أوزبكستان : سحر العراقة وقوة التاريخ وبلد رواد الحديث النبوي

هاسبريس :

تعد جمهورية أوزبكستان من الجمهوريات الاسلامية التى كانت تابعة للاتحاد السوفيتى السابق لعشرات السنين، وتقع جمهورية أوزبكستان فى وسط قارة آسيا وتحيط بها بعض الجمهوريات الاسلامية 00 وتبلغ مساحتها 400ر447 كيلو متر مربع ، وكانت مدينة سمرقند عاصمة لها حتى عام 1930 ثم نقل الروس العاصمة إلى مدينة طشقند .
وتتكون أرض أوزبكستان فى القسم الشمالى من سهول طوران وتحيط هذه السهول ببحيرة ارال فى الجنوب والجنوب الغربى لتدخل اقليم كاراكلباك ، وفي الوسط سهول كيزيل قوم (أي الرمال الحمراء) ، وهى سهول فسيحة تغطيها الكثبان الرملية تظهر بها بعض التلال الصخرية ، والقسم الجنوبى جبلى يتكون من سفوح جبال تيان شان والبامير ، وتنساب إلى القسم السهلى روافد نهرية تتجه نحو نهر سيحون أو جيحون وعلى هذه الروافد توجد المدن الهامة مثل طشقند وبخارى وسمرقند .


ويقدر عدد السكان فى الجمهورية بـ 25 مليون نسمة منهم أكثر من 16 مليون وثلاثمائة ألف من المسلمين ، وينتمى السكان إلى مجموعة من العناصر التركية أبرزها شعب الاوزبك وهم يشكلون اغلبية السكان ونسبتهم نحو 70 % وبجانبهم 5 % من القازاق ، و 5 % من التتار ، و 4 % من الطاجيك ، و 3 % من قاراقلباق 00 وجميع هذه العناصر من المسلمين 00 ثم 13 % من الروس الذين أتت بهم الحكومة الروسية إلى هذه المنطقة .
وتاريخيا وصول الإسلام إلى جمهورية أوزبكستان بعد فتح بلاد الفرس عندما تقدم المسلمون إلى أعالى نهر جيحون فى عام 30هـ فى خلافة عثمان بن عفان رضى الله عنه ، وفى عهد الامويين اجتاز سعيد بن عثمان والى خراسان نهر جيحون فى جنوب أوزبكستان فكان أول من اجتاز النهر بقوات اسلامية وفتح مدينة بيكند ، وتقع بين بخارى ونهر جيحون ثم فتح بخارى صلحا بعد حصارها فى عام 55هـ .

وفى عهد ولاية قتيبة بن مسلم الباهلى لإقليم خراسان، زمن الدولة الأموية، دخلت فتوح بلاد ما وراء النهر مرحلة حاسمة فقد أعاد فتح بخارى فى عام 90هـ واستطاع قتيبه أن يثبت الفتوح فى حوض نهر جيحون وبسط نفوذ الاسلام على بلاد الصفد فى عام 94هـ ، 96هـ وهكذا فتح قتيبة بلاد أوزبكستان فتحا ثبت دعائم انتشار الدعوة الاسلامية وبنى أول مسجد فى بخارى فى عام 94هـ ، ولا يزال هذا المسجد من أهم آثار بخارى .
ولقد أنجبت اوزبكستان علماء أثروا التراث الاسلامى بجهودهم المعرفية، كالإمام البخاري إمام المحدثين وصاحب الجامع الصحيح للحديث النبوي الشريف الذي يعتبر اصح كتاب بعد القرآن الكريم، ولو لم تنجب أحدا سوى البخاري لكفاها ذلك فخرا، كما أنجبت الإمام بهاء الدين النقشبندي الذي يعتبر قطب الطريقة الصوفية النقشبندية التي انتشرت في العالم الإسلامي، وكانت في القرن العاشر والحادي عشر عاصمة لدولة السامانيين، وفي القرن السادس عشر أصبحت عاصمة لدولة الخاناتت.

وينتسب إلى سمرقند جماعة من أهل العلم على غرار الفقيه أبو منصور الماتريدي هو نسبة إلى حي “ما تريد” أو “ما تريب” أحد أحياء سمرقند وكان له أثر حاسم في تطور الفقه السني بالمشرق، والفقيه محمد بن عدي بن الفضل أبو صالح السمرقندي، نزيل مصر سمع بدمشق أبا الحسن الميداني، وجماعة غيره، وروى عنه أبو الربيع سليمان بن داوود ابن أبي حفص الجبلي، وجماعة غيره، والفقيه أحمد بن عمر أبو بكر السمرقندي، سكن بدمشق وقرأ القرآن وأقرأه، وكان يكتب المصاحف من حفظه.ومن أعلام سمرقند، صاحب التفسير المعروف بتفسير العياشي، وهو محمد بن مسعود السمرقندي، وكان من المحدثين والأطباء والنجوميين، ومن أعلامها أيضاً علاء الدين السمرقندي. ومنهم نجيب الدين السمرقندي، وكان طبيبا معاصرا لفخر الدين الرازي، وقتل بهراة لما دخلها التتار. ومنهم شمس الدين السمرقندي العالم والمنطقي والفلكي والأديب المعروف.

وكانت روسيا الشيوعية قد استولت على بخارى فى عام 1922م وذلك بعد دفاع مستميت من أهلها، وفى عام 1991م حصلت أوزبكستان على استقلالها وانضمت فى العام الذى يليه الى عضوية الامم المتحدة ، وفى عام 1996م انضمت إلى عضوية منظمة المؤتمر الإسلامي .
وتتكون جمهورية أوزبكستان حاليا من اثنتى عشرة محافظة بالاضافة الى جمهورية “قاره قلب اغستان” ذات الحكم الذاتى حيث يبلغ عدد سكانها نحو 23 مليون نسمة .
وتتمتع أوزبكستان بمستوى متقدم من التعليم حيث تكثر المدارس العلمية المتخصصة فى الرياضيات والابحاث النووية اضافة الى 280 معهدا منها 120 معهدا للابحاث العلمية ، و 52 معهدا للتعليم العالى ، و30 وحدة صناعية علمية يعمل بها أكثر من مائة ألف عالم وباحث، فضلا عن كونها غنية بالمعادن الثمينة والنادرة ومنها الذهب والفضة بالإضافة إلى النفط والغاز “

وتزخر أوزبكستان بعبق التاريخ والمدن الإسلامية الشهيرة كــ طشقند وخوارزم وسمرقند وبخارى التي قدمت كبار العلماء والمفكرين، والفقهاء والمحدثين .
وتعتبر طشقند عاصمة أوزبكستان الوجهة الأولى للرحلات السياحية، وتتميز المدينة بجمالها وحسن تنسيقها وكثرة حدائقها الخضراء، فضلا عن كونها موطنًا لأكثر المعالم شهرةً في أوزبكستان، كمجمع ريجستان، وقبر تامرلان في ضريح غوري الأمير، وضريح شاه زندا ومرصد أولوغبيك ومسجد بيبي خانوم، في حين تحتل مدينة “سمرقند” المرتبة الثانية ضمن أكبر المدن بعد العاصمة طشقند، وتعتبر من المدن القديمة حيث يزيد عمرها على 2750 عامًا، شهدت خلالها العديد من الأحداث التاريخية.

كما تتميز مدينة سمرقند بمناخ ثقافي متنوع يمزج عدة حضارات تتقارب فيما بينها كالفارسية والهندية والعربية والأوربية، حيث اختارتها منظمة اليونسكو على قائمة اليونسكو للتراث الانساني نظرًا لأهميتها ولكثرة مقتنياتها من الآثار الفريدة.
كانت تسمى قديمًا بمدينة خوارزم، وتقع المدينة في غرب أوزبكستان، حيث ولد فيها العديد من العلماء المسلمين، وتضم المدينة القديمة أكثر من 50 نصبًا تاريخيًا و250 منزلًا قديمًا، يرجع معظمها إلى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كما تندرج على قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وهي مسقط رأس إمام الحديث البخاري رضي الله عنه، هدمها جنكيزخان وأعاد بناءها تيمورلنك ثم حكمها الأوزبك من عائلة (بني منغيت) وهم سلالة علم وجاه إلى أن سقطت في أيدي الروس البلاشفة عام 1921م.

وتقع سمرقند  في الجنوب الغربي على ضفاف نهر (أفشان) وهي مدينة شرقية إسلامية تُشكل واحة كبرى تحيط بها أرض قاحلة، ثم مدينة ترمذ: وقد اشتهرت عبر التاريخ الإسلامي بمدارسها ومعاهدها، وأشهر من نبغ فيها الأمام الترمذي.


ومن الأقاليم المشهورة في دولة أوزبكستان إقليم “صوغنيان” وهو أول ما يصادف الزائر من بلاد ما وراء نهر جيحون في جنوب أوزبكستان. بعاصمته مدينة صوغنيان التي فتحها القائد الأسلامي قتيبة بن مسلم الباهلي في خلافة عثمان بن عفان ثم مدينة أنغرن ولينسيك وهي من المدن الصناعية الحديثة ذات الطابع الغربي حيث يكثر فيها الساكنة من أصول روسية، إضافة إلى كل من مدن “بيكاباد” و”شيرشك” و”نافوس”.


وللإشارة، فقد احتلت بخارى مكانة جغرافية وروحية جديرة بالاهتمام في نظر العرب المسلمين الفاتحين، وذلك لقربها من خراسان، فكانت لها مكانة فريدة تبوأتها بين سائر مدن وأقاليم آسيا الوسطى بصورة خاصة، وأقاليم الشرق بصورة عامة، فمنها كانت تمتد الطرق جهة الشرق حيث سائر بلاد الترك، ومن خلالها نفذ التجار منذ القدم، ولما نجح المسلمون الأوائل في فتح بخارى انطلقت عقيدة الوحدانية في ظل المكانة التي تبوأتها هذه المدينة تشق طريقها إلى ان بلغت آفاق الشرق بعد فترة من الوقت مضت على ذلك الفتح المبارك.
وقد أسهم عاملي العقيدة الإسلامية والجغرافيا في الدور التاريخي المهم الذي لعبته بخارى في نشر الإسلام والحضارة الإسلامية على مدى فترة زمنية طويلة الأجل الأمر الذي يعكس مدى اهتمام الحكام المسلمين بهذا الإقليم، ورغبة الكثير منهم في جعل هذه المدينة عاصمة لدولته. اما عن سبب تسميتها فيذكر الجويني انه كان يوجد ببخارى معابد للبوذية، وأورد ما يفيد ان بخارى مشتقة من “بخار” وهي بلغة “المعان” وهم رجال الدين الزرادشت وتعني “مجمع العلوم”، رواية أخرى تقول ان الاسم مأخوذ من أصل سنسكريتي من كلمة (فيهار) وتعني الصومعة أو الدير.
وقد نفت القوات الروسية الغازية آخر أمير لبخارى من الخانات عند دخولها المدينة عام 1920 م، وأعلنت حينها بخارى جمهورية مستقلة.
في عام 1925 م أعيدت بخارى إلى الوطن الام جمهورية أوزبكستان الاشتراكية السوفييتية. وأعلنت منظمة اليونسكو ان مركز المدينة يعتبر من المواقع المعمارية التي تحظى بحمايتها. يوجد في بخارى أقدم الآثار الإنسانية التي تعود إلى 2500 سنة، ولعل من أبرزها وأقدمها آثار قلعة اراك.
كما يعتبر القصر الذي شيّده الأمير المنفي رحمانوف،أحد أهم الأماكن السياحية في أوزبكستان، ويقع في مدينة طشقند، إذ يرجع تاريخ بنائه إلى عام 1891، 


يُصنّف برج طشقند من أعلى المباني في منطقة وسط آسيا، حيث يبلغ ارتفاعه 375 مترًا، وهو مقاوم للزلازل الأقل من 9 درجات بمقياس ريشتر، ويوجد على ارتفاع 150 مترًا منه العديد من المطاعم العالمية والراقية، إضافًة للمنصة الخاصة للسياح لالتقاط الصور.
تعدّ أكبر حديقة وطنية في أوزبكستان، حيث تبلغ مساحتها 574600 هكتار، وتشكّل فرصةً فريدةً لمشاهدة الطبيعة الجميلة، حيث تخضّر الوديان الجبلية العالية بشكل مدهش، كما تعتبر مدرسة خان من أقدم المدارس في أوزبكستان، حيث تمّ بناؤها في القرن الخامس عشر، وثم تحولت إلى مركز توجيهيّ أساسيّ للمسلمين في آسيا الوسطي.
وتدفع أوزبكستان مرتاديها إلى زيارة الأسواق الرئيسي، التي تعتبر من أهم جولات السياحة في اوزباكستان إذ لا تكاد تخلو مدينة من سوق كبير.
ويشكل  سوق ألاي “Alay Bazaar” أقدم الأسواق في أوزباكستان ويعتقد أن تاريخه يرجع إلى القرن الثاني عشر الميلادي، إذ نشأ السوق بداية كمحطة تجارية في طريق الحرير لبيع الأغنام والماشية ثم تحول لاحقاً إلى سوق كبيراً نظراً لموقعه الجغرافي.
يعرض الآن في السوق جميع أنواع البضائع بدءًا من الحلويات الشرقية، وأنواع الفواكه الغريبة وانتهاء بالمجوهرات والذهب والفضيات.

في حين، أن من علمائها المتأخرين أبو القاسم الليثي السمرقندي. وكذلك الفلكي المشهور قاضي زاده الرومي أستاذ أولغ بك الذي كان أحد أبرز الفلكيين في العالم خلال العصور الوسطى

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.