“طيور الظلام” رؤية نقدية لواقع المكفوف للفرقة المسرحية لجماعة الدار البيضاء

هاسبريس :

عن مسرحية وجهة نظر، وفي إطار البرنامج الثقافي لجماعة الدار البيضاء، قدمت الفرقة المسرحية لجماعة الدار البيضاء مسرحية ” طيور الظلام” يوم الأحد 20 مارس الجاري بمسرح محمد السادس بالدار البيضاء، وهي من اقتباس وإخراج الفنان أنوار حساني تحت إشراف الأستاذة رابحة زاهيدو، وتشخيص زكرياء أشكور و أمينة فرعون وأنوار حساني وعائشة اهتمام ومحمد غلام و سهام الزبير و المصطفى حقيق، و عبد الهادي علوكيو، وكل من  محمد مغفولو في الإضاءة، والطيبي بن الزوين في المؤثرات الصوتية.

 وتجري أحداث المسرحية في مأوى للمكفوفين، تسيره إدارة فاسدة، تسرق حقوق المكفوفين وتتحايل عليهم، وتركب نزواتها الذاتية دونما وازع من مسؤولية أو خلق.، لكن بعضهم لا تنطلي عليه اللعبة، خاصة شخصية “الطير” التي تمتلك استبصارا نافذا لما يجري حولها، هي الشمس المضيئة لليل البصر.

 كما تنحو المسرحية، في الكثير من لحظاتها، إلى السخرية الحبلى بحدة المعاناة، وتفتح منافذ لبوح المكفوفين للتعبير عن جراحاتهم ومواجدهم وتطلعاتهم الإنسانية، ومشاكلهم التي لا يفهمها أو يتجاهلها غيرهم.، وكل شخصية تمثل تفرعا خاصا داخل البنية العامة للعرض، فهناك الشخصية المتزمتة المنغلقة، وهناك الشخصية المتفتحة المنبسطة، وهناك ما بينهما، وكلها تتوفر على قدرات ملحوظة في التقمص والأداء المستثمر لإمكانات الجسد حركة وصوتا وإيحاء، واضطلاعا بتشخيص المفارقة وإبداع اللحظة المسرحية الجاذبة، في تظافر بطبيعة الحال مع مختلف المكونات الجمالية التعبيرية المصطنعة، المستلزمة لإنجازية عرض مسرحي متكامل العناصر.

هذا، و تأتي قدرات الممثل مؤازرة بعلامات الإضاءة المشعرة بتغاير الأزمنة والمواقف، وبتنويعات الموسيقى والمؤثرات الصوتية حسب اللحظات والحالات، ومتناغمة مع تشكيل فضاء الخشبة بما يؤشر على حيز الحدث وهو مأوى المكفوفين بمختلف مرافقه، وهو الحيز الثابت على امتداد المسرحية، المعتمدة حركيتها أساسا، على سيولة الأحداث ومفارقاتها، وسخريتها المحببة ذات الدلالة العضوية في تطورات مسارها، المبني في لحظتين مفصليتين، لحظة لقاء المكفوفين في المأوى والتعرف على شخصية كل منهم ومشاكلها، ولحظة وقوع ورقة متضمنة لحجم ومصادر تمويل المأوى في يد “الطير”، مما أدى إلى انفضاح حقيقة الاختلاس والنصب من إدارة المأوى، فكان أن هبت الرياح بعكس نزواتها.

وإذا كانت هذه المسرحية تخترق عالم المكفوف، وتقف على بعض معاناته ومطامحه وملابساته، فإنها تشكل استعارة رمزية كبرى لما يجاوز عالم الضرارة، إلى واقع الكثير من المبصرين أنفسهم، حين لا يكون نصيبهم من الحياة غير الضنك وشرب الريح، وهي تضيء العتمة ولا تكتفي بلعن الظلام.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.