بيان “إتحادي” يضع التدبير والعمران والصحة والإعلام …في مراكش تحت المجهر
حــسـن حـمـدان :
لم يُخفِ بيان صادر عن الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش،قلقه الكبير حول ماوصفه بتدهور بتدبير الشأن المحلي على تراب عمالة مراكش ، مما بات يُضر بجودة الحياة ، وبحق ساكنة المدينة الحمراء في العيش الكريم وفي بيئة سليمة تضمن لها القدر الضروري من السعادة والأمن والاستقرار.
وأبدى ذات البيان تخوفه من تفاقم المشاكل المرتبطة بعدم توفير الخدمات العمومية الأساسية بمختلف أحياء الإقليم، خاصة بالأحياء الشعبية في المدينة العريقة، والمناطق القروية المجاورة له ضمن المحيط الحضري والشبه قروي على غرار تسلطانت وحربيل والمنابهة، وأولاد حسون والويدان، وسيد الزوين، وأسعادة وغيرها، والتي لازالت تعاني حسب البيان من التهميش والإقصاء، في ظل تنامي حالات التسيب و احتلال الملك العمومي، و الترامي على الأراضي المملوكة للدولة، في غياب أية مراقبة أو محاسبة ، أو أي مجهود جدي لمحاربة هذه الظاهرة من مظاهر الفساد، وسيادة أساليب الزبونية وظاهرة المحسوبية والتعامل الحزبوي الضيق في تدبير قضايا تنمية القرب المرتبطة بالسكان، في ظل انعدام أية مقاربة تستند إلى رؤية شمولية و متكاملة لتجويد ظروف العيش بتراب عمالة مراكش، وتحت تأثير غياب مبادئ الإنصاف و المساواة والتكافؤ والتضامن، وغياب أي مشروع تنموي شامل ومندمج وواضح الرؤية ومفهوم المعالم، يسمح بإدماج الفئات الهشة من الساكنة المراكشية في التنمية، و يتيح لها فرص العيش الكريم وآليات الاستفادة من نتائج التنمية.
كما إنتقد البيان المعني العجز الفادح في تدبير الأسواق النموذجية، و هو الوضع الذي أدى إلى تفاقم مشاكلها وتداعياتها سواء على التجار أو على الساكنة، و إلى تحولها إلى بؤر سوداء تزيد من تنامي مظاهر العشوائية والترييف التي غدت ملمحا شاملا و مهيمنا على مختلف الفضاءات المحيطة بهذه الأسواق، منددا بعدم قدرة الجماعات الترابية على حل مشاكل السير و الجولان ، التي يتخبط فيها الإقليم والتي تؤدي في الكثير من الأحيان إلى وقوع حوادث مميتة، بسبب ما تشهده الشوارع والممرات والمسالك من اكتضاض وازدحام وفوضى، مما أدى إلى سيادة حالة الخيبة والتذمر في نفوس الساكنة من سوء تدبير المسؤولين للشأن المحلي، و زيادة الاحتقان بسبب عدم تمكن الجماعات الترابية من تقديم الحلول الناجعة لأهم المشاكل و المعضلات التي يتخبط فيها الإقليم.
كما وصف بيان الكتابة الإقليمية للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش، ما نعثه بالتعثر المخيّب للآمال في إنجاز مشروع ” مراكش، الحاضرة المتجددة”، و تغيير مضامينه وبعض معالمه، رغم الاعتمادات المالية الضخمة المرصودة له، وتفاقم المشاكل المرتبطة بضعف الخدمات الاجتماعية، خاصة على المستوى الصحي،في ظل تراجع جودة الخدمات المقدمة بالمستشفيات الإقليمية في مستشفى ابن طفيل ، ومستشفى ابن زهر، ومستشفى الأنطاكي، و مستشفى سعادة للأمراض النفسية كنموذج، مما نتج عن هذه الحالة رفع مستوى الضغط على المستشفى الجامعي محمد السادس، بشكل يضر بحق المواطن في الصحة العمومية كحق من حقوق الإنسان،بات يدعو بشكل مستعجل إلى تأهيل المستشفيات الإقليمية والمستوصفات، وتعزيز إمكانياتها من المعدات والأدوية و الشروط الضرورية المناسبة للتطبيب و الاستشفاء.
في سياق آخر، تطرق البيان المذكور، إلى استفحال مظاهر الفساد في تدبير الصفقات العمومية، والتي شكلت موضوع تقارير يومية لهيئات مدنية وسياسية ومنابر إعلامية، باتت تدعو إلى إعمال النجاعة القضائية في المساءلة والمحاسبة لكل الجهات المتورطة في التلاعب بالمال العام و الضلوع في إهداره والإساءة إلى تدبيره، فضلا عن إرتفاع وثيرة حالات الطرد الجماعي من المعامل والضيعات لأسباب نقابية لاغير، وضرب الاستقرار في الشغل، و الإجهاز على الحقوق الاجتماعية للشغيلة، و التحايل عليها عبر عقود مؤقتة، مما صار يهدد السلم الاجتماعي بالإقليم ويضاعف من عوامل الاحتقان والتوثر، وشجب نفس البيان، ضعف الخدمات الثقافية المقدمة بتراب عمالة مراكش وانعدامها المطلق في بعض الأحياء الشعبية وفي المناطق القروية، مما أصبح يحرم فئات عريضة من الساكنة، و خاصة الشباب، من حقهم الطبيعي في التنمية الثقافية،والتتبع التنويري، والإطلاع على المستجدات الإبداعية والتنشيطية، ويؤدي إلى تعميق المشاكل المرتبطة بالانحراف والتطرف.
وعلى المستوى الإعلامي عبرت الكتابة الإقليمية عن قلقها الشديد إزاء التطورات التي عرفتها مراكش مؤخرا والتي مست الإعلام كواحد من الدعائم الأساسية لترسيخ ركائز الديمقراطية، على إثر اقتحام عوني من السلطة لمقر محطة الإذاعة الجهوية بمراكش ليلة السبت 26 يناير الفارط وإحداث فوضى وارتباك للعاملين بها ولضيوفها، وتأثير ذلك على البث المباشر لأحد برامجها.. مما جعل الجسم الصحافي بالمدينة يتحرك بقوة من خلال فرع مراكش للنقابة الوطنية للصحافة المغربية الذي دعا إلى صيغ نضالية للاحتجاج على هذا السلوك الهمجي والذي أعاد التذكير بسنوات الرصاص، وضدا عن ما ناضل من أجله حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – حسب البيان – لعقود طويلة من اجل ترسيخ حرية الرأي والتعبير وجعل الصحافة رافعة أساسية للتنمية وعمودا أساسيا لتوطيد الديمقراطية وإقرارا لمبادئه، التي جعلته ينحاز كعادته إلى نضالات النقابة الوطنية للصحافة المغربية وينخرط في دعم كل نضالاتها.
وفي هذا السياق، ذكر البيان أن الكتابة الإقليمية للحزب بمراكش نبَّهت إلى أن أخطر ما يهدد التطور الإعلامي والديمقراطي في المغرب يكمن في تشجيع المتطفلين والمتطفلات على مهنة المتاعب من خلال مواقع مسخرة وغير قانونية ، وبدعم من جهات تحارب أي تغيير ديمقراطي ، وتعمل على تبخيس العمل السياسي والنضالي الملتزم.
كما دعت الكتابة الإقليمية في نفس السياق إلى تفعيل وأجرأة عملية الملائمة كإجراء جاد وإقرار للقانون رقم 13-88 المتعلق بالصحافة والنشر، والرامي إلى الحد من انتشار المواقع الالكترونية المشبوهة والفوضوية ، والتي صارت تتناسل بشكل عشوائي وتنبث كالأعشاب السامة بشكل سريع في تربة الإعلام المغربي الذي لازال في حاجة ماسة إلى الإصلاح والتأهيل.
وشدد بيان الكتابة الإقليمية للإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بمراكش على مساندته لكل المواقف والقرارات التي يتخذها الحزب من أجل ترسيخ الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات، كما ابان عن استعداد كل مناضلات ومناضلي الحزب بإقليم مراكش للانخراط في كل الخطوات التنظيمية الهادفة إلى توسيع القاعدة الاجتماعية للحزب وتأهيل وتجديد أجهزته المحلية والإقليمية والجهوية والاستعداد لخوض كل المعارك السياسية والاجتماعية التي ينخرط فيه الحزب، معربا على مساندته المطلقة للنضالات التي تخوضها الطبقة العاملة ممثلة في مركزيتها النقابية المناضلة الفيديرالية الديمقراطية للشغل ومساندتها لكل النضالات التي تخوضها مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.