وداعا سهوم،الناظم الذي إستقى من نبع شيخ الشيوخ الملحوني بمراكش، ثم إنطلق

هاسبريس :

توفي، ليلة أمس الخميس الجمعة 12/13 نونبر الحالي بمدينة سلا، الناظم والباحث في طرب الملحون الحاج أحمد سهوم، وذلك عن عمر 84 عاما بعد معاناة مع المرض، حسب تصريحات مصادر من أسرته لــ “هاسبريس”.

وكان الشاعر الناظم الراحل أحمد سهوم، قد تعلم في طفولته المبكرة، مبادىء حرفة الخِرازة في حي مولاي عبد الله بفاس القديم، حيث تعرف عليه الشيخ إدريس العلمي حين سمعه ينشد إحدى القصائد فأعجب بصوته، وأسند إليه غناء بعض قصائده، ثم اتخذه تلميذا له، وهي المحطة المبكرة من حياته التي خلدها بقصيدة تحت عنوان: “معلمة على الطريق”.

هذا،وقد نشأ الراحل الكبير أحمد سهوم في بيت جارة لهم في الحي تدعى زبيدة المراكشية، والتي كانت مولعة بالفن والأدب، وكان منزلها عبارة عن منتدى فنيا وثقافيا، وكانت هذه الجارة لم تكن تنجب فتكفلت به، فكان يذهب إلى الكتاب في الصباح لحفظ القرآن، وفي المساء يجلس بين زمرة من عشاق الملحون والعازفين على الكمان، ونخبة من رواة الأزلية والعنترية،مما صقل مواهبه، وأغنى مخيلته قبل أن يصبح الملحون قدرا مقدورا لهذا الطفل النابغ منذ نعومة أظافره، كما إنتقل في بداية الستينات إلى مدينة مراكش، ليتتلمذ على يد شيخ شيوخ الملحون سيدي محمد بن عمر الملحوني،الذي طلبه أثناء قدومه لمراكش بضيافة الله، قبل أن يصبح من أخلص مريديه،وواحدا ضمن ولديه “عبد الرحمان” و”أمحمد”، فعمل الشيخ الملحوني على صقل مواهب الراحل أحمد سهوم النظمية، وإرتشف من طرق هذا الشيخ في إعداد الاوزان وحبك العبارات، وإنتقاء الالفاظ، فكان سهوم يردد دوما أنه في مراكش إرتشف من المعين الذي لاينبض في إشارة إلى شيخه الملحوني يرحمهما الله  .

إلى ذلكـــ ، التحق الراحل أحمد سهوم بالإذاعة الوطنية، في أوائل عقد الستينيات من القرن الماضي، فأنتج العديد من البرامج مثل “با مساعف” كأول برنامج إذاعي ،كان جلالة الملك المغفور له الحسن الثاني أحد أكبر المتابعين له، والمعجبين به، ثم برنامج “مع التراث” وبرنامج ”ركن الأدب الشعبي” وبرنامج ”إطلالة على التراث”، وبرنامج “البيت السعيد”.

كما قدم الراحل أحمد سهوم برنامجا تلفزيونيا تحت عنوان “التراث الحي”،فضلا عن إغنائه المميز والمتراكم الجيد بحظ وافر، وخلال عقود من الزمن  لــ “ريبرتوار” المتن الشعري لطرب الملحون بالعديد من القصائد.

ويعتبر الراحل أحمد سهوم، المزداد بفاس الجديد سنة 1936م، من والده محمد بن علي الفيلالي الذي كان عازفا ماهرا على آلة الكمان لأغاني المرساوي، وأمه عائشة بنت العربي الملقبة بـ”الغمرية” من أكبر شعراء الملحون خلال النصف الثاني من القرن الماضي، حيث حظي بإعتراف وطني ودولي في هذا الصدد، كما يعد باحثا متميزا في الثقافة المغربية الأصيلة كرس جهده وندر حياته الثقافية والتواصلية للتعريف بهذا الموروث التراثي المغربي الغني حيث كان له تأثير على الأغنية المغربية عامة، وعلى خشبات المسرح المغربي المحترف والهاوي .

وفي إطار موسوعة الملحون التي تصدرها أكاديمية المملكة المغربية، تم إصدار ديوان شعر الملحون الذي أبدعه الراحل أحمد سهوم على مدار أكثر من 60 سنة، وهو الديوان الحادي عشر ضمن هذه الموسوعة، والذي يعتبر أضخم ديوان، على مستوى عدد الصفحات،وتنوع الأجناس الملحونية مقارنة بدواوين الشعراء السابقين الكبار أمثال الشيخ الأكبر الجيلالي امثيرد، والشيخ التهامي المدغري، والشيخ سيدي قدور العلمي، والسلطان مولاي عبد الحفيظ ، والشيخ عبد العزيز المغراوي.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.