صاحب أﺑﻠﻎ ﺑﻴﺖ غزل بالعصر ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، كان شاعرا مجنونا

هاسبريس : 

كان الشاعر السوداني ادريس جماع ، قد سقط في إضطرابات نفسية وكآبة حادة، أفقدتهُ ﻋﻘﻠﻪ ﻓﻲ أواﺧﺮ أيام عمره القصير، فعزم ﺃﻫﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻌﺎﻟﺠﻮﻩ ﺑﺎﻟﺨﺎﺭﺝ ..

وﻓﻲ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺭﺃﻯ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﺑﺮﻓﻘﺔ ﺯﻭﺟﻬﺎ ؛ ﻓﺄﻃﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ، مما أغضب زوج المرأة، وحاول توبيخه وﻤﻨﻌﻪ من النظر إلى زوجته، ﻓﺄﻧﺸﺪ ﻳﻘﻮﻝ :
ﺃﻋَﻠﻰ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﺗﻐﺎﺭُ ﻣِﻨّﺎ …………….ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺇﺫْ ﻧﻈﺮﻧﺎ
ﻫﻲَ ﻧﻈﺮﺓٌ ﺗُﻨﺴِﻲ ﺍﻟﻮَﻗﺎﺭَ………….. ﻭﺗُﺴﻌِﺪ ﺍﻟﺮّﻭﺡَ ﺍﻟﻤُﻌﻧَّﻰ
ﺩﻧﻴﺎﻱ ﺃﻧـــﺕِ ﻭﻓﺮﺣـــﺘﻲ…………… ﻭﻣُﻧَﻰ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩِ ﺇﺫﺍ ﺗَﻤﻧَّﻰ
أﻧﺕِ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀُ ﺑَﺪَﺕ ﻟﻨﺍ…………….. ﻭﺍﺳﺘﻌﺼﻤﺖ ﺑﺎﻟﺒُﻌﺪِ ﻋﻧَّﺎ

ويُحكى أن ﺍﻷﺩﻳﺐ الناقد الراحل ﻋﺒﺎﺱ ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺍﻟﻌﻘﺎﺩ، سمع هذه الأبيات، فأعجِبَ بها، فسأل ﻋﻦ ﻗﺎﺋﻠﻬﺎ، فأخبروه أنه ﺸﺎﻋﺮ ﺴﻮﺩﺍﻧﻲ يُدعى ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ، وأنه نزيل ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻓﻰ للأمراض العقلية في بريطانيا، تحت رعاية أهله ..

فأجاب العقاد، أن هذا ﻣﻜﺎﻧﻪ ، ﻷﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻼﻡ ﻻ ﻳﺴﺘﻄﻴﻌﻪ ﺫﻭﻭ ﺍﻟﻔﻜﺮ … !!
وفي المستشفى في لندن خلال فترات علاجه، أعجبَ الشاعر إﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤّﺎﻉ ﺑﻌﻴﻮﻥ ﻣﻤﺮﺿﺘﻪ، فكان يطيل ﺍﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻴﻬﺎ ، ﻓﺄﺧﺒﺮﺕ ﻣﺪﻳﺮ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﺬﻟﻚ، ﻓﺄﻣﺮﻫﺎ المدير ﺃﻥ ﺗﻠﺒﺲ ﻧﻈﺎﺭات شمسية ﺳﻮﺩﺍﺀ، ﻓﻔﻌﻠﺖ ، ﻭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎﺀﺗﻪ ﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺟﻤﺎَّﻉ فأﻧﺸﺪ :

ﻭﺍﻟﺴﻴﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻐﻤﺪِ ﻻ ﺗُﺨﺷَﻰ ﻣَﻀﺎﺭﺑُﻪ..ﻭﺳﻴﻒُ ﻋﻴﻨﻴﻚِ ﻓﻲ ﺍلحالتين ﺑﺘّﺎﺭ

وﺣﻴﻦ تُرجمت  ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻟﻟﻤﻤﻤﺮﺿﺔ ﺑﻜﺖ .. و لدرجة أن بعض النقاد ﺻنفوا ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻴﺖ، كأﺑﻠﻎ ﺑﻴﺖ ﺷﻌﺮ عربي ﻓﻲ ﺍﻟﻐﺰﻝ بالعصر ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ.

و للإشارة، فإن هﺬﺍ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ السوداني ﺇﺩﺭﻳﺲ ﺟﻤَّﺎﻉ ﻫﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻷﺑﻴﺎﺕ ﺍﻟﺸﻬﻴﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ :
إﻥ ﺣﻈﻲ ﻛﺪٓﻗﻴﻖٍ ﻓﻮﻕٓ ﺷﻮﻙٍ ﻧﺜﺮﻭﻩ

………………………...…..فقالوا ﻟِﺤُﻔﺎﺓٍ ﻳﻮﻡَ ﺭﻳﺢٍ ﺍﺟﻤﻌﻮﻩ
ﻋَﻈِﻢ ﺍﻷﻣﺮُ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺛﻢ ﻗﺎﻟﻮﺍ ﺍﺗﺮﻛﻮﻩ

………………………..ﺃﺷﻘﺎﻩُ ﺭَﺑِّﻲ ﻛﻴﻒَ ﺃﻧﺘﻢُ ﺗُﺴﻌﺪﻭﻩ

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.