ماذا عن حماية حقوق مغاربة الاضطرابات العقلية ؟

سعاد تـقـيف : ‏

‏ تتمثل الصحة العقلية، وفق تعريف منظمة الصحة العالمية، في “حالة من العافية يمكن ‏فيها للفرد تكريس قدراته الخاصة والتكيف مع أنواع الإجهاد العادية والعمل بتفان وفعالية ‏والإسهام في مجتمعه”، وهي بذلك، الأساس اللازم لضمان عافية الفرد وقدرته على تأدية ‏وظائفه المجتمعية بشكل فعال وسليم‎.‎
ويظهر من خلال تعريف المنظمة الأممية هذا مدى أهمية الصحة العقلية بالنسبة للفرد ‏والمجتمع، وكذا الجهود والتحديات اللازمة وطنيا ودوليا لحمايتها، بالنظر إلى استفحال ‏الأمراض العقلية التي باتت تتخذ مظاهر وتجليات مختلفة، لاسيما في ظل تزايد ‏الضغوطات والعوامل المسببة لهذه الأمراض‎.‎
وقد انخرط المغرب، الذي يحتفي على غرار باقي دول العالم باليوم العالمي للصحة ‏العقلية، الذي يصادف 10 أكتوبر من كل سنة، في هذه الجهود بشكل حثيث خلال السنوات ‏الأخيرة من أجل تعزيز الصحة العقلية وحماية حقوق الأشخاص المصابين بالأمراض ‏العقلية‎.‎
فقد صادق مجلس الحكومة، في 02 يوليوز 2015، على مشروع قانون يتعلق بمكافحة ‏الاضطرابات العقلية وبحماية حقوق الأشخاص المصابين بها، يتضمن مراجعة شاملة ‏للظهير الشريف رقم 295-58-1 الصادر في 30 أبريل 1959 بشأن الوقاية من ‏الأمراض العقلية ومعالجتها وحماية المصابين بها. و مع أن هذا النص و بشهادة مجموعة ‏من الخبراء شكل قفزة نوعية آنذاك إلا أن التطور الهائل و المتواترالذي يعرفه مجال ‏الصحة النفسية الآن المرتبطة بالمستجدات العلمية جعل هذا الإطار القانوني ضيقا مما ‏حتم ضرورة مراجعته وجعل من الضروري إعداد قانون جديد ينظمها بشكل يغطي جميع ‏الأنشطة التي تقوم بها و يطور أجهزة و طرق تسييرها. ‏
وعليه تم تحضير مشروع القانون المعروض على أنظاركم، الذي يأتي تنزيلا لأحكام ‏الدستور، وخصوصا المادتين 31 و34 منه، وكذا تفعيلا لالتزامات المغرب الدولية ‏وخصوصا الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص المعاقين التي صادقت عليها المملكة بتاريخ ‏‏8 أبريل 2009، والتي تلزم الدول باعتماد مقاربة حقوق الإنسان في السياسات العمومية ‏المتعلقة بهذه الفئة من المجتمع وباتخاذ جميع التدابير المؤسساتية والقانونية اللازمة لهذا ‏الغرض.‏
و تجدر الإشارة إلى أن هذا المشروع يتكون من 110 مادة موزعة على الأقسام السبعة ‏التالية:‏
القسم الأول : أحكام عامة:‏
و يتعلق بتحديد مفاهيم المصطلحات الواردة في نص القانون و كذا المبادئ التي يجب أن ‏يخضع إليها التكفل بالأشخاص المصابين باضطرابات عقلية.‏
القسم الثاني: حقوق الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية:‏
و تتمحور الفكرة الرئيسة لهذا القسم حول حماية جميع الحقوق و الحريات الفردية ‏للأشخاص المصابين باضطرابات عقلية وفقا للنصوص التشريعية و التنظيمية الجاري بها ‏العمل، كما تتم حمايتهم من جميع أنواع التعسفات و الاستغلال و كذا من أشكال التمييز ‏على أساس هذه الاضطرابات.‏

القسم الثالث: اللجنة الوطنية واللجان الجهوية للصحة العقلية:‏

ويعتبر المستجد في هذا القسم: هو إحداث لجنة وطنية للصحة العقلية تحت اسم “اللجنة ‏الوطنية”و تتولى المساهمة في إعداد السياسات والاستراتيجيات الوطنية المتعلقة بالصحة ‏العقليةو كذا إعداد تقرير سنوي حول واقع وتطور الصحة العقلية و حول ظروف علاج ‏المرضى.‏
أما المستجد الثاني فإنه يتمثل في إحداث لجنة جهوية للصحة العقلية بكل جهة من جهات ‏المملكة و تتولى مراقبة شروط علاج المرضى وعلى وجه الخصوص أثناء إقامتهم ‏بالمؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية و البت في الطعون و الشكايات الموجهة إليها من ‏المرضى أو من أقاربهم و تقديم تقرير سنوي عن أعمالها للجنة الوطنية.‏
القسم الرابع: مكافحة الاضطرابات العقلية :‏
و يشمل هذا القسم مستجدات تتمثل في مكافحة الاضطرابات العقلية و أعمال الوقاية ‏والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج.‏
و تجدر الإشارة إلى أن عمليات مكافحة الاضطرابات العقلية تتم منقبل المؤسسات التالية:‏
‏-‏ المؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية؛
‏-‏ ‏ العيادات الخاصة للأمراض العقلية والمراكز العمومية أو الخاصة المتخصصة ‏في التكفل بصنف من أصناف الاضطرابات العقلية أو بفئة من فئات الأشخاص المصابين ‏بها؛
‏-‏ مؤسسات إعادة التأهيل و إعادة الإدماج الاجتماعي؛
‏-‏ المراكز الصحية والوحدات الطبية المتحركة التابعة لشبكة مؤسسات الرعاية ‏الصحية الأولية.‏
القسم الخامس : التكفل بالأشخاص المصابين باضطرابات عقلية:‏
و الجديد في هذا القسم هو تحديد الجوانب المتعلقة بأنماط التكفل بالأشخاص المصابين ‏باضطرابات عقلية، و فق أربعة أنماط: ‏
• نمط العلاجات الخارجية؛
• نمط الاستشفاء؛
• نمط التتبع الطبي الإجباري الخارجي؛
• نمط إعادة التأهيل و إعادة الإدماج الاجتماعي؛
‏ كما تم التركيز على نمط الاستشفاء بالمؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية الذي يكون ‏إما استشفاءا إراديا أواستشفاءا لا إراديا وفق أحكام النص.‏
وفيما يخص الاستشفاء اللاإرادي، يتطرق النص لأحكام قبول المريض ومقتضيات التتبع ‏الطبي الإجباري الخارجي و سبل إعادة التأهيل،كما يضمن حقوق المرضى و شروط ‏التكفل بهم.‏
القسم السادس : البحث عن المخالفات و معاينتها و العقوبات :‏
يأتي هذا القسم بمستجدات لضمان حقوق الأشخاص المصابين باضطرابات عقلية حيث ‏يحدد الأشخاص المؤهلين للبحث عن المخالفات و معاينتها كما يحدد العقوبات الناتجة عن ‏مخلفة أحكام هذا النص.‏

القسم السابع: أحكام انتقالية و ختامية :‏
و حسب أحكامه، تتوفر المؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية الموجودة في تاريخ نشر ‏هذا النص على أجل سنتين ابتداءا من نشر النص التنظيمي المنصوص عليه في المادة ‏‏28 ، و7466الذي يحدد المعايير التقنية المتعلقة ببناء هذه المؤسسات و بإعادة تهيئتها و ‏المعايير من حيث الأعداد و مؤهلات الموارد البشرية التابعة لهذه المؤسسات.‏
‏ تتوفر المؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية على أجل ستة أشهر ابتداء من نشر النص ‏التنظيمي المنصوص عليه في المادة 29 من هذا القانون، لأجل اعتماد النظام الداخلي ‏الخاص بالتكفل بالمرضى المنصوص عليه في نفس المادة.‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.