زهرية مراكش : أعياد إحتفاء بالطبيعة، ورسائل العطر الحضاري الممتد لأجيال الغد

مـحـمـد الـقــنـــور :

في أعياد تحتفي بالطبيعة، وتحمل مختلف الرسائل الحضارية ، والدلالات التحسيسة من أجل الحفاظ على البيئة، تقتنى النساء المراكشيات زهر النارنج المعروف في اللهجة العامية المغربية بشجر الزنبوع، من تجار سوق العطارين، بعد أن يتم جنيه من بساتين وعراصي وحدائق المدينة ومن محيطها الخارجي .

إلى ذلكــ ، تحمل ربات البيوت في الأسر المراكشية على وجه الخصوص هذا الطقس التراثي حيث تتعهدنه بكل نفاصيله وآلياته المتعلقة بعملية التقطير، وإجراءاته الزمانية والمكانية، وما يتطلبه من إحتفاليات تلازمه إحتفاء بالعطر وعبق الأريج الممزوج بسمات فنون العيش المغربي في مراكش، كعاصمة للعطور التقليدية المستخلصة من عمق الطبيعة،في المغرب وعموم الدول المغاربية.

ويبرز دور النساء من ربات البيوت والعائلات المراكشية جليا في الحفاظ على هذا الطقس التليد والعريق،رفقة الرجال، والأطفال من الناشئة، كملمح من ملامح الحضارة بمدينة سبعة رجال، ودورهن الرئيسي في الحفاظ على هذا الموروث الحضاري ونقله إلى الأجيال، في ممارسات عطرة وأساليب متحضرة، تجعل من تقطير زهرة النارنج، ليس فقط مبادرات تروم الإستفادة من العطر، وإنما رسائل تراثية متوارثة تكشف بذخ فنون العيش المغربي ونقل مهاراته.

في ذات السياق، يؤكد الباحث الأكاديمي في قضايا التراث المادي واللامادي المغربي الأستاذ جعفر الكنسوسي، رئيس جمعية منية بمراكش،أن هذه الأخيرة، قامت بتوسيع دائرة المهتمين بموسم تقطير زهرة النارنج”الزنبوع” وتعميمه، والإحتفاء به، من أجل لفت انتباه مسؤولي ومسؤولات المدينة وهيئات المجتمع المدني ، إلى أهمية الابتكار في الهندسات الثقافية، وسبل تجديدها وتعميمها وإطلاع الرأي العام الوطني والعالمي على ما تتضمنه من دلالات متجددة، تختزل العديد من المناحي العلمية والمواصفات الحرفية والأبعاد الأدبية والمواكبات الموسيقية والتراث الشعبي.

ويؤكد الكنسوسي، أن جمعية منية مراكش، عملت منذ أكثر من عقد من الزمن على ترسيم زهرية مراكش، كتراث حي ليصبح موسما سنويا قارًا تحتفل به المدينة،ومحطة لتبادل الآراء بين جامعيين وخبراء وباحثين وصيادلة وعطوريين وحبائقيين وتجار، ويمكن المدينة من تكريس دورها الثقافي والإقتصادي، ينضاف إلى أدوارها الحضارية الإشعاعية العالمية، ويسهم في توطيد سمعتها الوطنية والدولية ومكانتها في النسيج الاقتصادي الوطني، .يهتم اليوم بهذا العنصر إضافة إلى الأوساط النسوية التي تعهدته وحافظت عليه لمدة قرون .

كما يوضح الكنسوسي، أن مراسم تقطير زهرة النارنج “الزنبوع” تشكل بعدا إنسانيا ، ومعنويا، إضافة إلى دوره الإقتصادي والثقافي والتحسيسي البيئي، لما تحققه من نتائج هائلة تروم إعادة إنتاج اللحمة الاجتماعية بين مختلف الفئات العمرية داخل الأسر وفي المجتمع وتعزز الشعور بالإنتماء الوطني للتاريخ وللجغرافيا .

في ذات السياق،يكشف الكنسوسي، أن جمعية المنية بفعاليات زهرية مراكش، إستطاعت عبر التراكمات التواصلية التي حققتها، وبسبب إنفتاحها على محيطها الخارجي، أن تستمر في تواجدها كمؤسسة تُجيدُ التعامل مع شركائها المحتفين بزهرية مراكش، على غرار مؤسسة دار الشريفة، وفضاءات قصور أكفاي، ومركز نجوم جامع الفناء دار البوكيلي، ومتحف الفنان التشكيلي المغربي والعالمي الرحل فريد بلكاهية، ومتحف العطور لخبير العطور الأستاذ عبد الرزاق بنشعبان بحي ديور الصابون في مراكش،ورياض دونيز ماصون بحي عرصة أوزال التاريخي، ورياض حدائق المدينة في حي القصبة، وبعض المؤسسات التعليمية كثانوية الزرقطوني، وإعدادية طه حسين، ومؤسسة الربيع للتعليم، ومقهى القصور الثقافي ، وعرصة مولاي عبد السلام، كأحد أعرق الحدائق المغربية والإفريقية

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.