الأمية تلكـ الظاهرة التي تُؤرِقُ الجميع ‏

محمــد القـنــور ‏ : ‏

‏ يشكل اليوم الثامن من يناير من كل سنة يوما عربيا لمحو الأمية وتعليم الكبار يحتفل فيه بالجهود ‏الحثيثة للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة،وفرصة للانخراط القوي للدول العربية في حراك عالمي ‏لاجتثاث آفة لا تزال تثقل كاهل الدول المغاربية ودول الشرق الأوسط، وتعيق مسار التنمية ‏الاقتصادية والاجتماعية بمعظمها.‏
خصوصا وأن الأمية تعتبر أخطرُ مرضٍ يهدّد كرامة الإنسان, فقد يُقبَل المرض البدنيّ وقد يُلتمَس ‏العذر لصاحبه ولكن لا يلتمس العذر للمجتمع إذا كانت الأميّة منتشرةً وشائعةً فيه, والمجتمع كلّه ‏مسؤولٌ عن مقاومة الأميّة ولا يحاسب الطفل عن أميّته ولكن يحاسب المجتمع عن تقصيره والدولة ‏مسؤولة عن مقاومة الجهل، والخرافات والأباطيل والتطرف والشعوذة.‏

ولأن الأميّة هي انتقاصٌ لكرامة الإنسان فلا كرامة لجاهل في القراءة والكتابة ، والإطلاع على الدفق ‏المعرفي المتجدد بين الساعة والساعة بالعالم المعاصر، فالأمية طريق الجهل الأكثر خطورة , كما أن ‏فتح المدارس النظامية والفصول الغير النظامية ، باتت أمرا مُلحا كالطعام والشراب , وبات من ‏المفروض أن تكون مدارسنا ووسائل إعلامنا وفنوننا ومساجدنا أداة لمقاومة هذه الأميّة ، في المدن ‏والقرى بحيث لا تنمية في ظلّ الأمية , ولا تقدم في ظلّ الجهل والخرافة والتطرف والعقليات ‏الرافضة للتطور وللعلوم وللإختلاف ولحرية الفكر والبحث عن حلول مبتكرة لمواصلة تعزيز محو ‏الأمية في المستقبل. .‏
وبمناسبة،الإحتفاء باليوم العربي للأمية، كشفت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) أن ‏معدل الأمية في الدول المغاربية ودول الشرق الأوسط بلغ 27،1 في المائة مقارنة ب16 في المائة على مستوى العالم.‏
وأبرزت ذات المنظمة أن عدد الأميين في الدول المغاربية والشرق الأوسط ، يتجاوز 54 مليون ‏شخص، وهو عدد مرشح للارتفاع في ظل الأوضاع التعليمية المتردية والأزمات التي تمر منها ‏معظم هذه الدول، وإنتشار الخرافة والعماء الروحي والسلوك التواكلي وعدم الأخذ بأسباب العلم ‏والعقل والدين ، إلى جانب النزاعات المسلحة التي تسببت إلى الآن في عدم التحاق قرابة 13،5 ‏مليون طفل عربي بالتعليم النظامي.‏


وتشكل معظم دول المنطقة العربية بؤرا سوداء للأمية على المستوى العالمي وبالمقارنة مع الدول ‏النامية، وذلك بالنظر لتفشي ظواهر أخرى تصنف من بين مسبباتها، من قبيل الفقر والعوز ‏الاجتماعي وانعدام الوعي وضعف البنيات والمناهج التعليمية.‏
وجددت الألسكو دعوتها إلى كافة الدول العربية والمنظمات الإقليمية والدولية دعم مبادرتها لتعليم ‏الأطفال العرب في مناطق النزاع، والعمل بحزم في إطار تعزيز العقد العربي لمحو الأمية 2015-‏‏2024، وتعزيز المبادرات الوطنية لتعليم الكبار وتوفير التعليم للجميع، كما دعت المنظمة بكافة ‏منظمات وجمعيات المجتمع المدني في الدول العربية أن تدعم مبادرات محو الأمية وتعليم الكبار، ‏باعتبارها شريكا حقيقيا في النهوض بالتنمية في المجتمعات العربية.‏
وشددت على جعل اليوم العربي لمحو الأمية مناسبة سنوية للوقوف على ما تم إنجازه على ‏الصعيدين الوطني والقومي في مجال مكافحة الأمية، وتشجيع الخطط والاتجاهات المستقبلية لمحو ‏الأمية، وتعليم الكبار بوصفهما سبيلا لتحقيق التنمية المستدامة.‏
و تتطلع منظمة اليونسكو على الصعيد الدولي، إلى تحقيق اهداف التنمية المستدامة لسنة 2030، ‏حيث تتماشى رؤية محو الأمية، في هذا السياق، مع فرص التعلم مدى الحياة مع تركيز خاص على ‏الشباب والكبار.‏
ومهما يكن، فإن محو الأمية يشكل جزء من الهدف الرابع للتنمية المستدامة الذي ينص على “ضمان ‏التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلم مدى الحياة للجميع”، حيث تتمثل الغاية ‏في ضمان إلمام جميع الشباب، ونسبة كبيرة من الكبار، رجالا ونساء على حد سواء، بالقراءة ‏والكتابة والحساب بحلول عام 2030.‏
وتشير أحدث الإحصائيات إلى أن واحدا من كل خمسة أشخاص على كوكب الأرض أمي بالفعل، ‏وأن ثلثي الأميين هم من النساء، حيث تعرف قارة إفريقيا أكبر معدل للأمية بلغت نسبته 60 في ‏المائة، كما أن معدل التركيز على برامج محو الأمية بلغ 98 في المائة في ثلاث مناطق هي جنوب ‏وغرب آسيا وإفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى.‏
ومنذ سنة 2000، ارتفعت معدلات القدرة على القراءة والكتابة للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ‏‏15 سنة، لتصل إلى 85 في المائة على الصعيد العالمي، كما ارتفع معدل محو الأمية بين الشباب ‏الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة إلى 91 في المائة، وذلك بفضل تحسين فرص الولوج إلى ‏التعليم، لكن الآفة لا تزال تكلف الاقتصاد العالمي 1،19 تريليون دولار.‏
وللإشارة، فقد كانت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو قد أبرزت في كلمة لها بمناسبة اليوم العالمي ‏لمحو الأمية، أن العالم قد تغير منذ عام 1966 وأن عزم اليونيسكو على تمكين الناس كافة، رجالا ‏ونساء، من اكتساب المهارات والقدرات اللازمة واغتنام الفرص المتاحة لتحقيق كل تطلعاتهم وهم ‏ينعمون بالكرامة والاحترام، ما يزال ثابتا قصد محو الأمية كسبيل واحد وأوحد نحو بناء مستقبل ‏أكثر تنمية وإأكثر إزدهار ورقي .‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.