لوحات تشكيلية بيعت بمبالغ خيالية ، وأخرى تحولت لملكية كل الإنسانية

هاسبريس :

 

يتفق معظم الفنانين والنقاذ والمثقفين في كل ربوع العالم  أنها أهم لوحات العالم ، وأنها لا تُقدر بثمن، وأنها ليست للبيع، وأن مكانها الطبيعي هو المتاحف ، لتظل في ملكية كل الإنسانية، وتعود أغلب هذه اللوحات إلى الفترة الفاصلة مابين عصر النهضة الأوروبية و فترة ما قبل القرن التاسع عشر .

إلى ذلكــ ، فإن العديد من المستثمرين وجامعي الأعمال الفنية ورجال الأعمال يفضلون الاستثمار في سوق السلع الفنيَّة الذي يعتبر أكثر استقرارًا، مقارنةً بسوق الأوراق المالية.، ومؤشرات بورصات القيم،فــأسعار اللوحات، هي في إرتفاع مضطرد بفعل توالي الزمن، الذي يضفي غليها العراقة والتميز كما أن ارتباط اللوحة التشكيلية بحدث عاطفي أو تاريخي أو إجتماعي أو سياسيٍّ مُعيَّن قد يرفع من ثمنها،ويستفيد من آصالتها .

وتأتي لوحة «الموناليزا» على قمَّة أهم لوحات العالم، والتي لا يمكن بيعها مطلقًا، وستظلُّ بذلك ملكًا لجميع البشرية في مكانها المحروس بالتقنيات الحمائية العالية التكنولوجيا  ، داخل أحد أروقة متحف اللوفر في باريس  .

هذا، بعد الموناليزا، تعتبر لوحة “مزهرية عباد الشمس” للرسام الهولندي ما بعد الانطباعي “فان سانت فان جوخ”، Van Ghogh;وهي عبارة عن مزهرية تحتوي على خمسة عشر زهرة” تصنف حسب النقاد في سياق الطبيعة المائتة، ويطغى عليها اللون الأصفر والبني الفاتح، ولعل شهرتها تبرز في كونها كانت أوَّل لوحةٍ حديثة أي بعد العام 1800، فقد عاش فان غوغ فقيرا معدما، ولم يبع أية لوحة من لوحاته، قبل أن يفارق الحياة متأثرا بجراحات رصاصة ، كان قد أطلقها عليها في حقل ذرة ، ثم لوحة “متى ستتزوجين ” للفنان التشكيلي  الفرنسي «بول غوغان» (1848- 1903) Paul Gaugin التي إعتبرها البعض أغلى لوحةٍ بيعت في تاريخ الإنسانيّة، حيث وصل سعرها إلى  300 مليون دولار في مزادٍ علنيّ عام 2015، وقد اشترتها الشيخة «الميَّاسة بنت حمد بن خليفة آل ثاني» شقيقة  أمير قطر، و رئيسة مجلس الإدارة في متحف قطر الوطني، وتكشف اللوحة المعنية عن فتاتين من تاهيتي، ترتديان الملابس التقليديّة، فتاةً تضعُ وردةً بيضاء على شعرها المنسدل، والحالكـ السواد ، وذلكــ حسب الثقافة الفلكلورية لشعب تاهيتي ، في دلالة على  أنّها عزباء ترغبُ في الزواج، صُحبةَ امرأة في عمر الكهولة تسألها متى عن تاريخ زفافها .

وقد رسم بول غوغان هذين المرأتين في مشهدٍ طبيعيّ وضمن هارمونية لونية، ساخنة الدلالات ؛ أثناء تواجده في تاهيتي ، واستخدم فيها التراتبية التي تطرحها طبيعة المنطقة  السوسيو ثقافية  من الأخضر والأصفر والأزرق.

والواقع، أن غوغان عمد إلى تقديم مواضيعه في تاهيتي بحسٍّ مرهف وشعور دافق ، يتمخض في منتهى الفطرية ، عن مرحلة جديدة في تاريخ الفكر التشكيلي ، بعيدًا عن مقاييس صالونات “باريس” ومقاييس الحداثة الأوروبيّة، فقد صوّر غوغان سكَّان تاهيتي وكأنّهم يعيشون فقط للغناء والإستجمام  وممارسة الحبّ.

وقد ظل الفنان غوغان من ضمن المرفوضين في معارض باريس، إلى أن أنصفه التاريخ ، لكونه كان فنانا سابقا لعصره .

وتعتبر لوحة «لاعبو الورق» Les Joueurs de cartes، للرسّام «بول سيزان» Paul Cezanne 1839 – 1906 ، أحد رموز الإنطباعية الجديدة ، من ضمن أغلى لوحات العالم. فقد بيعت اللوحة المعنية بمبلغ 272 مليون دولار في عام 2011، وقد اشترتها العائلة المالكة في قطر .

وكان بول سيزان ، الذي طالما إشتكى من بخل والده، قد رسم هذه اللوحة بين عامي 1894 – 1895، ضمن  سلسلة لوحات تحملُ نفس الاسم.

وتصوِّرُ اللوحة عددًا من أهالي المقاطعات القروية ، وهم يلعبون الورق في ملابس حديثة مدخنين سجائر وغليون. حيث برع سيزان في ينقل مدى لاعبي الورق بعيونهم المنشغلة به على اللعبة ، فعلى عكس لوحات لعب الورق السابقة، لرسامين آخرين، التي كانت تصوِّر اللعب في جوٍّ من الصَّخَب والهرج والمرج، فإن لوحة سيزان تبدو وكأنها نص أدبي  سردي و قوي، مُرَكِّزة على حالة التركيز والهدوء فقط

ثم لوحة «رقم 17 أ»، بالإنجليزيّة: «No 17 A»، للرسّام التجريدي الأمريكي «جاكسون بولوك» jackson bullock (1912 – 1956 والتي رسمها عام 1948.

ويعتبر بولوك من أهم رموز التعبيريّة التجريديّة، فقد بيعت اللوحة مِن طرف مؤسسة ديفيد جيفين لكينث سي. جريفن . بسعر 200 مليون دولار، عام 2015،لــ  جامع لوحات وتاجر تحف ، في صفقة إتسمتْ بشكلٍ شخصي .

يرى النقاد أن اللوْحة تتفرد بأسلوب الرسم بالتنقيط الذي ابتكره بولوك، وأحدث تغييرًا جذريًّا في عالم الرسم عام 1947. تبدو اللوحة عشوائية وعفويَّة للغاية، فقد طرحت خطوطا وقيما جديدة في درجةً فريدةً من الإتقان والتركيز. كالعادة لم تُقابل أعمال بولوك في البداية بالترحيب، حتى إن قلائل هم من تفهموا أسلوب الرسم بالتنقيط.، خصوصا مع تطور علوم الفيزياء النووية وطب الخلايا .

ثم لوحة  البنفسجي والأخضر والأحمر»، بالإنجليزية:  (Violet, Green and Red)، للفنان التشكيلي والتعبيري، الأمريكي  الروسي «مارك روثكو» (1903- 1970)، فقد بيعت اللوحة، عام 2014، بسعر 186 مليون دولار من «كريستيان مويكس» لرجل الأعمال الروسي الشهير «ديمتري ربولوفليف». فقد كانت لوحات روثكو عبارة عن ألوان مجرَّدة صريحة وقوية مرسومة بشكلٍ أفقيٍّ يفصلها عن بقيَّة ألوان اللوحة ظلالٌ ضبابيَّة.

وقد أظهرت معظم التحليلات النفسية التي تناولت أعمال روثكو أن هذا الأخير ، كان يعاني من إضطرابات نفسية حادة ، وهو ما أدى به إلى الإنتحار في سن السادسة والستين، بقطع شرايينه بشفرةٍ حادَّة في بيته، قبل أن تتربع إحدى لوحاته على عرش الثراء العالمي .

وتطرح لوحة روثكو  الألوان الثلاثة بشكلٍ مجرَّد.، تفصل بينها خطوطٌ لا تكادُ تكونُ ملحوظة، حيث يؤكد الفنان على أهمية القيم ودقة الطيفية، ومدى تناسقها  دون أن يحصر نفسه بالمقاييس المتعارف عليها لدى معظم التشكيليين، فقد حاول روثكو رسم اللون ، وليس استخدامه، وتحويله من موضوع إلى شكل.

وتعد لوحتان  لشخصين هما “مارتن سولمانز” و”أبوجين كوبيت”للفنان الشهير، عمدة التشكيل الحديث الهولندي  والعالمي «رامبرانت» (1606 – 1669)، والتي بيعت سنة 2015 من طرف عائلة «روتشيلد» الثرية الإمريكية ، لكلٍ مِن متحفي «اللوفر، وريكز»، وقد إشتراها المتحفان  مناصفةً بسعر 180 مليون دولار.

يعتبر «رامبرانت» ساحر الضوء في مسار التشكيلي العالمي، وأحد أهم أساتذة الرسم في العالم، تتميز أعماله بمحتوى سردي قوي، استخدام فريد للظلِّ والنُّور، معالجة الكثير من قضايا الوجود الإنساني وإعلائه للقيم والأفكار النبيلة.اللوحة عبارة عن صورتين لعروسين بمناسبة حفل زفافهما. وعلى الرغم من أن رامبرانت رسم كلًّا منهما على حده في «بورتريه» منفصل، لكنَّه حافَظَ في نفس الوقت على حس الارتباط بينهما في اللوحة. ويرجع سبب هذا الوصل إلى أن رامبرانت استخدم نفس الألوان والظلال والاستوديو في رسم الصورتين.


وتأتي لوحة «نساء الجزائر» Les Femmes d’Alger، للفنان التكعيبي الأسبانيّ الشهير «بابلو بيكاسُّو» (1881- 1973)، من ضمن اللوحات الأشهر ثمنا ، فقد بيعت سنة 2015 بسعر 179.4 مليون دولار في مزادٍ خاص لرئيس وزراء قطر السابق «حمد بن خليفة آل ثاني».

وقد إستعمل  «بابلو بيكاسُّو» منطق  الأشكال الهندسيّة ، المطبوعة بالفطرة الإنسانية، وإعتمد على الدائرة والمكعب والمستطيل والمربع ، مستلهما قيمه  مِن الفنون الفطرية والأقنعة الإفريقيّة؛ وهو الأسلوب الذي أسس له بيكاسو ليعرف فيما بعد بـ « التكعيبيّة»، ليطرح داخل اللوحة زوايا مختلفة ، تتضِحُ مِن النظرة الواحدة.

«عارية حمراء»، بالإنجليزية: «Red Nude»، للرسام الإيطالي «أميديو موديلياني» (1884 – 1920)، وكانت هذه اللوحة قد بيعت سنة 2015، من «لورا روزي» لرجل الأعمال وجامع اللوحات الصيني «ليو يقيان» بشكلٍ شخصيّ، بسعر 170.4 مليون دولار.

وقد عُرف عن «موديلياني» براعته في بورتريهات العُراه المرسومة بأسلوبٍ حديث يمكن تصنيفه ضمن مقاييس  للمدرسة الوحشيّة، التي أسس لها الفرنسي هنري روسو ، وقد تركـ «موديلياني» الذي توفى في سن 35 بمرض السلّ، أثرا جريئا على مسار الفن التشكيلي المعاصر، ولو أسعفته الدنيا لتركـ فنونا رائقة ومنجزات إبداعية رائقة .

وتعتبر هذه اللوحة ضمن سلسلة إبداعات رائدة، شرع الفنان التشكيلي الإيطالي  «موديلياني» فيها منذ عام 1917. حيث اهتمّ بالعريّ تحديدًا باعتباره أبرز مواضيع الفن الحديث.

ثم لوحة «رقم 5»،للرسّام التجريديّ الأمريكيّ «جاكسون بولوك» والتي رسمها عام 1948. يعتبر بولوك أهم رموز التعبيريّة التجريديّة كما أشرنا سالفًا. بيعت اللوحة عام 2006، بسعر 164.3 مليون دولار مِن رجل الأعمال الأمريكي «ديفيد جيفن» لرجل الأعمال المكسيكي «ديفيد مارتيز».
اللوحة عبارة عن دهانات سائلة على لوح، ويُشار للألوان أحيانًا على أنها زيتية. استخدم بولوك في رسمها الأبيض والأصفر والبني والرمادي وظهرت الألوان أشبه بالنزيف.
«المرأة، لوحة رقم 3»،  «Femme III»، للرسام والنحات الهولندي «ويليم دي كوننغ» (1904 – 1997). بيعت اللوحة، عام 2006، بسعر 161.4 مليون دولار مِن رجل الأعمال الأمريكي «ديفيد جيفن» لجامع اللوحات الأمريكي «ستيفن كوهين». لوحات دي كوننغ أتت على النَّمط التعبيريَ الأقرب للتجريدية، على نفس النمط كان يرسم «جاكسون بولوك» السالف ذكره، كما أن الرسامين كليهما كانا أعضاءً في مدرسة نيويورك للفنّ الحديث.
وهذه اللوحة  هي واحدة من ستّ لوحات في سلسلة تحمل نفس الاسم، هذه هي رقم «3». انتهى منها الرسَّام عام 1953، وقد كثر استخدام النساء كمواضيع اللوحات في فترة ما بعد الحربين العالميتين. عُرِضَت اللوحة في متحف طهران الوطني بإيران للفنون سابقًا، وبقيت حتى اندلاع ثورة الخميني ، تم بعد ذلك منعها من العرض؛لأسباب لاتزال مجهولة، رغم أن اللوحة لا تتنافي مع مضامين الحياء العام أو التمدن ،  حتى اشتراها «ديفيد جيفن» عام 1994.

ولوحة « امرأة في الذهب» وهي «بورتريه للسيدة “أديل بلوخ باور” ، للرسام النمساويّ «جوستاف كليمت» (1862- 1918)، أحد روَّاد الرمزية الحديثة التي أسسها الفنان الإسباني الكبير فرانسيسكو دي غويا Goya، وقد اهتمَّت أعماله بشكلٍ رئيس بالأنثى، حيث قدم المرأة في مشاهد «أيروتيكيّة» وشبقية رافضًا ما أسماه «الخجل السلبي».

فقد رسمت اللوحة عام 1907، تخليدا لذكرى صديقته «أديل بلوخ باور» وهي صديقة مقرَّبة من «كليمت»، وأحد أشهر سيدات المجتمع المخملي في فيينا النمساوية، ولقد إستخدم كليمت Klimt اللون الذهبي بشكلٍ طاغٍ في معظم لوحاته، وهي نفس اللوحات التي أرخت للفترة الذهبية عند كليمت.

 

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.