قصّة قصيرة جداً ….. المَضَاجع المهْجورَة…
المَـضَــاجع المَـهْـجــُورَة …
لم تُسعف الظروفُ الطّفلة منّانة على متابعة دراستها في إحدى المدارس العمومية أسوة بأقرانهَا، ترمّلت بها أمها التي حرَمت نفسها من زَاوج آخر محتمَل، تجْربة الأّم مع قدَر الفقر، أيقظت فيها لواعج الصبر ونخوَة التحدي، علمتها إمتطاء صهوة الكدح والكرامة، ورسمت في أعماقها، أن إبنتها خط أحمر، ستمتطي ركاب الكدح، لتَضمن لها و لإبنتها الحد الأدنَى على الأقل من القناعة، وظّفت بشاشة ملامح وجهها، وعفوية حلو حديثها، وعشقَها لذكريات الحنّاء، اِستطاعت مع الأيّام أن تجعل من بيوت حارَات مدينتها الخَلفية، معابر مفتوحة في وجْهها، ومن أبوابها أشرعة مفتوحة على كل أسئلة القلوب بدون حدود، تتنقل عبر متَاهات أزمنتها، وإنعراجات دروبها، تزخرفُ أنامل الصيايا والصغيرات، تخضّب أيادي وأرْجل الكبيرات في مسارات الأعْياد ومناسبات الفَرح، بخلطة حنْاء ناعمة، معطرة بأزهار القرنْفل البرّي، حولتها لقصائدَ، للوحات حالٍمَة بين ثنَايا خصْلات الشعر، وعلى ضفائر الصّبايا، وتوقيعات نعومة وطلاوة على أنامل العرائس الطريّة، فنّانة بالفطرة تتحدث لغة الحناء المسكونة بأسرار العشق وجواهر الحياة، على خطوط من أريج زهر وقرنفل.