج الآن يشكلون أكبر الفئات الاجتماعية في العالم، حيث تم تسجيل أن 605 مليون بالغ يلعب الشطرنج باتنظام، فيما يُلعبُ الشطرنج على الأقل مرة واحدة في العام من قبل 12% من البريطانيين، 15% من الأمريكيين، 23% من الألمان 43% من الروس و70% من الهنود، في أفق توسيع دائرة ممارسة اللعبة في المغرب، من خلال الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، وإحياء وهج أندية الشطرنج كما كانت في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الفارط .