أروى عجوز فوق المئة تهاجم الخليفة معاوية

هاسبريس :

كانت أروى ابنة الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ، عمة رسول الله “ص” فريدة زمانها وبليغة عصرها وأوانها إذا خطبت أعجزت، وإن تكلمت أوجزت، ولا غرو ابنة البلاغة ومعدن الفصاحة والحصافة.
فقد أجمع معظم المؤرخين أنها وفدت على معاوية بن أبي سفيان لما ولي الخلافة وكانت عجوزا طاعنة في السن، قد جاوزت المئة سنة من عمرها، فلما رآها معاوية ، نهض لإستقبالها وقال : مرحبا بك وأهلا يا خالة فكيف كنت بعدنا.

فقالت له أروى : يا ابن أخي، لقد كفرت يد النعمة، وأسأت لابن عمك الصحبة، – تقصد علي بن أبي طالب-وتسميت بغير اسمك، وأخذت غير حقك من غير دين كان منك ولا من آبائك، ولا سابقة في الإسلام ، بعد أن كفرتم برسول الله صلى الله عليه وسلم فأتعس الله منكم الجدود، وأضرع منكم الخدود، ورد الحق إلى أهله ولو كره المشركون، وكانت كلمتنا هي العليا ونبينا صلى الله عليه وسلم هو المنصور فوليتم علينا من بعده وتحتجون بقرابتكم من رسولٍ لله ونحن أقرب إليه منكم وأولى بهذا الأمر منكم ، فكنا فيكم بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون، وكان علي بن أبي طالب رحمه الله بعد نبينا بمنزلة هارون من موسى فغايتنا الجنة وغايتكم النار.

فقاطعها عمرو بن العاص، وكان حاضرا في مجلس الخليفة معاوية، وكان من دهاة العرب ، وبمثابة وزير له، فقال : “كفى أيتها العجوز الضالة وأقصري عن قولك مع ذهاب عقلك إذ لا تجوز شهادتك وحدكـ فأنت في حضرة أمير المؤمنين وخليفة المسلمين .

فإشتاطت أروى غضبا ، وقالت لعمرو : وأنتَ يا ابن الباغية، تتكلم وأمك كانت أشهر امرأة بغي بمكة وأشهرهن دعارةً وقد ادعاكـَ خمسة رجال من قريش كل إبنا لأحدهم، فسئلت أمك عنهم فقالت: كلهم أتاني فانظروا أشبههم به فألحقوه به ، فغلب عليك شبه العاص بن وائل فلحقت به.

فنهض مروان بن الحكم، إبن عم الخليفة معاوية ، وكان حاضرا فقال : كُفى أيتها العجوز وأقصري لما جئت له. فقالت له: حتى أنت يا ابن الزرقاء تتكلم، ثم التفتت إلى معاوية فقالت: والله ما جرأ عليَّ هؤلاء غيرك فإن أمك هند بنت عُتبة ، يامعاوية القائلة في قتل عمي حمزة بن عبد المطلب :

نحن جـزينـاكـُم بـيوم بـدر والحرب بعد الحرب

ذات سعر ما كان لي عن عتبة من صبـر

 وشكر وحشي علـي دهـري حتى ترم أعظمي في قبري

قبل أن يتدخل الخليفة معاوية، مستعملا ذكاءه وما إشتهر به من حِلمٍ ومن إبتعادٍ عن الغضب، ليوقف الملاسنة بينهم ، قائلا عفا الله عما سلف يا خالة أروى ، فقولي  حاجتك. فقالت: ما لي إليك حاجة، ثم خرجت من مجلسه، وبعد خروجها التفت معاوية إلى أصحابه وقال لهم: والله لئن كلمها كل من في مجلسي لأجابت كل واحد منهم بجواب خلاف الآخر بدون توقف، فهكذا هن نساء بني هاشم أصعب في الكلام من رجال غيرهن وأمر لها بركب يعيدها للمدينة المنورة، وأتيعها بجائزة تليق بمقامها مع خدمه وبعض من جنوده، فبقيت أروى ابنة الحارث بن عبد المطلب بن هاشم مُكرمة بين قومها إلى أن توفيت بالمدينة في نفس فترة خلافة معاوية.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.