في إفران “الهايكو .. مغربي أيضا”
مـحـمـد الـقـنـور :
تحتضن مدينة إفران، يومي 30 و31 دجنبر الجاري، الملتقى الأول لشعراء الهايكو في المغرب الذي ينظمه بيت الشعر تحت شعار ” الهايكو .. مغربي أيضا”، بتعاون مع مجموعة من الفعاليات الثقافية،وحسب بلاغ للمنظمين توصلت به “هاسبريس”، فإن الملتقى من المرتقب أن يعرف مشاركة نخبة من شعراء وشاعرات الهايكو في أول مبادرة من نوعها لجمع هؤلاء المبدعين في محفل شعري وثقافي يقام “تقديرا لهذا اللون الشعري الذي أضحى اليوم يكتب بكل لغات العالم”، حيث يشتمل برنامج هذا الملتقى على العديد من الفقرات الشعريـة والثقافية والفنية، التي ستقرب عشاق الشعر من هذا اللون الإبداعي، عبر إبراز جوانب من هذه الكتابة التي صارت تحتل مكانة متميزة في النسيج الشعري المغربي.
إلى ذلكــ ، أورد ذات البلاغ، أن هذا الحدث الثقافي يكتسي أهمية خاصة لكونه يحتفي بظاهرة إبداعية تتميز بانفتاحها على أبعاد جمالية جديدة، وتنم عن فلسفة تقوم على إعادة مساءلة القضايا والأشياء والموجودات.
وضمن البرنامج عقد جلسة نقدية حول تجربة الهايكو المغربي بمشاركة نقاد وباحثين مهتمين بالموضوع، وقراءات لقصائد هايكو لحوالي 25 شاعرة وشاعرا ممن خاضوا تجربة كتابة الهايكو بالمغرب، إلى جانب إقامة معرض لفن “الهايغا” الذي يشتغل على الرسومات والإبداع التشكيلي والكاليغرافي والفوتوغرافي المرافق لشعر الهايكو بمساهمة فنانين مغاربة، كما يشمل فقرات فنية متنوعة وجلسات حرة للقراءة وتبادل الرأي حول هذه التجربة الشعرية الفتية بالمغرب، إضافة إلى توقيع دواوين من شعر الهايكو.
ويعتبر صنف “هايكو” أو هائيكو (باليابانية: 俳句) نوعا من الشعر الياباني، يحاول شاعر الهايكو، من خلال ألفاظ بسيطة التعبير عن مشاعر جياشة أوأحاسيس عميقة. تتألف أشعار الهايكو من بيت واحد فقط، مكون من سبعة عشر مقطعا صوتيا (باليابانية)، وتكتب عادة في ثلاثة أسطر (خمسة، سبعة ثم خمسة).
وللإشارة، فقد ازدهر شعر الـ”هايكو” في مرحلته الأولى في القرن الـ17 م، بفضل “باشو”، المعلم الأول لهذا الفن الشعري الأدبي بلا منازع. حيث يشكل كل من الشاعر والرسام “بوسون” (1716-1783 م)، “ماسا-أوكا شيكي” (1867-1902 م) و”كوباياشي إسّا” أعمدة هذا الفن. لا زال تعاطي هذا الشعر شائعا في أيامنا هذه، ويحتل مكانة متميزة في الأدب الياباني. كان الـ”هايكو” سببا في ظهور “الصورية” وهي حركة شعرية أنجلو-أمريكية راجت في أوائل القرن العشرين (الـ20 م)، كما أثر في العديد من الأعمال الأدبية الغربية الأخرى.
إذ يقوم شاعر الـ”هايكو” وعن طريق ألفاظ بسيطة بعيدة عن التأنق بوصف الحدث أو المنظر بعفوية ومن دون تدبر أو تفكيرا، تماما كما يفعل الطفل الصغير:
زمهرير الشتاء
المطر يهطل
رؤوس الديكة والحشائش عارية
فيأخذ الشاعر الملهم والتلقائي الأحاسيس، تكتنفه المشاعر والانطباعات المتدفقة ، حيث يعرف كيف يصبها في قالب من سبعة عشر لفظا، تنطلق من خلالها الألفاظ بطريقة عفوية وآنية، تعطي صورة تكون محسوسة، عناصرها مترابطة، فكل منها تقاسم للتو لحظة من حياته مع الآخر .
و الجدير بالذكر بأن جزء من تركيبة الهايكو يتضمن إضافة كلمة “موسمية” تدل على الوقت الذي يتحدث فيه الشاعر. فتجدون الحيوانات أو النباتات أو معالم الطقس الموجودة في بيئة اليابان الغنية دلالة على المواسم الأربع، وبذلك الحالات النفسية والسياقات الاجتماعية والثقافية التابعة لتلك المواقف من منظور ياباني. كل هذا يُلخّص في صورة ذهنية مُركّزة ومبسّطة في إطار تجربة فردية لتلك اللحظة.