دار الشعر بتطوان تُآخي بين بوح الشعر وهارمونية الألحان بالعربية والإسبانية

مــحـمـد الـقـنـور :

افتتحت دار الشعر بتطوان سنة 2020 بتنظيم ليلة شعرية وصفها المتتبعون من عشاق الكلمة الشعرية والفن بالاستثنائية، قدم خلالها الشاعر مزوار الإدريسي والشاعرة آمال هدازي قراءات شعرية بالعربية والإسبانية، تفاعل معها جمهور دار الشعر الذي حضر إلى قاعة جماعة تطوان، وهي قاعة تاريخية انفتحت عليها دار الشعر لأول مرة، وصدحت فيها القوافي والأوزان ، وإكتنفها صوت الشعر من جديد، إذ تضم هذهه المعلمة الفنية واحدة من أكبر الجداريات التي أبدعها الفنان الإسباني “أنطونيو صالاص” سنة 1955. ليبقى شاهدا على انطلاقة الشعر المغربي الحديث من تطوان، مع تأسيس “المعتمد” كأول مجلة شعرية صمم أنطونيو صالاص أغلفتها منذ أربعينيات القرن الماضي”.

ويؤكد مخلص الصغير، مدير دار الشعر في افتتاح هذه التظاهرة الشعرية، أن هذه الجدارية ناطقة باسم الشعر ومعبرة عنه، تحيل إلى قول قيس مجنون ليلى :

“أمر على الديار ديار ليلى   أقبل ذا الجدار وذا الجدارا.
وما حب الديار شغفن قلبي    ولكن حب من سكن الديارا”.


هذا، وافتتح الشاعر والمترجم مزوار الإدريسي ليلة الشعر هاته بقصائد تمثل مراحل متفرقة من تجربته الشعرية، حتى وصل إلى ديوانه المقبل، وفيه كشف عن صلته بالقصيدة وهو يردد:

“لا قبيلة لي، لا ولاء. لا قصيدة تفعل بي ما تشاء.
أنا سيد صوتي، أغني هنا، وهنا أحفر البئر حيث يدي
وأقيم خيامي بأرض العراء”.


كما قدم الشاعر نفسه في قصيدة أخرى :

“في كل شيء أرتابْ
في وجه الغريب، في صوتي،
وفي ظلي،
وفي صدى خطاي أرتاب.
أرتاب في الحروف وفي كل كتاب.
ذئب البراري أنا… أركض،
ولا أطرق بابْ”.

من جهتها، تألقت الشاعرة آمال هدازي بأداء سخي وإلقاء قوي لأشعارها، وهي تجعل من تقديم القصيدة العربية المعاصرة فنا من فنون الأداء، مع ربط هذه القصيدة، مجددا، بمقامات الإنشاد وفضاءات التلقي. واختارت الشاعرة أن تستهل قراءاتها بقصيدة عن الأم :

“أسألك أن تضمي أمي، نيابة عني
ضميها لتصلني رائحة السجود في حضنها
ورحمة الله التي أنزلت في قلبها
ضميها ضميها
لتشهق أنفاسي حنينا إليها
وتتكسر آهاتي بين ضلوعها
ضميها ضميها
كي أذوب أذوب فيها
وأنساني جنينا في رحمها”.

ثم تصدح الشاعرة في قصيدة أخرى :

كما الساعات الأولى لبداية الكون،

أحتسي الهواء، وأحلم بقلب أبيض،

لا أحمل ضغينة لأحد، أختلي بنفسي
أستشعر الكون في صدري، هادئة تماما

كمعزوفة لبيتهوفن

أحبني كزهرة زرعت وسط حقل قمح
أتركني لإيقاع نفسي، وهو يخاتلني
ثم أسلمني مرة واحدة للرب، وأنام”.


إلى ذلكــ ، قرأت الشاعرة آمال هدازي نصوصا كتبتها باللغة الإسبانية، بعد تجربتها في كتابة الشعر بالفرنسية والعربية، مثلما قرأ الشاعر والمترجم مزوار الإدريسي ترجمات لقصائده إلى الإسبانية، ضمن ليلة شعرية أندلسية وفنية.


هذا، وخلال اختتام فعاليات هذه الليلة الشعرية الافتتاحية، أعلنت دار الشعر بتطوان عن تنظيم سلسلة من ليالي الشعر الأخرى، بدءا من شهر فبراير المقبل، حيث تنظم دار الشعر بتطوان أربع ليالي شعرية، ضمن البرنامج الثقافي للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي يقام في الفترة من 6 إلى 16 فبراير المقبل، بمشاركة شعراء من آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.