“شنكالنامة” رصد سردي روائي لعذابات السبايا الإيزيديات

مـحـمـد الـقـنـور :

صدرت مؤخراً عن دار أوراق للنشر- القاهرة-2018 الرواية الثانية للكاتب السوري إبراهيم اليوسف بعنوان” شنكالنامه” و”شنكال” هو الاسم الكردي لسنجار التي تعرضت لغزو داعش في العام 2014، لتكون هذه الرواية إحدى السرديات التي قاربت لحظة ما من آلام السبايا الإيزيديات اللواتي انتهكت أعراضهن، أمام أعين العالم كله، من دون أن يستطيع أحد أن ينقذهن في اللحظة التي كن أحوج إلى ذلك؟! حيث تقع الرواية في حوالي 500 صفحة من القطع المتوسط ، معتمدة على تقنية كسر دكتاتورية الراوي الواحد، من خلال تكنيك ينتهج لعبة واضحة، سلسلة في السرد، وعبر لغة بسيطة، هي أقرب إلى لغة الإستطلاع الصحافي، ما خلا تلك الفصول التي تتناول طقوس الديانة الإيزيدية، ورموزها، وعاداتها وتقاليدها ، والتي يقدمها اليوسف بلغة مختلفة..!

إذ تجري أحداث الرواية مابين منطقتي شنكال وسنجار، كمنطقة قطنها الإيزيديون منذ القديم، على إمتدادات مدينتي الموصل،والرقة وغيرها من المدن المتراصة مابين سوريا والعراق، وينتمي أبطال الرواية إلى طائفة الإيزيديين، ماخلا أحد الرواة، الذي ليس سوى المؤلف الذي يشتغل في مؤسسة إعلامية في الإمارات، حيث يهزه نبأ غزو داعش “لشنكال” ويصعقه بسبب بيع الحرائر من  الإيزيديات في أسواق النخاسة، كما تباع البضائع . إذ يظل مشغولاً بأمر الإيزيديين، لاسيما السبايا اللواتي يتم بيعهن وشراؤهن من قبل بعض شذاذ الآفاق، والصعاليكـ والمرتزقة المأجورين.
يتذكر الراوي المؤلف الفتاة أسماء الإيزيدية المقربة منه، والتي يعمد إلى التواصل معها. بعض من يتصل بهم يرد، على مضض، وبعضهم لايرد. بل إن صديقته” تيلي” التي تعرف عليها في دمشق في ثمانينيات القرن الماضي، كفنانة تشكيلية، لجأت إلى سوريا مع المعارضة العراقية تترك أثرها في نفسه، لأخلاقها العالية، ولوحتها التي تصدر بها غلاف كتابه. قبل أن يلتقي بها مجدداً عبرشبكات التواصل الاجتماعي، يتحاوران، يتناقشان، بينما تؤازره على عمله بغرض إنجاز كتاب عن الإيزيدية. إلا أن اختفاءها المفاجئ، بعيد الغزو يقلقه ويقض مضجعه، ويدفعه للبحث عنها.
ليكتشف في النهاية  أنها هي نفسها ابنة تلك المرضعة الإيزيدية الشنكالية السنجارية التي لجأت وزوجها إلى سوريا في مطلع ستينيات القرن الماضي، وهي الآن أسيرة لدى داعش، كما أن مرضعته نفسها مجهولة المصير؟
هذا، وتطرح الأحداث الكثيرمن القضايا من بينها معاناة الإيزيديين بعامة وهجرتهم واستباحة كرامتهم وبيوتهم وأعراضهم ، ومن ثم المقاومة التي يبديها البيشمركة من أجل استرداد منطقة شنكال ….
كما يستعرض الكاتب السوري إبراهيم اليوسف من خلال تسلسل أحداث الرواية معاناة الكرد ومنهم الإيزيديون من نظامي دمشق وبغداد اللذين عملا على تغيير معالم وديموغرافيا مناطقهم، ويتطرق لمجمل الخلافات التي تظهر بين الطرفين الكرديين ، “حزب العمال الكردستاني” الذي بات يدير المناطق الكردية في سوريا بالإضافة إلى “الحزب الديمقراطي الكردستاني” الذي يقوده الرئيس مسعود البارزاني، من دون الاستغراق كثيراً، في الجزئيات داخل الرواية، مع الإشارة إلى بيئة شنكال، وأساطير الإيزيديين، وديانتهم، وبعض الرموز الدينية المقدسة لديهم، وتفجير مزاراتهم ومعابدهم من قبل داعش. والحديث عن مآسي وفظائع المجازر التاريخية التي تعرضوا لها.

وتقدم رواية “”شنكالنامة”إحدى أجمل المقاربات السردية حول طبيعة وعوالم الإيزيديين، ورؤاهم، وأساطيرهم، وأحلامهم، وعمق ألمهم المتجدد، على مدى العقود والأزمنة.
والجدير بالذكر أنه قد صدرت للشاعر الأديب اليوسف في العام2017 رواية بعنوان” شارع الحرية” ولقيت اهتماماً لدى القراء والنقاد في مختلف دول العالم العربي، حيث تناولالكاتب خلالها شارع سكنه في مدينته “قامشلي” الذي تعرض للتفجير على أيدي إرهابيي داعش !

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.