الدورة السادسة لمهرجان كناوة شو للعالم تنطلق غدا الأربعاء 3 ماي بمراكش

مـحـمـد الـقـنـور :  

إنطلقت بمراكش،فعاليات الدورة السادسة لمهرجان مراكش كناوة شو للعالم التي تنظمها مؤسسة مهرجان مراكش كناوة شو للعالم بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبتعاون مع المجلس الجماعي لمراكش ومجلس جهة مراكش آسفي،وجمعية الأطلس الكبير ، اليوم الأربعاء 03 ماي لتستمر على مدى ثلاثة أيام إلى غاية 06 من نفس الشهر،

وخلال الندوة الصحافية التي حضرها الدكتور محمد الكنيديري جمعية الأطلس الكبير،الفنان الكناوي عثمان أيت أحميتي،رئيس مؤسسة إيفن أرت،أبرز هذا الأخير، أن هذه التظاهرة ستعرف مشاركة ما يزيد عن 10 معلم من مناطق مختلفة من المغرب، ممن سيقدمون عروضا رفيعة المستوى بكل من ساحة جامع الفنا وساحة 16 نونبر ، المعروفة في لأوساط الشعبية بمراكش بساحة الحارثي،ومركز نجوم جامع الفنا في حي فحل الزفريتي .

وأبرز أيت أحميتي، أن هذا الحدث الثقافي التراثي بات يعتبر ملتقى سنويا للمبدعين والنقاد والمثقفين والفنانين من مختلف أنحاء المغرب،مشيرا، أنه قد سبق له أن استضاف العديد من الأسماء البارزة في عالم التراث والثقافة والفن، حيث لقي المهرجان إقبالا ونجاحا في الدورات السابقة محليا وجهويا وعالميا، وقد مثل المملكة المغربية ببوغوتا عاصمة كولومبيا، وفي لندن وفي الهند ودول أخرى ..

وأكد أيت أحميتي أن الدورة السادسة لمهرجان كناوة شو للعالم 2023 ستعرف مشاركة فرق ذات صيت وطني وعالمي مع تكريم لفعاليات فنية في الفن الكناوي.

من جهته، أوضح الدكتور الكنيديري، أن هذا المهرجان يهدف إلى تطوير الفن الكناوي والتعريف بمؤهلاته القيمة وتسويقه وطنيا ودوليا، وإطلاع جمهور المهرجان عن ما تزخر به مدينة مراكش الحمراء من تنوع فني وثقافي من خلال الأنشطة الموازية التي ستقام طيلة المهرجان، والتي تروم التعريف بالمؤهلات الطبيعية والسياحية لمدينة مراكش،قصد المساهمة في الديناميكية الثقافية والفنية والاقتصادية المحلية والجهوية والوطنية.

وتجدر الإشارة إلى أن الفن الكناوي تم تصنيفه من طرف منظمة اليونسكو من التراث العالمي اللامادي للإنسانية، لكونه نابع من عمق التراث الإنساني الذي يمتد إلى أكثر من 4 قرون خلت، ليس فقط نتيجة إيقاعاته النوعية الملامسة للروح والمشاعر، وإنما بسبب مايحمله من دلالات صوفية وأهازيج تختزل توحد الإنسان مع الحياة بكل رمزيتها الوجودية.المتعددة الأبعاد، وهو ما يسم الفن الكناوي بفرادة موسيقية أصيلة تختلف شكلا ومضمونا عن باقي الأنماط الموسيقية المغربية الأخرى، مكنته من الوصول بإشعاعه إلى العالمية.

هذا، وكان الفن الكناوي،قد حمل منذ نشأته لوعات معاناة الاستعباد، وأبدع أيما إبداع في تحويل صرخاتها المعبرة عن الرغبة في الإنعتاق والإستمرار في الطموح نحو التحرر والاندماج مع الآخر والذات،وغدت عباراته وترانيمه وإيقاعاته اليوم إرثا ثراتيا للبشرية، حيث تتوحد مختلف الحركات مع الرقصات المشرئبة، وتختزل نسمات الحرية ، عبق العراقة المغربية، وحظي بإعتراف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) كتراث إنساني ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي الغير المادي.

إلى ذلكــ ، أكدت أبحاث نقدية ودراسات أكاديمية ، أن الفن الكناوي بإيقاعاته الموسيقية وعروضه الراقصة، وألوان ممارسيه المتنوعة، وأهدافه الروحية، ونوازعه النفسية، وأبعاده الصوفية يتجاوز الموسيقى والطرب والغناء، ليختزل إحساسًا قويًا بجمالية روافد الهوية الثقافية المغربية.

وتشير معظم الدراسات التي تناولت الفن الكناوي بالنقد والتحليل، إلى أن إيقاع الحديد الذي تحدثه القراقب “القراقيش”يتماهى مع إيقاع السلاسل والأغلال التي كانت توثق العبيد في الماضي أثناء “شحنهم” كأسرى من المرافئ، نحو أسواق النخاسة في القرن السادس عشر.

وتعود ثقافة “كناوة” في الأصل إلى مجموعات وأفراد من العبودية وتجارة الرقيق التي يعود تاريخها إلى القرن السادس عشر الميلادي.

ولقد أشار المؤرخ الأديب، والرحالة روجى لوطورنو،في كتابه “فاس قبل الحماية الجزء الثاني” أن “الطوائف الشعبية، كان يتم إستدعاؤها من طرف أعيان مدينة فاس لإعطاء بهاء لحفلاتهم العائلية،وكانوا يتصلون بِكناوة ، وهم العبيد المنحدرين من غينيا، ، مشيرا أن هؤلاء الزنزج، كانوا قد وفدوا  على المغرب في مجموعات متتالية منذ بداية  القرن السادس عشر، وأن طائفة كناوة لم تكن تقبل كأعضاء سوى السود”.

وتكشف ذات الدراسات، أن كلمات أغاني كناوة تستحضر ماضي الاستعباد والتهجير، وترمز إلى  مواجيعهم في حياة الأسر، ومآسي أسواق النخاسة،كما تكشف عن معاناتهم ضمن جمل مختزلة باللغة العربية والأمازيغية والدارجة المغربية العامية وعبارات تنحدر من لهجات قبائل جنوب الصحراء .

وللإشارة، فقد دخل فن الكناوي من مناطق جنوب الصحراء المغرب على مراحل مختلفة،منذ القرن السادس عشر الميلادي،عن طريق أفراد القبائل الإفريقية المهزومة بسبب الحروب، وممن قدموا كعبيد من طرف القبائل المنتصرة، إلى أسواق الرقيق،حاملين معهم أهازيجهم وتمثلاتهم ، قبل أن تمتزج بباقي الروافد الثقافية السائدة بالمغرب،وفكر الزوايَا الحمدوشية والعيساوية والقادرية الصوفي الرباني، ضمن علاقات تأثير متبادل، ظل يمزج بين الحمولة الثقافية القديمة لكناوة وبين أذكار الطوائف الصوفية المغربية، في صياغة هارمونية تؤلف بين المعاني والرموز، وتتوحد من خلالها الدلالات المتعددة مع الإيقاعات العميقة، التي لاتكتسب إلا بالتعلم والمجاهدة والتدريب والتلقين، وفي إطار دوائر شبه مغلقة ليست سوى دائرة “لمعلمين” ومحيط عائلات “كناوة”.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.