إقبال تقتفي في لقاء بمراكش نورانية المرأة على خطى التصوف وروحانيات الشيخ الأكبر
مـحـمـد الـقـنـور :
تحت عنوان “الأنوثة والروحانية” تم تخليد الثامن من مارس، اليوم العالمي للمرأة السبت الفارط 07 مارس بقاعة الكتبية بدار المنتخب، بلقاء علمي تواصلي نظمه المركز الدولي للثقافة والفنون والتنمية بتعاون مع دار المنتخب لجهة مراكش اسفي المعنية، وبحضور العديد من الفعاليات المهتمة بالثقافة والفكر والآداب من أساتذة وطلبة وفنانين وباحثين ،وذلكــ ، ضمن منهجية تنظيمية للقاء وصفها متتبعون بالمتميزة ،حيث أطرته الأستاذة الجامعية ثريا إقبال الشاعرة الأديبة، والباحثة في قضايا التصوف ورئيسة لجنة العمل الثقافي بمجلس جهة مراكش آسفي، وقامت بتيسير فعاليته الأستاذة نجاة يزيد عضوة المركز المذكور.
هذا، وتناولت الاستادة ثريا اقبال من خلال مداخلتها مقومات ومكونات مفهوم المرأة في الفكر الصوفي من خلال تجربة وفلسفة الشيخ الاكبر محي الدين بن عربي ووجهة نظره المختلفة الى الانوثة ، وإتجاه مقام الانوثة الروحي ودورها المركزي في الحياة والوجود ، حيث إستعرضت إقبال العديد من الاشارات الباطنية لمكانة المرأة في التصوف، وصورة الانسانية الكامنة بداخلها ، وكذلك السر العظيم الذي يكتنفها، ودورها في حفظ الحياة والسلام والتراث البشري ببعديه المادي والروحي.
و اشارت الاستاذة اقبال الي أن الأنوثة بالنسبة للشيخ الأكبر إبن عربي تشكل أحد الأركان المحورية في فكره، مؤكدةً أن خطابه، في عمقه وشموليته، يعتبر مكاشفة قلبية ذوقية ورؤية عرفانية محملة بالدلالات الرمزية، ويتمحور حول نظرة الدين الحقيقية للمرأة ولمقامها عند النبي عليه الصلوات والسلام . وهذا ما يجعل المفكرين والباحثين يقرون بوراثة ابن عربي للحقيقة المحمدية حول المراة.
هذا، ويعتبر محمد بن علي بن محمد بن عربي الحاتمي الطائي الأندلسي الشهير بـ محيي الدين بن عربي، أحد أشهر المتصوفين ، حيث لقبه أتباعه وغيرهم من الصوفيين والباحثين ورجال ونساء التصوف “بالشيخ الأكبر”، ولذا تُنسب إليه الطريقة الأكبرية الصوفية.
فقد ولد بن عربي في مرسية في الأندلس في شهر رمضان عام 558 هـ الموافق 1164م قبل عامين من وفاة الشيخ عبد القادر الجيلاني،فارس بغداد في رأي الصوفية، وتنقل في كل بقاع العالم الإسلامي حيث زار بلاد الحرمين ، ومدينة فاس ومدينة مراكش، حيث تلقى تعليمه ومعارفه فيها على يد القطب الصوفي إبن العريف،دفين حي الطالعة بمراكش العتيقة، وتوفي في دمشق عام 638هـ الموافق 1240م، حيث دفن في سفح جبل قاسيون، إذ لايزال ضريحه مزارا شهيرا .
كما يعد محيي الدين بن عربي، من بين كل مفكرى الإسلام وعلمائه ممن ثمنوا مكانة المرأة وأعلوا ذكرها حتى أنه جعلها مساوية للرجل ، بل وفضلها عليه فى بعض استنتاجاته الخاصة وأفكاره الفلسفية التى تكرس قيمة المرأة ، وتنبه الرجل إلى مدى أهميتها فى حياته، فقد ذكر كثيرًا والدته “نور” ، والتى يبدو أنها كانت امرأة صالحة، وكان لها أثرا إيجابيا في مساره الصوفي والفكري والإجتماعي ، حيث مهدت له الطريق نحو الانخراط بالكامل فى التصوف ، وشجعته على المضىّ فيه، وظل يذكر أنها كانت تزوره عند شيخته المسنّة الشهيرة بــ”نونة”، فاطمة بنت المثنى.
كما أعاش ابن عربى تجربة حب عميق مع فتاة اسمها “نظام” غداة تواجده بمكة ، ولقائه بالشيخ مكين ، زاهر بن رستم بن أبى الرجاء الأصفهانى ، ومن أجلها “نظام” كتب “ترجمان الأشواق” كديوان غزلي كامل، ضمنه حبه الشديد لهذه الفتاة ، التى يبدو أنها غادرت مكة إلى نجد ، وهي الفتاة الفائقة الحسن التي ألهمت وجده الرباني من خلالها، الذكية العقل والطيبة الروح ، وهي الفتاة التي فجرت الطاقة الشعرية وقوة القوافي لدى ابن عربى، فتفنن فى قصائده بترجمان الأشواق حتى أنه فاق فى بعض أبياته وقصائده مستوى أشهر الشعراء العرب الغزليين كجميل بن معمر، وقيس بن الملوح، وكثير عزة، وقيس الرقيات، وعلي بن الجهم،والصنوبري فى هذا المجال .
في ذات السياق، أوضحت ثريا إقبال أن آراء ابن عربى حول أهمية وقيمة المرأة الوجودية والعرفانية تتناثر فى أكثر من باب فى موسوعته الضخمة “الفتوحات المكية” التي تتميز بتحليل عرفاني نفسي عميق ، وجرأة فكرية لا حدود لها .
وللإشارة، فقد إختتمت فعاليات أشغال اللقاء العلمي التواصلي ، بتقديم شواهد تقديرية للأطر النسائية المشاركة ولأعضاء المركز، كما تم تتويج الأستاذة المحاضرة ثريا إقبال بدرع تكريمي يخلد للحدث.