الإنتاج الثقافي للمغرب ذو صيت مؤثر في العالم ‏العربي

هاسبريس :‏
‏ ‏
أكد الشاعر المغربي ،محمد بنيس، أن المغرب صار في العشرين سنة الأخيرة ينتج ثقافة حديثة قوية ‏لها صيت كبير في العالم العربي، وقال إنه ليس هناك مركز ثابت للثقافة العربية، وأن وجود هذا ‏المركز يرتبط بتوفر عدد من الشروط الموضوعية. ‏
جاء ذلك خلال لقاء مع الشاعر المغربي محمد بنيس في إطار محور ” ثنائيات المغرب مصر” ‏حاوره فيه الشاعر المصري عبد المنعم رمضان ضمن فعاليات برنامج المشاركة المغربية في الدورة ‏ال 48 لمهرجان القاهرة الدولي للكتاب ك ” ضيف شرف” التي انطلقت عشية أول أمس الجمعة. ‏
وتمحور اللقاء مع الشاعر محمد بنيس بالخصوص حول مسيرة العلاقات الثقافية بين المشرق ‏والمغرب العربيين، والمكانة التي احتلها الشعر في هذه العلاقات ، حيث تحدث عما وصفه ب”جرح ‏‏” كان لدى مثقفي المغرب العربي وخاصة منهم الشعراء في بداية القرن الماضي، وكان ناجما عن ‏‏”حبهم لمصر ونسيان مصر لهم”، موضحا أن نكران كتابات مصرية حول تاريخ الشعر العربي ‏لوجود شعر مغاربي ولد أنذاك ردود فعل في هذه البلدان، التي عمل كتابها ونقادها على الرد بإصدار ‏مؤلفات تؤرخ للشعر المغاربي وتؤكد وجوده. ‏
وأبرز ،في هذا الصدد، الحضور الثقافي المغربي في مصر عبر التاريخ من خلال قوافل الحجاج ‏المغاربة الذي كانوا يعبرون مصر في طريقهم إلى الحج وعودتهم منه، والشيوخ المتصوفة المغاربة ‏الذين توجد أضرحة لها في مختلف ربوع مصر. ‏


وأشار في معرض حديثه عن الوضع الثقافي في العالم العربي، إلى أن المغرب صار في العشرين ‏سنة الأخيرة ينتج ثقافة حديثة قوية لها صيت كبير في العالم العربي، مما فتح آفاقا كبيرة لتبادل ثقافي ‏متوازن وعلاقات ثقافية جديدة بين الكتاب المفكرين والفنانين المغاربة والمصريين.‏
وعن علاقتة الشخصية بالثقافة المصرية، أكد محمد بنيس أن طه حسين كان أكبر معلم بالنسبة له، ‏وقال “تعلمت منه شيئا كبيرا وهو السؤال ومنهج الشك ولإيمانه بالمعرفة، ‏فهو يطرح مسألة العلاقات الثقافية بين مصر والمغرب “كسؤال ” لكون المسألة بالنسبة له ليست ‏مرتبطة بالإنسان أو بالمكان بقدر ما هي مرتبطة بالمعرفة والفن والفكر والإبداع. ‏
وحول صلته بــ “مراكز الثقافة ” في العالم العربي ، أوضح الشاعر محمد بنيس إن علاقته شعريا وثقافيا ببيروت ‏التي كانت مركزا للثقافة العربية في الخمسينيات من القرن الماضي أقوى من علاقته بالقاهرة، التي ‏كانت مركزا لهذه الثقافة قبل ذلك في الثلاثينيات من نفس القرن، لكن كل هذا انتهى بالنسبة له ابتداء ‏من السبعينات حين بدأت ثقافة مغربية جديدة مع عبد الله العروي ومع عبد الكبير الخطيبي، كما بدأت ‏علاقته تتقوى مع الثقافة الفرنسية، مشيرا  إنه ليس هناك مركز ثقافي ثابت للثقافة العربية بل هو يتحول بحسب توفر عدد من ‏الشروط الموضوعية، وأعرب عن رفضه القول بأن هناك مركزا ثابتا للثقافة العربية قائلا ” الثقافة ‏العربية كلها ثقافتي كما أريد أن تكون ثقافتي ملكا لكل العرب”. ‏
وأضاف الشاعر محمد بنيس أنه لم يعد هناك الآن لا مركز ولا محيط في الثقافة العربية والحديث ‏عن ذلك في الوقت الراهن “هو مجرد أوهام”، معتبرا أن الثقافة العربية ” تعيش الآن على هامش ‏التحولات الكبرى عربيا وعالميا”. ‏
واعتبر أنه منذ حرب العراق بدأ الخراب في العالم العربي، ولم يعد ممكنا الحديث عن حداثة عربية، ‏وانتهت الثقافة والعقلية العربية، وأصبحت الثقافة و”العقلية الإسلاموية”هي السائدة. ‏
وقال محمد بنيس في هذا الصدد، “نحن في حاجة إلى وعي جديد بأسئلة جديدة ” حول الحداثة ‏والشعر والإبداع بصفة عامة “حتى لا نبقى خارج الزمن”. ‏
وعن الشعر والشاعر بالنسبة له ،قال محمد بنيس، “إن الشعر ليس انفعالا ومشاعر فحسب ولكنه ‏معرفة ومن هناك أخذت أتعلم، ولهذا أكتب الشعر وأقوم بدراسات “،كما أن الشاعر” لابد أن يكون ‏حرا ومستقلا ماديا ولذلك عليه أن يحصل على شهادات”. ‏
‏”إن الشعر له أسرار خطيرة لا نعرفها”، يقول محمد بنيس، والتجربة الشعرية العربية قطعت أشواطا ‏بعيدة وجديدة، والبعض ينظر إليها وكأنها على الهامش بينهما هي لا تقبل أن تظل على الهامش لأن ‏‏”الشعر لا ينام”، وإذا كانت “الأسئلة السهلة تجد مشكلة مع الشعر فإن هذا الشعر ليست له مشكلة مع ‏هذه الأسئلة السهلة وهو يتركها حيث هي، ويذهب في طريقه غير مبال بها”. ‏
وأكد بنيس أن هناك في العالم العربي شعراء كبار، وإن “للشعر فكره الخاص”، وهذا الشعر هو في حوار ‏دائم مع جميع المعارف، و”حتى مع البناء لأن الشعر بناء”. ‏
وشدد الشاعر بنيس على أنه ينتمي للشعر وأنه لايدافع عن الشعر بل يقاوم من أجل بقائه، كعالم رائق ‏يكن له كل الحب ، حيث لم يُخْفِ عشقه للشعر الحر، معلنا أنه لاجمال بدون حرية كما أنه لاحرية ‏بدون جمال”. ‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.