توطين تراث جهة مراكش آسفي المتنوع لخدمة التنمية في أشغال يوم دراسي
مـحـمـد الـقـنـور :
شدد جعفر الكنسوسي الخبير الباحث في قضايا التراث المادي واللامادي المغربي، في أشغال لقاء دراسي تحسيسي حول موضوع “المسارات الثقافية والروحية لجهة مراكش آسفي، على أهمية إنجاز مشروع تنموي قائم على الثقافة والتراث والهوية المغربية الأصيلة والعريقة، وذلكـ خلال يوم دراسي نظم أول أمس الثلاثاء 19 يونيو الحالي بالمركب الإداري و الثقافي التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، بباب إغلي في مراكش من طرف مجلس الجهة وبتعاون مع المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش، حضره رؤساء المصالح الخارجية لبعض الوزارات والعديد من المنتخبين بالمجالس الجماعية بجهة مراكش آسفي ، ومجموعة من الفعاليات الأكاديمية والثقافية والفنية الإبداعية والإعلامية ، ومختلف أطياف الباحثين وممثلي الأوساط العلمية الجامعية المهتمة بقضايا التراث المحلي والجهوي المادي واللامادي .
وأبرز الكنسوسي خلال هذا اللقاء الذي ترأسته الأستاذة ثريا إقبال رئيسة لجنة العمل الثقافي بمجلس جهة مراكش آسفي ،ضرورة وأهمية التعريف بالتراث المادي واللامادي الذي تزخر به جهة مراكش آسفي ونجاعة تثمينه وتأهيله خدمة للتنمية السياحية والثقافية ، وقصد الحرص على إيصاله للأجيال القادمة، من خلال تأهيل المواقع الأثرية والتاريخية داخل وخارج أسوار مدن مراكش وآسفي والصويرة وخلق مسارات سياحية تعنى بالمجال الثقافي والحضاري والتاريخي للمدينة الحمراء، ومختلف مدن ومواقع جهة مراكش آسفي الحضارية .
كما ركز الكنسوسي على أهمية غنى وتنوع هذا التراث المادي واللامادي ، بكل تجلياته وروافده التي تشكل زخم الحضارة المغربية، مشيرا أن جهة مراكش آسفي تتضمن دلالات ومواقع روحية ومعمارية وطبيعية وبيئية وتحتمائية وإحاثية تؤكد تواجد الإنسان فيها منذ بدايات العصور الحجرية في إشارة إلى الإكتشاف العلمي لجمجمة إنسان جبل إيغود المكتشفة من قِبل باحثين مغاربة من المعهد الوطني لعلوم الآثار وباحثين ألمان .
في ذات السياق، أوضح التهامي محب نائب رئيس مجلس الجهة، أن الهدف من هذا المشروع هو الحفاظ على مختلف مظاهر الحضارة المغربية العالمة والشعبية وإحياء وتثمين التراث المادي واللامادي وتطوير سياحة ثقافية جديدة مستدامة ومسؤولة بيئيا وجعل هذه المسارات ركيزة للتنمية الإقتصادية والإدماج الاجتماعي وفضاءات لخلق فرص الشغل وأحد أبرز وسائل إنتاج الثروة والتنمية بكيفية مستمرة، داعيا كافة الفاعلين إلى الإنخراط في مشروع إنجاز هذه المسارات الثقافية والروحية بجهة مراكش آسفي .
من جانبه، أكد ممثل مديرية التراث بوزارة الثقافة والإتصال، أن الوزارة المذكورة تعمل جاهدة على تفعيل هذا المشروع والترويج لهذا التراث المادي واللامادي الذي تزخر به الجهة لكي يصبح بمثابة رافعة للتنمية المستدامة، مبرزا غنى وتنوع هذا التراث الحضاري والتاريخي الذي يمتد عبر تراب عموم الجهة انطلاقا من مدينتي آسفي والصويرة وصولا إلى مدينة مراكش الحافلة بالمآثر التاريخية والمعالم الثقافية والمحطات الحضارية.
إلى ذلكـ ، تناول ممثل الشركة المغربية للهندسة السياحية، استراتيجية تطوير المسارات السياحية بجهة مراكش آسفي والرامية إلى التعريف بالتراث الروحي والثقافي والبيئي الذي تزحر به الجهة وذلك في إطار تنزيل رؤية 2020 السياحية للمملكة، مبرزا أن مشروع إنجاز مسارات ثقافية وروحية بالجهة كفيل بتثمين التراث المادي واللامادي وجعله رافعة لتعزيز وجهة الجهة سياحيا.
على ذات الواجهة، تطرق حميد التريكي،المؤرخ والباحث في التاريخ والتراث المغربيين إلى ضرورة التعريف بتميز المغرب في هذا الصدد وغنى حضارته وإطلاع المجتمع المغربي على أهميته وخباياه ومعالمه والعمل على تثمينه والإهتمام به، وتوطينه من أجل إغناء الرصيد التاريخي والحضاري الذي ظل يميز المغرب على مدى قرون، مؤكدا على ضرورة البحث في أهمية الرباطات والمسالك والطرق التي شكلت مراكز روحية ودينية وثقافية وتعليمية وقلاع حصينة للمقاومة.
وإرتباطا بذات الموضوع، وخلال عرض تقدمت به ثريا إقبال رئيسة لجنة العمل الثقافي بمجلس جهة مراكش آسفي، أبرزت ضمنه مشروع المسارات الثقافية والروحية لجهة مراكش آسفي ، كما تطرقت إلى بعض أهم المواقع الأثرية والمناطق التاريخية بمختلف الأقاليم المكونة للجهة، موضحة أن مسار الحجيج الذي يصل مراكش بمدينة آسفي يمتد على طول محور وادي تانسيفت ، يشتمل على العديد من الآثار التي ظلت عبر الأزمنة تشكل محطات و” نزلات” لمواكب وقوافل الحجيج التي كانت تعبر مواقع الزوايا وأمكنة الرباطات ومناطق المدارس العتيقة وفضاءات الخلوات الصوفية ، مما بات يعتبر الآن تراثا طبيعيا شاسعا، يشكل تواجد العديد من الكهوف والفجاج ومناطق الدير والمحميات طبيعية والنباتات الطبية والحيوانات البرية والينابيع الطبيعية والعيون الرقراقة والساخنة،إضافة نوعية لتراث مادي لامادي جهوي يبرز عراقة وفنون العيش ومعالم التمدن وعبق العادات والطقوس الإجتماعية وتنوع الأعراف والفنون المتنوعة من أغان وترانيم وأهازيج وصنائع وأطعمة وحلي وأزياء ومواسم وأعراس وأذواق .
وتجدر الإشارة إلى أنه حسب منهجية لجنة العمل الثقافي لجهة مراكش آسفي، فإن مشروع إنجاز المسارات الثقافية والروحية للجهة ينبني بالخصوص على جرد أهم المعالم الروحية والثقافية على طول واد تانسيفت وروافده على خطي “الحجاج” وعلى إعداد تقرير للتصميم التوجيهي الثقافي والطبيعي للمشروع وتنفيذه وفق مقاربة تدريجية تشاركية وتعزيز قدرات مختلف الفاعلين في المشروع من خلال برنامج تكويني ملائم وناجع يتبناه مجلس جهة مراكش آسفي بتعاون مع المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية بمراكش والمعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث وجامعة القاضي عياض وجامعة محمد السادس المتعددة التخصصات ببنجرير وجامعة إيفورا بالبرتغال .