أكاديميون وإعلاميون يخلدون ذكرى الراحل حمادي العرصة رائد فن الهواري بمراكش

هاسبريس :

عدسة : بلـعـيـد أعــراب :

تخليدا لعيد الشباب المجيد ، وتزامنا مع إحتفالات الشعب المغربي بذكرى ثورة الملك والشعب ، نظمت كل جمعية آفاق تنموية وجمعية نادي الإعلام والثقافة بجهة مراكش آسفي،وجمعية البلال للأعمال الإجتماعية ، وبتنسيق مع جريدة”هاسبريس” يومية وطنية إخبارية شاملة، الملتقى الأول لفن الهواري، دورة الفنان الراحل حمادي العرصة” .

هـــذا،  إفتتحت فعاليات الملتقى السبت الفارط 24 غشت الحالي بدار المواطن، في حي المحاميد القديم بمراكش، بندوة فكرية تواصلية تحت عنوان “إحياء الذاكرة التراثية كفن وثقافة وتراث”، بمشاركة كل من الأستاذة الإعلامية ثريا بلوالي،عضو هيئة تحرير هاسبريس، والأستاذ لحسن حبيبو رئيس جمعية آفاق تنموية والأستاذ محمد بوعابد الباحث في قضايا التراث والثقافة المغربية، والتي يسِرُها الزميل محمد القنور، وبحضور مجموعة من المنتخبين والمنتحبات من ممثلي مجالس المقاطعات والمجلس الجماعي بمراكش ، والعديد الفعاليات الثقافية والإبداعية وممثلين عن مختلف الأوساط الإقتصادية والمقاولاتية ،والفعاليات التربوية الحقوقية، والدوائر التربوية الإعلامية والإبداعية، فضلا العديد من أرباب وربات العائلات،وعائلة المحتفى به “الفنان الراحل حمادي العرصة” .


هذا، وأكد مختلف المتدخلين بالندوة المعنية على أهمية تشجيع وتثمين التراث المغربي المادي واللامادي شعرا ونثرا ونقدا وبحثا ودراسات وتشكيلا وصناعات فنية من حلي وأزياء وعطور وطبخ وعادات وتقاليد متوارثة وغيرها،وتأهيله للقيام بدوره في ترسيخ قيم المواطنة ، وتحصين الناشئة ضد الإستيلاب والتغريب والتجهيل والتطرف والدفاع عن المكتسبات التاريخية والثقافية والمجتمعية في كل تجلياتها، والدفع من أجل أن يُنظر للتراث المغربي ككائن حي يستطيع أن يكون سبباً في إصلاح المجتمع والمساهمة في التنمية الإقتصادية والإجتماعية.

وأبرز بلاغ صحافي، صادر عن المنظمين ، أن فعاليات الملتقى إنصبت على إحياء فن”الهواري”كشكل فني غنائي موسيقي شعبي من الأشكال التراثية، وتثمين عناصره المكوّنة “الثابتة” و”المتحولة” إرتكازا على تشابه المشاعر لدى ممارسي فن الهواري وعلى الخبرة الفنية والجمالية ومدى تشغيل المخيّلة الشعرية الزجلية .
كما أوضح ذات البلاغ ، أن التراث المغربي يتضمن مختلف الاشكال المعمارية و المظاهر الحضارية للمجتمع المغربي ، وما تشتمل عليه من عادات، وممارسات، وقواعد ومعايير وكيفيات لفنون العيش والوجود، من ملابس، وحلي وطبخ، وممارسات روحية ، وطقوس و قواعد تتعلق بالسلوك وبالمعتقدات، وأهازيج وحكايات وأغان ومواويل وفنون موسيقية وزخارف وحرف فنية تقليدية تنبني على المعلومات والمهارات التي يملكها المغاربة.

إلى ذلكــ ، أورد ذات البلاغ ، أن هذه الندوة الفكرية التواصلية جاءت للإحتفاء بالفنان الراحل حمادي العرصة، أحد رواد فن الهواري بجهة مراكش آسفي، وقصد مناقشة واقع وآفاق الحركة الابداعية ، والتي يُلاحظ أنها لا تزال مغيبة في أكثر الأنماط التراثية، ومن أجل الإجابة على سؤال جوهري حول مدى إمكانية تغير هذا الأمر، وإمكانية ولادة رؤى جديدة تمكن من تثمين كل الإبداعات الفلكلورية النسائية والرجالية المغربية الموروثة ، وتوثيق مسارات والفنانات و الفنانين الشعبيين ممن إمتلكوا تجارب ريادية وإبداعية مميزة و متمايزة .

وخلال محاضرتها في فعاليات الندوة المعنية، أبرزت الزميلة ثريا بلوالي أن التراث الوطني يتضمن مجمل ما اكتسبه المغربي وتوارثه عن أسلافه من قيم مادية وغير مادية، مشيرة أن التراث المغربي لصيق بالتراث في معناه الواسع كتعبير ذاتي عن العالم، سواء كان ذلك التعبير منبثقا عن الفرد أو عن الجماعة، وسواء ما كان منها ماديا يتصل برؤية الإنسان لعالمه الملموس، وتعبيره عنها وترجمته إياها واقعاً محسوسا يتمثل بالمعمار والمدن والمواقع الأثرية المختلفة أو ما كان منها غير مادي يتجلى في أشكال التعبير المختلفة عن الوجدان الفردي والجماعي للمجتمعات وغيرها من التعبيرات العفوية والتلقائية، والمنبعثة كما في المغرب من غور ثقافات مُغْرِقَة في القدم تعود إلى فترات سحيقة ، وتتجلى على شكل عادات وتقاليد، وطقوس، واحتفالات، ولهجات وفنون خدماتية وجمالية، ومهارات حرفية، وموسيقى، وطقوس ومعتقدات ، وما تبدعه الجماعات من جديد بصورة متجددة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة، وتاريخها، فيؤدي إلى تنمية الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويكسب الشعب بالتالي الاحترام المتبادل.


كما شددت بلوالي على التراث المغربي الإنساني، لا يقتصرُ على الثقافة الشفاهية والفلكلور بكل تقاليده وتجلياته الفنية والجمالية فقط، وإنما يتجاوز ذلك، حيث يتعلق بمختلف الأنماط الحضارية والعلمية والهندسية والمعمارية المغربية، وأنماط فنون العيش التي تترجمها الأعراس والإحتفالات والمواسم والأعياد والعادات الجماعية والتقاليد الموروثة ، والتي تزدهي بها مراكش كحاضرة متعددة الثقافات، ومختلف المدن المغربية العتيقة، من رياضات وسقايات وحمامات وحارات وأسواق ودويريات ومساجد وقلاع وممرات حضرية، وصهاريج، ومزارات وزوايا، وفنادق ظلت تشكل مجمعات حرفية وتجارية، وحلي وأزياء وطبخ وفنون تعبيرية من ملحون وطرب آلة وأهازيج شعبية وأغاني متوارثة وحكايات وأقاصيص وفنون التشكيلية من تصاميم وزخارف ونقوش، ومن تراث هندسي متميز أعطى خصوصيات عالمية للمغرب .

ودعت بلوالي إلى أن أهمية الشق الفكري من الملتقى الأول لفن الهواري، دورة الفنان الراحل حمادي العرصة”، تكمن في فتح النقاش حول إمكانية المحافظة عليه، وإستثماره إقتصاديا على المستوى الصناعي والسياحي وإجتماعيا بتثمينه وحسن تدبيره ، وتوضيح رمزيته و دلالاته الحضارية الثقافية و الاجتماعية والجمالية والنفسية، ومدى علاقاته الوطيدة بالهوية والشخصية المغربية الذي يشكل أحد دعائمها لأساسية .
وخلصت بلوالي إلى أن توظيف التراث المادي واللامادي بالمغرب بمختلف مكوناته التصنيفية والرمزية يشكل قيمةً إقتصادية سياحية وإستثمارية مضافة ومستدامة لما يختزله من أنماط تفكير وحياة وعيش .

كما أنبثقت عن النقاشات التي عرفتها فعاليات الندوة توصيات تروم  ضرورة فهم أبعاد التراث من خلال الحفاظ عن فن الهواري وتثمين أهميته ، وإطلاع الناشئة من أجيال المستقبل على غناه وقيمته الذاتية الثقافية الماثلة فيه، وما لها من أثر إيجابي في ازدهار السياحة والثقافة والصناعة التقليدية والتربية والتكوين، وبناء قُدُرات تُمَكِّنُ من الحوار بين كل الهيئات المشتغلة على التراث الرسمية والغير الرسمية؛ على أساس أن التراث والحوار صنوان لا يفترقان، إذ من الحِكْمَة في هذا المضمار أن يقوم الجميع بدوره في صون هذا المكتسب المغربي بكل أبعاده المختلفة التربوية والتاريخية والإقتصادية  ليتسنى نقله إلى الأجيال اللاحقة، تماشيا مع أسس النموذج التنموي الجديد من أجل تحقيق النجاعة والمردودية الإيجابية.

وجاءت التوصيات على الشكل التالي :

أولا: دعم جمعيات المجتمع المدني المشتغلة على إحياء وصيانة التراث المغربي ، وأقصد الجمعيات المتوفرة على رؤية محددة في العمل وبرامج ومنهجية علمية ومعرفة بالتراث المادي واللامادي .

ثانيا: إبرام إتفاقيات بين هذه الجمعيات مع المجالس المنتخبة والغرف المهنية والوزارة الوصية، والمراكز العلمية والمعاهد العليا والجامعات والمؤسسات الاعلامية من اجل العمل على توثيق ودراسة وصيانة التراث المغربي بشقيه المادي واللامادي .

ثالثا: مواصلة العمل للتوصل إلى اتفاقيات إطارية مع المؤسسات المعنية قصد حماية التراث المغربي.

رابعا: التاكيد على ان الفلكلور المغربي، ومن ضمنه فن الهواري مكون حيوي وفعال من مكونات التراث المغربي اللامادي.

خامسا: دعوة الجهات المعنية على توثيق الفنون الشعبية في أقراص مدمجة وفتح منصات إليكترونية للتداول حوله مع الدفاع بشكل فاعل عن مصالح الفنانين والفنانات الشعبيات بشكل عام والعاملين في الفلكلور المغربي الغنائي بشكل خاص وتسهل عملية قبولهم وادماجهم في المهرجانات الوطنية والدولية.

سادسا: ان يقوم رواد الفن الشعبي الفلكلوري بتلقين الناشئة هذه الفنون للحفاظ عليها من الإندثار وحمايتها من التشويه والإضافات الخارجة عن طبيعتها .

سابعا: مقاومة مختلف المحاولات التي ترمي لتشويه التراث الوطني .
ثامنا: إستخدام مواد التراث الشعبي والحياة الشعبية المغربية في إعادة بناء الفترات التاريخية الغابرة للأمة المغربية والتي لا يوجد لها إلا شواهد ضئيلة متفرقة وإستثمارها في إبراز الهوية الوطنية المغربية بروافده الحضارية المتعددة العروبية والأمازيغية والحسانية والعبرية والموريسكية .

وإختتمت فعاليات الملتقى الأول لفن الهواري، دورة الفنان الراحل حمادي العرصة”،بسهرة فنية أحيتها الفرق الغنائية لفن الهواري، بحضور جمهور غفير، تم خلالها تكريم مجموعة من الفنانين والرواد في المسرح المغربي، ممن إستلهموا في أعمالهم مكونات فن الهواري، من عبارات وأهازيج وإيقاعات موسيقية .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.