القفطان المغربي نَجْمُ أسبوع الموضة بمدريد
مليكــة المرابــط :
سطع نجمُ الزي التقليدي المغربي، ممثلا بالقفطان الأصيل أو ذي اللمسة المعاصرة، في تظاهرة “أسبوع الموضة باساريلا اسبانيولا” بمدريد، التي نظمت ما بين سابع وتاسع أبريل الجاري بالعاصمة الاسبانية.
وأفردت هذه التظاهرة يومها الأخير لهذه الأزياء الحبلى بعبق التاريح والتي ترتديها النسوة في المناسبات الخاصة، كما أنها تتيح إفاقا هائلة للإبداع لا نهاية لها، من خلال عرض للقفطان بكل تلاوينه شارك فيه عدد من المصممين المغاربة ودور الأزياء.
فمنذ دخوله إلى المغرب في القرن 16، لم يتحجر القفطان كلباس في شكل معين، أو نمط إرتداء مكلس. بل وعلى العكس من ذلك لم يفتأ يغتني بالمؤثرات الشرقية، التركية والأندلسية وبعض الرسومات والزخارف الحسانية و الأمازيغية وبقي في كل مرة انعكاسا لعصره ومتطورا حسب مقتضيات تشكله،ودأب فنانون شبابا، رجالا ونساء، على ابتداع القفطان بملامح حديثة وأنيقة، وذلك بإدخال مواد جديدة على هذه الصناعة.
ومع ذلكــ ، يعتبر القفطان من أكثر أنواع اللباس التقليدي شهرة وذيوعا. يٌقد هذا اللباس الحضري من أفخر الثياب وأجودها حياكة، مثل التافتة، الحرير، الكاشمير والمخمل…. بعد اختيار الثوب يسلم لصانعة تقليدية تسمى الطرازة. هذه الأخيرة تشتغل عليه مقيمة توشيات مثبتة بخيوط من ذهب وفضة وحرير، توشيات تحاكي الطبيعة أو الزخرفة العربية. بعدها، يأتي دور المعلم صاحب القيطان الذي يتولى تزيينه بضفائر ومجادل قبل أن يعمل على تقويته بتبطين من الحرير أو القطن. وغالبا ما يٌعتمد في اختيار لون التبطين على اختيار لون يتكامل مع لون القفطان أو مستعيدا للون من ألوان الطرز أو القيطان المستخدمة في عناصره. وهو ما يضيف إلى هيئته بهاء ورونقا.
في ذات السياق ، تؤكد الأستاذة ثريا بلوالي،مصممة أزياء، وخبيرة في فنون العيش المغربية ، أن القفطان المغربي بقي شاهدا على أناقة ورقة الحضارات التي شهدت نشأته، سواء تحت سماء بغداد، دمشق، قرطبة، غرناطة،أو مراكش وفاس وسلا. وظل فن اللباس هذا بوتقة تنصهر فيها جميع من الفنون والحرف. ابتداء بالنساجين الذين يصنعون في دكاكينهم الثياب والديباج، حتى الخياطين الذين يتكفلون بقد القفطان وتفصيله على شكل وهيئة تختلفان من منطقة إلى أخرى ومن زمن لآخر. فبعد تعاقب عمل الطرازة، والقيطوني يأتي دور المعلم الجمّاع الذي يشرع، معززا بمتعلمين ناشئين، في جمع بالأيد لأجزاء القفطان المختلفة ، متوسلين أنواعا مختلفة من القيطان. وفي كل مرحلة تتنافس أنامل محنكة وأياد ماهرة في إعطاء ثياب بسيطة روحا وشاعرية. كل قفطان بعد ذلك يخلد في سداه هذا التاريخ المجيد الذي بثه فيه هذا الصانع. بهذا ينسج القفطان في ثناياه ويعكس فنا كاملا للحياة. فلكل مرحلة من مراحل العمر، كما هو الحال بالنسبة لكل طقس من طقوس الحياة (ميلاد، ختان، خطبة أو زفاف…) يجترح الفنان الصانع قفطانا معينا، بأسلوب معين.
والحقيقة أن هذه الأهمية الجمالية وهذا الإشعاع الحضاري لمنزلة القفطان داخل الثقافة المغربية، هو ما ترجمته فعاليات “أسبوع الموضة باساريلا اسبانيولا” بالعاصمة الاسبانية لذلك اختار، بمناسبة عرضه الافتتاحي، أن يستعرض القفطان المغربي، كرسائل متمدنة من الحضارة المغربية، وتيمات جمالية من أناقة أصيلة لنساء ورجالا لطالما تناقلوا، عبر قرون، فنون توشيح الإنسان، باللون والطيف والتنوع ، حيث يزدان القفطان بكل مباهج التألق والتميز في كل مراحل العمر ومن طرف الجنسين معا الذكر والأنثى.، ومن خلال جميع الفئات العمرية .