رشيدة التويجري: فنانة تشكيلية حولت بصمات الكيمياء لألوان تعبيرية عن النساء والوطن

مـحـمـد الـقـنـور :

عـــدســة : بـلـعـيـد أعـراب :

تعتبر الفنانة التشكيلية المغربية رشيدة التويجري نموذجا للمرأة المغربية المثابرة التي استطاعت المزاوجة بين ممارسة العلوم التجريبية والفنون التشكيلية، والعمل الجمعوي متشبعة في كل ذلكــ بقيم الانفتاح والدفاع عن الثقافة المغربية والحضارة الوطنية داخل مختلف الفئات المجتمعية المغربية .
ومن خلال لقاءاتها الإعلامية ومنتدياتها الفنية الثقافية تكشف الفنانة التشكيلية عن نفسها كسيدة مغربية مفعمة بالحماس الفني والعزيمة والإرادة، حيث انخرطت هذه المهندسة في العلوم الكيميائية والأم لإبنين، في العمل الفني التشكيلي والثقافي مبكرا من خلال العديد من الأنشطة الجمعوية والمعارض التشكيلية للانتصار لقضايا النساء بمدينة مراكش بصفة عامة والنساء المغربيات بصفة عامة ولاسيما اولائكـ النساء المنبثقات من أريج التراث المغربي، وعمق الحضارة المغربية، وثنايا الفلكلور العريق والمتعدد الواجهات، والمسكونات بالأعباء المعيشية ودينامية المجتمع والإلتزامات المنزلية وتربية الأبناء.


والحق، أن الفنانة التشكيلية المغربية رشيدة التويجري، من خلال تجربتها العلمية الرائدة ، وثقافتها الفكرية ومرجعياتها البصرية الممتزجة بكيمياء الألوان والأضواء والماهيات ، تشبعت بالقيم الإنسانية ومبادئ المساواة وضمان وصون كرامة المرأة وإعلاء مكانتها داخل المجتمع ترسيخا لمقاربة النوع الاجتماعي على المستوى التشكيلي، هو ما دفعها إلى النضال في تجربتها التشكيلية من أجل تحقيق هذا المبتغى .
هذا، ويتجسد، بالملموس، فكر التشكيلية رشيدة التويجري في الدفاع عن الثقافة المغربية الأصيلة والمتطلعة نحو المستقبل ، وفي إستلهام القضايا المشروعة للنساء، في عملها التشكيلي الدؤوب في سبيل تمكين النساء المغربية من نقل مشاعرهن ومواقفهن وتطلعاتهن في ممارسة حقوقهن المشروعة ومحاربة الصور النمطية اتجاهها والتي تضع سقفا محددا في ترسانة التشكيل المغربي يظل محصورا في التقليد ومنطويا داخل التصنيف المتحجر، بكل إفتخار وإقتدار .

ومهما يكن، فإن ما يبعث على التميز والارتياح في تجربة الفنانة التشكيلية المغربية رشيدة التويجري، ويحفزها على الاستمرار في العطاء الفني التشكيلي، هو تلك الإرتسامات التي تتركها معارضها التشكيلية لدى الأوساط الفنية والدوائر النقدية وحلقات المثقفين والمثقفات ، وعموم الجمهور المغربي ، ممن يرتاد معارضها التي تنظمها بشكل جماعي مشترك مع فنانين آخرين وفنانات أخريات ، أو بشكل فردي كالمعرض الذي أقامته مؤخرا بمتحف النخيل في مراكش، وتلكـ الإرتسامات والنتائج الجيدة التي تحصل عليها من قبل الجهات المتتبعة للحركة التشكيلية المغربية.

ولا تتردد التويجري في التعبير على أن مواضيع لوحاتها تختزل ما يخالجها من أحاسيس جياشة، ومن أفكار إيجابية حول المغرب والمغاربة، حيث تمتزج دلالات الإشارات، بوهج التجريد، وقوة الانطباع، المنبثق من التعبير عن مختلف رمزيات تكريم النساء اللواتي ناضلن من أجل حقوقهن الأساسية، والانكباب على معالجة مواقفهن وأفراحهن وتقاليدهن، ومشاركتهن للحياة العمومية مع الرجال، ضمن رسائل فنية تختزل ترسيخ مبادئ المساواة ومقاربة النوع الاجتماعي تشكيليا .
وبفضل الخبرة العلمية والفنية الإبداعية التي اكتسبتها المهندسة والتشكيلية رشيدة التويجري، فإن تجربتها التشكيلية ، ترتبط بالإنتصار للعمل الانساني ولمعنى الرسالة النبيلة المتمثلة في “التعبير عن ذاتها وأفكارها ومشاعرها ، وفي الاستماع إلى نبض الإنسان المغربي، والتعبير عنه باللون والطيف والقيم والشكل والجوهر ، حيث يحذوها عزم فني أكيد وحيوية إبداعية وشغف بالحياة المجتمعية المغربية لا حدود لها ، في تسخير حسها التشكيلي والتواصلي الجارف، لخدمة الاشعاع الثقافي الوطني.
إنها الفنانة التشكيلية المغربية رشيدة التويجري ذات الثقافة المتنوعة والعطاء التشكيلي الزاخر بالدلالات والطاقة الإيجابية والتصميم المزاوج بين دقة العلوم وشاعرية الفن والطموح المنبثق من تفعيل الذكاء الجماعي وتضافر الجهود وتقاسم الأفكار، والقدرة على تحدي العراقيل بكيفيات ملؤها الثقة والفرح، وربح التحديات وتحقيق الرهانات وفك عقدة تنافر العلوم التجريبية مع الإبداع الفني التشكيلي .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.