في ليلةٍ تشيليةٍ باردة، حيث ترنو قمم جبال الأنديز إلى الشفق القطبي الجنوبي، وتتناثر نجوم السماء كأنها تبارك الأرض، كتب أشبال الأطلس ، المنتخب المغربي لأقل من 20 سنة، المغرب فصلاً أسطورياً على أرض بابلو نيرودا ، غير أنه في هذه المرة، طرز بمهاراتهم وصمودهم الذي سيسطر في كتب المجد الكروي العالمي .
هذا، ولم يكن فوز أشبال الأطلس على فريق منتخب الأرجنتين من ذات الصنف مجرد انتصار، بل كان زلزالاً ناعماً هزّ أركان التاريخ الرياضي من أقصى العالم إلى أدناه، متوحدا مع ارتفاع الراية المغربية خفاقةً في سماء العاصمة سانتياغو، معلنةً أن الحلم العربي والإفريقي قد تحقق أخيراً، وأصبح واقعا ملموسا .
والواقع، أن الملعب كان مسرحاً لملحمةٍ وطنية مغربية، حيث امتزجت دموع الفرح بزغاريد الأمهات، وارتفعت أصوات الجماهير كأنها ترنيمة جماعية ترددت أنغامها من شواطئ السعيدية وسفوح الريف إلى كثبان السمارة وسواحل الداخلة.
فقد لعب الأسود الشباب، كما لو أن أرواح الأجداد تراقبهم من الأعالي، كما لو أن كل تمريرة تحمل توقيعا ذهبيا من أكاديمية محمد السادس، فجاء كل هدفٍ من المهاجم ياسر زبيري الذي يعد – حسب خبراء ومراقبين دوليين- موهبة واعدة في كرة القدم العالمية، فبعد تسجيله ثنائية حاسمة في نهائي كأس العالم لأقل من 20 سنة، مانحا منتخبه المغربي التتويج العالمي على حساب الأرجنتين، تردد صدى النشيد الوطني المغربي المزركش بالفخر وبالانتصار، وتناثرت أوراق الغار من السماء، وارتدى التاريخ جلباباً “بزيويا”، و”بلغة” فاسية، و”طاقية” مراكشية، مطرزاً بالأبهة ومزركشا بالتميز، بينما ردد العالم اسم المغرب كما يُردد اسم بطلٍ خرج من الأساطير ليعيش بيننا..
وفي لحظة التتويج، حين لامست الكأس الذهبية أيدي العميد المغربي، بدا وكأنها تعترف بانتمائها الجديد لأرض المملكة، فكأنها وجدت في المغرب وطناً يليق بها.
وعلى غرار مختلف الحواضر والمدن المغربية، فقد عمت أجواء من الفرح العارم ، والبهجة مختلف شوارع وحارات وأسواق مدينة مراكش، ليلة الأحد الاثنين، عقب تتويج المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة بلقب كأس العالم، إثر فوزه التاريخي على نظيره الأرجنتيني بهدفين نظيفين في المباراة النهائية، التي احتضنها ملعب خوليو مارتينيز برادانوس بسانتياغو.
وفور إعلان حكم المباراة النهائية عن إختتامها، سادت مدينة سبعة رجال احتفالات عفوية جسدت مشاعر الإعتزاز والانتماء للوطن، حيث خرج المئات من المواطنين إلى كل من ساحة جامع الفنا، وساحة المشور، وساحة 16 نونبر وساحة بئر أنزران وساحة الفن السابع، عبر شوارع محمد الخامس والحسن الثاني ومحمد السادس وعبد الكريم الخطابي، وعلال الفاسي، والكبرى، حاملين الأعلام الوطنية ومرتدين قمصان المنتخب الوطني، مرددين شعارات النصر ونداء الحسن وأغاني المسيرة الخضراء، حيث جابوا الفضاءات بالمدينة راجلين أو ضمن زرافات وأرتال من الدراجات النارية والسيارات المزينة بالأعلام، لتتعالى أصوات أبواق المركبات والنفارات والمزامير في مشهد احتفالي امتد حتى ساعات الأولى من فجر الإثنين .
كما عاشت مقاهي المدينة الحمراء أجواء حماسية ومظاهر احتفالية للجماهير التي تابعت لحظة التتويج على الشاشات العملاقة، ملوحة بالأعلام، ومرددة النشيد الوطني.