معرض تواصلي حول”الرجولة ” يقدم سابقة تحسيسية رقمية في المغرب
نزهة صادق :
مستشارة دولية في الإعلام والجندرة :
أطلقت جمعية Quartier du monde” أو ”أحياء العالم” بالعربية، معرضا تحت عنوان “الرجولة في دقائق”،والذي يعد سابقة من نوعه في المغرب نظرا لكون المعارض الرقمية نادرة وجديدة في الساحة المغربية من جهة، ولكون موضوع الرجولة مثير للجدل من جهة ثانية.
هذا، وتعرف الجمهور المغربي خلال المعرض المذكور، الذي إفتتحت فعالياته منذ 31 دجنبر الفارط عن “الرجولة في دقائق” من خلال بسط مفهوم الرجولة بصوت نساء ورجال فتحوا قلوبهم لمختلف فئات الجمهور العريض ، حيث تقاسموا قصصهم الحقيقية والحية عبر الصوت والصورة.
إلى ذلكــ ، وفي الوقت الذي سرد خلاله العديد من المشاركات و المشاركين قصصا عن عن طفولتهم، مثمنين دور النساء اللواتي غيرن تاريخهم، شدد آخرون على أنه إذا كانت الرجولة هي العنف فهو يرفض أن يكون رجلا، مما أضفى على فعاليات المعرض إيقاعا متنوعا على مستوى النقاشات والمضامين ، وأكسب أروقته ميزة التنوع الفكري والثقافي ببعديه السيكولوجي والجمالي المنطلقين من روح “الرجولة” وعنفوانيتها ولرفض الرجولة السامة وفتح مجال للحوار بين النساء والرجال في فضاء حر ومبدع.
كما شكل المعرض مناسبة لتسليط الضوء على مظاهر الرجولة السامة، كموروث متهالك وقديم ظل يثقل كاهل النساء والرجال، قدم من خلال فعالياته المشاركات و المشاركون فسحة أمل للمجتمع المغربي موجهين فيه رسالة لكل مواطن ” أن المساواة بين النساء والرجال عماد لمجتمع قوي وأن الرجولة الإيجابية في مصلحة الرجال والنساء لبناء مستقبل واعد وناشئة قادرة على مجابهة تحديات المستقبل .
كما اختار منظمو معرض “الرجولة في دقائق”، 16 كبسولة لحكاية قصص لم تروَ من قبل حول الرجوليات، في سياق 16 يوما لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات أو 16 يوم من الأنشطة ضد العنف القائم على النوع الاجتماعي Days of Activism against Gender-based Violence 16 وفق ما أسمته منظمة الأمم المتحدة، ضمن حملة عالمية أطلقتها منظمة الأمم المتحدة منذ عام 1991، بهدف مناهضة جميع أشكال العنف الموجه ضد النساء والفتيات حول العالم، حيث ظلت أنشطة هذه المناسبة تنطلق كل سنة في 25 نونبر، تخليدا لليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة كيوم لتخليد حقوق الإنسان، ولفت الإنتباه لأهميتها، عبر حملة عالمية تدق نواقيس الخطر في العالم لمناهضة كل أشكال العنف ضد النساء وتسليط الضوء عليها في سياق كوني، خصوصا في أوساط المجتمعات الأبوية حيث يُنظر للرجولة بكونها صفات تخص الرجال فقط وتتجلى في اتصافهم بسمات متنوعة كثقة الرجل في نفسه وقدرته على أن يحارب من أجل الحياة الفاضلة، وقصد الأخلاق، والدفاع عن الشرف، رغم أن هذه المقومات العامة تكرس رجوليات سلبية، ولا ترتكز على سمات تحدد هوية الرجل في نطاقات الاضطهاد والعنف والسلطوية، وفي خضم ركام الرجوليات بسلبياتها وإيجابيها، تبقى هذه المفاهيم التي بنت دور المرأة والرجل معا وجوديا وتاريخيا، تأتي مبادرة “الرجولة في دقائق” لتسلط الضوء على رجوليات إيجابية تحمل قيمها نساء ورجال أجمعوا على رفع مبدأ لــ “نناهض العنف كيفما كانت اشكاله”.
كما جاءت هذه المبادرة التحسيسية الثقافية والتواصلية، لتؤكد على أن الرجولة تساوي المروءة والأنوثة، وأن سمو الرجولة يتجلى كقيمة إنسانية في الرقى بالمجتمعات التي لا ترجح كفة جنس عن جنس آخر.
إلى ذلكــ ، أكدت جمعية “أحياء العالم”التي تعمل من أجل محاربة العنف ضد النساء، ومن خلال طرح موضوع الرجولة في دقائق، على أن محاربة العنف ضد النساء لا تكمن فقط في رصد آلياته وتعريتها أو في رفضه وتحميل الذكورة السلبية والعنيفة كامل مسؤوليتها الإجتماعية والتاريخية، وإنما من أجل بناء وزرع ذكورة إيجابية من خلال اعتبار الرجال شركاء حقيقين في محاربة العنف وتفكيك الذكورة السلبية وخلق مجتمع متساوٍ ومتكامل تسوده مبادئ المروءة والشجاعة وتحدي الصعاب على قدم المساواة، ومراكمة التجارب الشخصية والحكايات الذاتية للمشاركين والمشاركات في المعرض بلغة مكشوفة وسلسة وصور إيجابية في عالم معولم ورقمي بامتياز.
وللإشارة، فإن اختيار هذا المعرض الرقمي يروم إطلاع الرأي العام على مختلف الفرص التي باتت تتيحها الرقمنة لطرح موضوع العنف ضد النساء ومفهوم الرجولة الإيجابية بشكل محلي وجهوي ووطني ودولي، وإلى إبراز مدى أهمية دور وسائل التواصل في خلق فضاءات لمناقشة مواضيع تهم المجتمع.