محرك البحث الكوني جوجل Google يعيد الإعتبار للفنانة التشكيلية العراقية نزيهة سليم

مـحـمـد الـقـنــور : 

احتفل محرك البحث الكوني جوجل  Google ،بالفنانة التشكيلية العراقية والأستاذة الجامعية نزيهة سليم كواحدة من أكثر الفنانين تأثيراً في المشهد الفني التشكيلي المعاصرعلى مستوى الشرق الأوسط والدول المغاربية،على غرار الفنانات المغربيات فاطمة حسن، وأشعيبية طلال،وفاطنة الكبوري،والمصريتين أنجي أفلاطون،وآمال قناوي،والتونسيتين رفيقة حواس  وسناء الهشيري،وغيرهن من الفنانات رائدات الفكر التشكيلي المعاصر من المحيط إلى الخليج.

فقد ولدت الفنانة التشكيلية العراقية نزيهة سليم عام 1927م،في مدينة إسطنبول في تركيا،لأبوين عراقيين، في أسرة تعشق الرسم والفن التشكيلي،إذ كان والدها محمد سليم ضابطا في الجيش، فبرزت الفنانة نزيهة في ظل عائلة من الفنانين المشهورين سعاد سليم ونزار سليم وجواد سليم الذي كان له دور في عمل نصب الحرية المشهور في بغداد.

وكانت نزيهة سليم، واسمها الحقيقي فاطمة نزيهة،البنت الوحيدة بين سبعة اخوة، إذ توفي ثلاثة منهم صغارا، أحدهم عند الولادة والثاني بعد عام وآخر بعد عام ونصف،وبقيت نزيهة وهي البنت الخامسة بين أربعة أخوة ذكور، فنشأت في وسط عائلي  يهتم بالثقافة، تسكنه المعرفة والفنون التعبيرية والتشكيلية، فوالدها الحاج محمد سليم علي الموصلي كان فنانا تشكيليا ومديرا عاما وأول أستاذ فنزن تشكيلية للامير غازي .

وعلى كل حال، فقد كانت دار عائلة سليم في منطقة الفضل ببغداد، قبلة للفنانين العراقيين والعرب والاجانب مثل باريما و ماتوشالك و”حابسكي” و”مدام ستنلويد” و”كنت وود”وغيرهم.

لقد التحقت نزيهة سالم بمعهد الفنون الجميلة في بغداد حيث درست الرسم وتخرجت بامتياز سنة 1947 ونظرًا لتفوقها، أُرسلت ببعثة رسمية إلى باريس ، فكانت أول أمرأة عراقية تُسافر خارج العراق لدراسة الفن، وواحدة من أوائل النساء العربيات اللواتي حصلن على منحة دراسية لمواصلة تعليمها في باريس في المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة، التي تخرجت منها سنة 1951، حيثُ تخصصت في رسم الجداريات على يد الفنان الفرنسي المعروف”فرناند ليجيه”والفنان”سوفربي”،كما أُرسلت لمدة عام واحد إلى ألمانيا الشرقية للتخصص في رسوم الأطفال ورسوم المسرح وتمرنت أثناء ذلك على المزججات وفنون التطعيم بالأنامل .

إلى ذلكــ ،إمتازت أعمال الفنانة الراحلة نزيهة سليم،بالإنكباب على يوميات وعادات وأشغال النساء القرويات العراقيات وحياة الفلاحين، في لوحات مثل شباك بنت الجلبي- ليلة عرس- صانع اللحف- افراح المرأة، ولوحة الدخلة، والمرأة المستلقية، ولوحة الأهوار،ولوحة بائع البطيخ، ولوحة الحرب، وبورترية لفتاة، ولوحة الجدة وغيرها، فكانت ضربات فرشاتها الجريئة المتوحدة مع ألوانها الزاهية،وقيمها المتماهية مع مختلف آفاق الإشراق، تصنع رسائل إنسانية عن عمق الوجدان النسائي العراقي،المنغمس في درى الزمن والثقافات التاريخية لبلاد الرافدين .

وللإشارة، فقد سرقت معظم أعمال الفنانة نزيهة سليم من المتحف العراقي في مركز صدام للفنون أثر الاجتياح الأمريكي للعراق سنة 2003 ،كما تعرضت لوحات أخرى لأسوا عملية تخريب بأغلب المتاحف في العراق ولم يبق من تلك الأعمال المعروضة سوى ست لوحات،من ضمنها لوحتهاالأخيرة رغم ما أصابها من تلف متعمد في أطرافها،وهي اللوحة المتعلقة بامرأة عجوز في حجرها كرة صوف،وفي كفها اليمنى إبرتا الحياكة .

توفيت الفنانة نزيهة سليم في 15 فبراير 2008 عن عمر يناهز 81 سنة، فأُقيم لها تشييع أنطلق من دارها في منطقة الوزيرية قرب كلية الفنون الجميلة التي درست بها، إلى الكرخ من بغداد، واعلنت الأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي الجمعة في بيان عن ايفاد ممثل عنها حضر مراسيم تشييع الفنانة الراحلة فضلا عن تبني مراسم الدفن والعزاء، كما نعاها الرئيس العراقي جلال طالباني، مؤكدا أن العراق ودع الفنانة التشكيلية الرائدة نزيهة سليم، أول امرأة أسهمت في إرساء ركائز الفن العراقي المعاصر، وعملت مع شقيقها جواد سليم الفنان العراقي الأبرز في القرن العشرين ، وشقيقها الآخر نزار سليم وكوكبة من الرسامين والنحاتين الرواد على التأسيس لمدرسة فنية منفتحة على الحداثة،ترتشف من التراث.

هذا،وإن شَكَّـل رحيل نزيهة سليم خسارة كبرى للفن والثقافة في الشرق الأوسط،فإن أعمالها التشكيلية ومساراتها الأكاديمية ستبقى جزءاً أصيلاً من ثروة بلادها الفنية والتعليمية،وجدير بمحرك البحث جوجل،أن يحتفلا اليَوم 23 أبريل 2022،بذِكرى رحيلها.

 

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.