الغجر شعبٌ بدموع من نار يُحتفى به في مراكش
مـحـمـد الـقـنــور :
بعد فترة التوقف الصيفي، عاد معهد ثيربانتيس بمراكش ليستأنف أنشطته الثقافية ببرنامج متنوع يشمل الأدب والسينما والورشات والفنون الاستعراضية، حيث يفتتح معهد ثربانتس بمراكش موسمه الثقافي الخريفي بتقديم “كتاب الغجر.. شعب بدموع من نار” وذلكــ ، على الساعة السادسة والنصف مساءً يوم الأربعاء المقبل 24 شتنبر الجاري بقاعة المحاضرات في ذات المعهد.
ويعتبر “كتاب الغجر.. شعب بدموع من نار”عملا أدبيا وأنثروبولوجيا للكاتبة والصحافية الفرنسية، المقيمة في مراكش، لورانس غورّيه لابيير ، حيث يقدّم الكتاب رحلة عميقة في عالم الغجر من خلال قصص ومقابلات وشهادات جمعتها الكاتبة خلال سنوات من العيش في جنوب إسبانيا. وبأسلوب يجمع بين الدقة الأنثروبولوجية والكتابة الملتزمة، تنسج المؤلفة لوحة متعددة الأصوات تكشف غنى الثقافة الغجرية وما يحيط بها من توترات وقيم، وصراعات ضمن صور متعددة الأبعاد لشعب الغجر، ليس بوصفهم مجرد جماعة هامشية، بل ككائنات ثقافية نابضة بالحياة، تتنفس الموسيقى، وتعيش على حافة التاريخ الرسمي..
هذا، وإلى جانب الكاتبة لورانس غورّيه لابيير يشارك في الأمسية الكاتب المراكشي عبد الرزاق بن شعبان الذي سيتولى تقديم الكتاب وتيسير الحوار مع الجمهور.
وتختتم الأمسية بعرض الفيلم الوثائقي خوان كارمونا، الفلامنكو شغف متقد (إخراج جان ماري دافيد، 2005)، الذي يرسم بورتريهاً للعازف الغجري -الأندلسي خوان كارمونا، حيث يوثّق الفيلم مسيرته الحياتية والفنية حيث ينفتح الفلامنكو على مؤثرات كلاسيكية وشرقية وسينمائية، مع حفاظه على جذوره الأندلسية الغجرية.
كما يضم الشريط مقاطع من مقابلات أجرتها الكاتبة مع أفراد من المجتمع الغجري ومع كارمونا نفسه، وهي شهادات واردة كذلك في الكتاب، الذي لا يكتفي بسرد القصص، بل ينخرط في تفكيك الصور النمطية والتصورات الوصمية، التي لاحقت الغجر عبر القرون، وذلك من خلال مقابلات مع موسيقيين، نساء، شيوخ، وشباب، حيث تنسج الكاتبة خيوطًا من الألم والجمال، وتكشف عن الازدواجية التي يعيشها الغجري بين الحرية والإقصاء .
كما تبرز الكاتبة في أحد محاور الكتاب، طبيعة العلاقة بين الغجر والفلامنكو، حيث يُستحضر العازف الأندلسي خوان كارمونا كشخصية محورية. عبره، نكتشف كيف تتحول الموسيقى إلى لغة مقاومة وهوية متقدة، وكيف تتقاطع الأنغام مع الجراحات.
وللإشارة، فإن مسار لورانس غورّيه لابيير يتسم بالاهتمام الدائم بالأصوات المهمشة، فبعد عقد من العيش في شبه القارة الهندية، أصدرت رواية موجة نيلافيلي والمسرحية هل قلتم إغواء؟، كما أنجزت سنة 1997 الفيلم الوثائقي بينظير: الوجه الآخر للحجاب حول رئيسة الوزراء الباكستانية بينظير بوتو.
ومن المرتقب، أن يشاركـ معهد ثيربانتيس بمراكش خلال شهر أكتوبر المقبل، في فعاليات “المؤتمر العالمي للفلامنكو” الذي تنظمه شبكة معاهد ثيربانتيس وسفارة إسبانيا بالمغرب، من خلال عرض فني بمراكش وآخر بأكادير، إضافة إلى لقاءات أدبية وورشات وأنشطة متنوعة لجميع الفئات، بما يثري برمجة متنوعة منفتحة على الجميع.