يوما بعد يوم يتحول المشعوذون والمشعوذات،الشوافون والشوافات في المدن الكبرى خصوصا، وبعموم المغرب إلى نجوم كبار يقصدهم الغني والفقير، المرأة والرجل، الصغير والكبير، فتجارة بيع الوهم مزدهرة، خاصة أيام الأزمات الإقتصادية والإجتماعية، وطبعا المغرب ليس البلد العربي الوحيد، ولا جهة مراكش آسفي المنطقة الوحيدة. فالعرب عموما وحتى بعض الأقوام الأخرى مسكونون بالشعوذة ومهوسون بالسحر، والتطلع إلى الغيبيات،والتعامل مع الخوارق.
وتقدر الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن إحدى مؤسسات رصد التنمية في الدول المغاربية وبلدان الشرق الأوسط ، أن ”أفراد الأمة العربية” ينفقون على السحر والشعوذة سنويا حوالي عشرة ملايين دولار، يمثل نصيب بلادنا فيها حوالي 13 في المئة. ويكاد يكون إيمان معظم المغاربة بالسحر والشعوذة راسخا، فالفقر وسوء الفهم للنصوص الدينية والآيات القرآنية والأمية المرتفعة، وهبوط نسبة الوعي الإجتماعي، وعوامل غياب الثقة في النفس، خاصة في أوساط النساء، يشجع بروز المشعوذين والدجالين. هذا، فقد رصدت”هاسبريس”الظاهرة،في جهة مراكش آسفي أساسا،وبمختلف بعض الجهات على تراب الوطن وتستعرض نماذجها وواجهاتها المختلفة.
تقول فاطنة، 52 سنة، ربة بيت، تسكن بشارع المدارس في سيدي يوسف بن علي، في مراكش: ”أنا ديما كنمشي عند “الفقها” حيث الطبّا ما كيعرفو والو”،وقد ورثت هذه العادة من أمي، كانت الله يرحمها، تذهب دائما عند “الفقيه” بحومة بوسكري.
وكلمة “الفقيه”هو الإسم الذي يطلق على الشوافين وكذلك الشوافات، من أجل العلاج، الأستاذة مليكة المرابط الكاتبة المعروفة، تؤكــد أن التحولات التي يشهدها المغرب لا تعني تحولا جوهريا في بنيته الثقافية بالضرورة، بل إن بعض الممارسات والعادات القديمة ذات الأبعاد الغيبية، ما زالت سائدة بين فئات عريضة من هذا المجتمع. ويرجع تلك العادات إلى تفاقم الأزمات وتداخلها وارتفاع نسبة الفقر والبطالة والأمية بين هذه الفئات مع تنامي حاجاتها، يزيد من تعاطيها لبعض الممارسات الغيبية لحل مشاكلها. وأضاف أن انتشار الشعوذة يعكس إنتصار الثقافة التقليدية اللاعقلانية، تفسر كل شيء بالغيب، إضافة إلى أن المؤسسات التعليمية لاتزال لا تقوم بدورها التحسيسي التأطيري الكامل في هذا الصدد. وتضيف المرابط إنه إن كانت نسبة التعاطي للشعوذة تكاد تكون هزيلة في أوساط الشباب والشابات اليوم.فقد اعتادت كثير من العائلات على بركة الفقهاء والشوافة. حجم هذا الإهتمام يظهر في المدن المغربية بشكل جلي، فهناكـ مدن تمارس فيها الشعوذة وتجارة الشعوذة بالبيان الواضح ، حيث يباع في أسواقها كل أنواع المواد المستخدمة في السحر أو التمائم على غرار “قشور السحالي، وأشواك القنافذ وجلد الثعلب واللدون، واللبان والحبة السوداء والقشرة البيضاء والحمراء، وبقايا أسطوانات الأغاني على الفونوغراف”والكثير من العقاقير والنباتات والمتلاشيات، والتي تستعمل في إبطال العين والعلاج من السحر أحيانا، كما يعرض التجار مجموعة كبيرة من الحيوانات الحية أو الميتة مثل العقارب، والكلاب والقطط البرية، والضفادع والسلاحف،والوطاويطـ ، الزواحف، والثعابين وغيرها من المخلوقات المستعملة في الشعوذة والسحر، بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الأعشاب، والتي يصنف بعضها ضمن الأعشاب السامة.
كما تنتشر في الأحياء الشعبية بمختلف المدن المغربية الكبرى، دكاكين العطارة والعشابة، ممن يبيعون كل المواد المستعملة من لدن السحرة والمشعوذين، بدءا من الأعشاب وإنتهاءا بما يدعونه أنه مخ الضبع، حتى بعض أجزاء الفأر. والغريب في الأمر أن بعض أجزاء هذه الجيف تصل إلى 5000 درهم للقطعة الصغيرة.
سواسية عند المشعوذين
وعليه، فإن الإقبال على المشعوذين ليس حكرا على فئة دون أخرى، فقبل شهر اكتشف مدير مؤسسة بنكية معروفة، بساحة “جامع الفنا” لجوء موظفة إلى السحر، إذ كانت تطلب من عاملات النظافة وضع غبار شفاف على مكاتب أعدائها ومنافسيها وحتى على مكتب المدير، كي تحظى ب”القبول” والإحترام من قبل الإدارة. كما ضبطت في أحد الأمسيات وهي تحمل معها ديكا أسود اللون معها. وقامت بذبحه في أحد المراحيض الخاصة بالمؤسسة البنكية المعلومة. وتكشف هذه الواقعة، أن اللجوء إلى السحر والشعوذة لا يقتصر على فئة “المزاليط” والأميين، وإنما يتجاوز ذلك إلى الأطر والمتعلمين،والأثرياء والمفركسين والمدللين. وتؤكد “نعيمة”إحدى موظفات شركة في آسفي معروفة، أن صديقاتها غير المتزوجات والمتخرجات من معاهد عليا وذائعة الصيت، تلجأن إلى شواف في المسيرة الثالثة، يشتغل بالموعد مثل طبيب جراح اختصاصي في الأمراض المستعصية. وتقول “نعيمة” لــ «هاسبريس» :”أن غالبية صديقاتي تفعل ذلك رغبة في الحصول على صديق أو زوج، بعضهن ورغم تعليمهن العالي تفعل ذلك كي تحظى بالقبول من قبل رؤسائها وكي تتسلق المراتب” ويبقى اللجوء إلى السحر والشعوذة ليس شأنا نسائيا فقط ، وإنما يتجاوز ذلك إلى الرجال، فكثير من رجال الأعمال والمال والسياسة يستشيرون المشعوذين والسحرة قبل الإقدام على خطواتهم المستقبلية. هذا، وخلال ندوة إنعقدت قبل شهور حول تفعيل الفكر المقاولاتي، قام أحد رجال الأعمال المعروفين بمراكش،لإلقاء كلمة توجيهية أمام الحضور، وتوجيه المقاولين الشباب نحو الأفاق العلمية والإقتصادية،وعندما أدخل يده في جيب معطفه الداخلي ليخرج الورقة التي تتضمن نص الكلمة ،أخرج معها “حرزا”كبيرا على شكل التمائم التي يضعها الهنود الحمر على أعناقهم. و”ناري على شوها” وغير بعيد عن هذا الحادث، فقد إشتهر رئيس إحدى الجماعات بجهة مراكش آسفي هو الآخر بتجديد “لحروزة” كل شهر تحت عتبة قصره المنيف، الذي شيده من “عرق خفة أصابعه”، لذلك لا تتوقف أبدا أشغال الحفر والترميم في مسكنه .
عرافة “الشـويـطر”
كانت قبل سنوات،شوافة الشويطر ،على الطريق الرابطة بين أيت أورير ومراكش، قد تحولت إلى أسطورة لأكثر من عقدين من الزمن،وكدست ثروة طائلة لأن جميع زبنائها كانوا من الميسورين، بل أن شهود عيان أكدوا أنهم شاهدوا شخصيات وازنة، من بعض صناع القرار، ورجال المال والأعمال، والأثرياء الكبار، وبعض كبار رجال السلطة، وحتى مشاهير الفنانين المغاربة يقفون أمام بابها، وذلك قبل وفاتها السنة الماضية. وقد ربط العديد من المهتمين بأسطورة هذه الشوافة، ارتفاع الإقبال عليها بتبعات الهجرة من إقصاء وتهميش. وأشكال التطاحن الإجتماعي الذي عرفته سنوات الثمانينيات، هذه التبعات شكلت أرضية خصبة لإنتاج واستهلاك المزيد من أنواع “الشعوذة” والأعمال المرتبطة بها كالسحر والعرافة، واستعمال الأدوات المساعدة كالتمائم وأنواع البخور وغيرها من الطقوس. أما بمدينة الصويرة فقد ذاع صيت “حسن” المنحدر من مناطق الشياظمة، وهو”شواف” يدعى تصديه القوي لحالات السحر بجميع أنواعه ، وله قدرة على استخراجه من مكانه المدفون فيه ، كما له قدرة على جلبه ولو كان في مكان سحيق من الأرض بفضل استعانته بالعلوم الشرعية، وآخر معجزاته على حد تعبيره إعادته البسمة إلى شفاه وزير سابق، أصيب بمس شيطاني بعدما كان قد تلقى فاجعة خبر وفاة والده، وذلك بصرعه على حد ادعائه للجن يدعى “عبروق” حيث أصيب لأكثر من مرة بحالات إضطراب عقلي، وانهيار عصبي.
العصرنةُ “المُزَوَّرَة”..
يقول “ع م ” أحد متتبعي الظاهرة،يزور مراكش للمرة الأولى سيندهش أمام مظاهر المرأة العصرية، التي أصبحت تمتطي السيارات الفارهة، آخر الصيحات من الفيراري و المرسيدس الفاخرة، وحتى “الهامر” وتسرح شعرها في أفخر الصالونات، وترتدي آخر صيحات دور الأزياء الفرنسية والإنجليزية والإيطالية، وتسبقها أينما حلت وارتحلت “مواكب” عطر ”كازانوفا” و”شانيل” الباريسي الرفيع المستوى،والباهظة الثمن وتضع على وجهها وأطرافها مساحيق تجميل “إيف روشيه” و”أوري فلام” ومحلات “الكاردان” و”الورلدز ومان”وغيرها. ويندهش المرء أكثر عندما يجد أن العديدات من هؤلاء النساء “الحداثيات” ومنهن بعض الحاصلات على شهادات علمية عالية وثقافة حسنة يعترفن “على عينك يابنعدي” بلجوئهن إلى السحر والشعوذة، ويبررن ذلك بالإشارة إلى كون السحر حقيقة، لا يمكن الهروب منها.
كما لايوجد أدنى حـرج لهؤلاء النساء “الحداثيات” في القول أنهن يفضلن قبل الإقدام على زيارة الطبيب، أو محامي العائلة، أو الخروج في إحدى السفريات، أو الذهاب إلى أية حفلة زفاف أو عشاء عمل، أن تتشاور الواحدة منهن مع “شوافها” أو “شوافتها” الخاصة . وعوض الإستشارة مع طبيب نفساني حول إحساس غامض بالكآبة، أو كابوس مزعج و دائم، أو إحساس بالعزلة والدونية متفاقم، أو نكوص في الجمال والإثارة الذي ينتاب هؤلاء النساء ”المودرن”، فإنهن لا يترددن في حجز موعد مع “شواف” أو عرافة، وبالثمن المعروف لدى كلا الطرفين، أي السحار و”اللي باغية تشوف”
”شوافات” الخدمة السريعة
ويبقى “ورق الكارطا” وقراءة الكف في المدن، وخط الرمل في مراكش وباقي المدن المغربية الكبرى، أحد وسائل الشعوذة التي تستغلها الفتيات الباحثات عن الزوج، وكذا “الآنسات المحترمات” والخادمات ونساء الأحياء الهامشية الفقيرات،وصولا للأسف إلى بعض المحاميات والطبيبات والمهندسات والأستاذات الجامعيات وغير الجامعيات لتوظيف المعلومات التي حصلن عليها بالتلصص والتصنت على الرجل المستهدف، والإدعاء بأن الورق أو قراءة الكف أو”خط الرمل” هو الذي زودهن بها، وبالتالي يقترحن حلولا مختلفة، والكثيرات منهن متواطئات مع ”شوافيين وشوافات” غالبا ما ينصحن زبوناتهم باللجوء إليهم، بعد أن يكن قد زودن هؤلاء العرافين والعرافات بكافة المعلومات عن الضحية وقدرتها على تحمل الإبتزاز. وفي رأي العديد من المغربيات أن كل ما سبق وارد في قاموس الموروث الشعبي، ومع أن أغلبه يندرج في سياق الخرافات والشعوذة القديمة، فإن مساحة تطبيقه اتسعت نظرا لتعاطي العرافين والعرافات الوسائل التقنية في عرض خدماتهم، حيث أصبحت لهم مواقع على الأنترنيت، وتنازلت صحف عديدة عن رزانتها أمام إغراء مدخول الإعلانات، وأفردت مساحات لنشر معلومات تزكي خوارق هؤلاء المشعوذين وقدراتهم المثيرة للدهشة، حتى صار بعضهم يقدم خدماته عبر الهاتف المحمول، حيث يقوم من خلاله بنصب شباكه لإغراء ضحاياه. وقالت إحداهن، إن النساء التقليديات والعصريات مازلن يحرصن على العمل بهذه الوصايا، لكون أن البعض يواجهن إشكالية تعذر الوفاء بكل ما تطلبه “الشوافات” ـ أي العرافات اللائي صرن يطلبن أتباعهن بالدولار، نظرا لصيتهن الذي عم الآفاق وتدافع السياح والسائحات عرب وأعاجم طلبا لخدماتهن الخارقة، مما يجعلهن مجبرات على تنفيذ وصايا الجدات.
فـلكـيـون دون عِلم “النازا”
وقد بلغت زمرة من أصحابها حد التطاول على علم دقيق كعلم الفلك ، وذلك بهدف تضليل ضحاياهم من المواطنين والمواطنات والإحتيال عليهم لتحقيق الإغتناء السريع. وما يكرس لخرافات هؤلاء هو الأرضية الهشة المتمثلة في طغيان ثقافة الإيمان بمعتقدات متوارثة عند بعض السذج أو اليائسين، نتيجة استفحال الجهل والتخلف والمشاكل الإجتماعية والإقتصادية ، كما أنهم لعبوا بديهيا إن أمن المغرب، وسلامة المواطن المغربي يهددها مرض الشعوذة الذي تفشى في أيامنا مستترا خلف قناع مجموعة من الممارسات كالعلاج بالأعشاب والجداول وغيرها، وقد أثارت هذه الممارسات الرأي العام الوطني على المتناقضات وحالات الضعف النفسي لدى الأفراد، إضافة إلى مساهمة عدد من الجرائد الصفراء في إشهار ادعاءاتهم، مما يفتح المجال الأوسع أمامهم لعرض مزاعمهم. لكن اللافت للنظر والذي يستوجب التفاتة وثورة هو تطاول بعض الدجالين بالمغرب على القرآن الكريم بزعمهم معالجة – مرضاهم- بالإعتماد عليه. لقد انتشرت ظاهرة اللجوء إلى السحرة والدجالين خلال السنوات الأخيرة، مما يدل بشكل لا يقبل الشك على مدى تدهور مستوى التفكير الموضوعي والعلمي في أوساط المجتمع المغربي، وانحداره إلى درجة الجهل، والتشبت بأطياف الوهم والدجل والكذب الممنهج، ولذلك فقد ازداد عدد المشعوذين والدجالين المتطاولين على علم الفلك مع ذلك الإقبال، وصار أصحاب الشهادات والمناصب العليا وبعض المثقفين أيضا زبائن هذا الدجال أو ذاك، وقد عرفت الشعوذة بأنها خفة في اليد، وترتكز على عنصري الخفة والخداع، كما أن سياسة المشعوذين ذكية ومشجعة إذ يكتفون خلال الزيارة الأولى بمبلغ رمزي ثم ترتفع “الفاتورة” في الزيارات الموالية تحت ذريعة ارتفاع ثمن البخور والعقاقير التي يستعملونها، إذ تتجاوز أحيانا خمسين ألف درهم، وعلى العموم فإن نتائج أعمالهم تكون مدمرة وفاشلة، فالإحصائيات وكذا المتابعات الميدانية تؤكد أن النساء بشكل عام يثقن بالدجالين أكثر من الرجال، وكثيرا ما تقف هذه الثقة العمياء وراء خراب البيوت وحالات الطلاق، وربما القتل أحيانا .
صحافة “التــنجــيم”…
وعلى الرغم من ذلك فإن الصحف تمتلئ بإعلانات عن هؤلاء المشعوذين الذين يفضلون تسمية وتلقيب أنفسهم بالفلكيين، بلا حشمة وبلا حياء، ودون علم وكالات الفضاء الدولية مثل “ناسا” حيث يؤكدون من خلال هذه الإعلانات أنهم قادرون على قراءة الطالع وفك النحس وجلب الغائب وما إلى ذلك، لكن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد اختلاط في المفاهيم، إذ أن أصحابها لا دراية لهم بعلم الغيب ولا بحقوله، بل وكثير منهم يكون عاجزا عن قراءة السطور فبالأحرى قراءة المستقبل، وقد تناسى هؤلاء أن الفلكي الحقيقي – راه فـ “لانازا” متسلح بالمعرفة المستفيضة من الفيزياء وعلوم الذرة والرياضيات العليا، ومصقول التجربة عن طريق الإحتكاك بتجارب غيره من العلماء ذوي الخبرة في المجال،مثل العالم المغربي الودغيري إضافة إلى الإنفتاح على واقع مستجدات العلم الوضعي،وأفاق حاجيات الناس والمجتمع للتكنولوجيا. وللوقوف على هذا العالم الغريب لهؤلاء الدجالين الذي يختلط فيه الصدق الناقص بالكذب المكشوف، والواقع المتردي بالخيال العقيم، وتكتنفه العديد من الأسرار ولتقريب القارئ من الموضوع حاولنا أن نقوم بجولة على بعض البؤر المعروفة التي يتردد الناس عليها. وهكذا زرنا في «هاسبريس » بحي “باب أيلان “المسمى ولد الحاج،رجل في عقده الخامس، يعتبر نفسه أول منجم مغربي، وأنه رئيس الإتحاد العالمي للفلكيين الروحانيين مع العلم أنه لا يفقه حتى كيفية كتابة إسمه، ورث عن والده حرفة مداواة الناس بالأعشاب، كما أكد قدرته الكبيرة في صرع الجن بواسطة العشوب والبخور والقرآن بعد المعاينة، يقول متحدثا لـــ «هاسبريس » عن كيفية صرعه للجن .”…أنا لا أتكلم معه ولا أضرب بالعصا، بل أداوي بالبخور والقرآن فقط ، ومن كانت حالته مستعصية نرسله إلى “بويا عمر”، وغير المصاب بالجن نرشده بالذهاب إلى طبيب نفساني…” إضافة إلى تأكيده على قدرته الخارقة على قراءة الطالع ، “…نأخذ إسم الإنسان وبرجه ونقرأ له الطالع، وتستغرق مدة قراءة الطالع ساعة أو نصف ساعة لأن برج الإنسان يتغير عبر الحقب…” مضيفا أن المقبلون على الإستفادة من مؤهلاته وقدراته ليسوا فقط من الدول العربية بل من أوربا أيضا، حيث أنه دائع الصيت على حد تعبيره في مجالي علم التنجيم والعلاج بالأعشاب حيث استطاع بقدرته الخارقة وإلمامه الواسع بأسرارهما، أن يعالج العديد من الأمراض كالعقم، الضعف الجنسي، الضيقة، الحساسية، الروماتيزم، “بوزلوم”، البواسير، التابعة “وأولادها سبعة” و”بوصفير”، و”بوحمرون”، والعواية، وحتى “الزهايمر” و”الفشل الكلوي” و”السيدا”…وهي مرض لا يزال إلى الآن الطب الحديث يبحث ويختبرعلاجاتها فكيف لهذا الشواف الشفاء منها ؟ أوما يسمونه بالأمراض الروحانية كالسحر والعين، ثقاف النفس، تعسر الزواج وإزالة العكس والتابعة…، وهو يعتمد في ذلك كما زعم في إطار حديثتا معه على أساليب علمية بعيدة عن كل أنواع الشعوذة والدجل والسحر الشيطاني مدعيا أنه صاحب خبرة وتجربة في المجال مدتها 27 سنة، وأنه دارس للتنجيم الفلكي، وله شواهد عليا منحها له “الشيخ حسب الله” الذي يلقب أو يتوج نفسه (عالم الفلك والشفاء من السحر) على رأس أمثاله من المشعوذين والدجالين، والأغرب من ذلك أنه تسلل إلى عقل الإعلام العربي ليروج لادعاءاته ، ليبيع أوهامه بالدولار متاجرا في ذلك بآلام اليائسين والمتعبين من ضربات القدر، فهو لا يتورع عن طلب ثمن الوهم الذي يبيعه لهم وبالعملة الصعبة من خلال أمور الشعوذة والدجل التي يمارسها، ادعاء معرفة الماضي والحاضر والمستقبل، ليتطور الدجل على يديه تطورا يتناسب وتقنيات العصر.
”كسكس بيد الميت”
أما في جماعة مولاي إبراهيم بإقليم الحوز، فقد حط الرحال من قلب سوس وبالضبط منطقة إنزكان رشيد ، وهودجال يدعي كغيره جمعه بين علم الفلك والدراية الكبيرة بعلم الأعشاب في حين أن كلا منهما علم قائم بذاته مع تأكيده لنا أنه يعالج الصدفية مائة بالمائة إلى جانب أمراض أخرى وله تجربة في المجال فاقت 30 سنة، وآخر معجزاته تخليصه لفتاة إيطالية تدعى ”فكتوريا” من جن مغربي كان يسكنها واعتناقها بعد ذلك الإسلام، مضيفا ومدعيا أنه يعالج بالقرآن الكريم والأعشاب جميع الحالات العضوية أو غير العضوية . في حين، وعلى تراب بلدية بن ﯖـرير فقد اشتهر مشعوذ كبير، يدعى “الحاج” روج لكونه أول من يقرأ خط الرمل في المغرب، وذلك قبل أن يعفو عنه الله”ويصبح صحفيا، يحمل في جيبه بطاقة “وزارة مصطفى الخلفي، ويتكلم “بحال شي واحد واعر” على هفوات حكومة “عبد الإلــــه بن كيران”. في نفس المنطقة بن ﯖـرير عرفت في بداية التسعينيات، حكاية زوجة الحاج التي “تكسكس بيد الميت” دائما قبيل الإنتخابات البرلمانية. وهي الحكايات التي مرت بعض فصولها ببرنامج وقائع الذي كانت تبثه القناة الثانية “دوزيم”.
سـُـمُّ الأفاعــي
وللإشارة، فقد كانت مدينة مراكش، قبل عقود ، في أواخر الثمانينيات قد عاشت على نازلة ذات علاقة بالشعوذة، سرعان ما تحولت إلى جريمة قتل ، بطلتها سيدة متزوجة، وأم لطفلين، وضحيتها زوجها ووالد طفليها . فقد ظلت الزوجة تشتكي لصديقاتها من كثرة ملاحظات وانتقادات زوجها، إلى أن أشارت عليها إحداهن بضرورة إطعامه من خبز، يبيتُ في فم شخص ميت ، واكدت لها صديقتها انه سيجعل من زوجها خاتم في اصبعها وتابعا لها على أن تُعطي مبلغا خياليا من المال لأحدى الممرضات من صديقاتها بمستودع الأموات لتتكفل بترك العجين في فم أي شخص ميت، يتم إيداعه في المستودع ، في أفق قدوم عائلته لدفنه، أو ريثما يتم إستكمال إجراءات الدفن القانونية . وقد وافقت الزوجة المخدوعة بسرعة فهذا ما كانت تتمناه من زمان ، فعجنت دقيقا كما يعجن الخبز العادي ، وسلمته للممرضة المعنية ليضعه في فم أي ميت بمستودع الأموات، قصد أن يبيت في فمه ليلة كاملة. وإتَّفـَـقَ أن تم إيداع جثة مروض ثعابين ، معروف بساحة جامع الفنا، ومتجول بمختلف الحدائق الخارجية لفنادق مدينة مراكش في مستودع الأموات ، حيث كان قد قضى نحبه بعدما لدغته أفعى، من الأفاعي التي يشتغل بها . وبالفعل، وحسب الإتفاق ، تناولت ممرضة المستودع العجين ، وإنتظرتْ إلى ساعة انصراف الموظفين بمستودع الأموات، فوضعت العجين في فم مروض الأفاعي ، بعدما فتحت احدى الثلاجات بشكل عشوائي وفتحت بعدها فم الميت بسرعة ودست فيه العجينة ثم اسرعت الى الخارج. ولقد باتت الزوجة ليلتها بجوار زوجها بينما بات عملها الخسيس في فم الميت وفي الصباح الباكر وقبل حضور الموظفين دخلت الممرضة المشرحة واخرجت العجينة والفرح يملأ قلبها، لأن إستكمال المبلغ المتفق عليه ينتظرها،فأخذت العجين،وناولته الزوجة . وإلى هنا، فقد تم تنفيذ اصعب ما في الموضوع، فاسرعت الزوجة الى البيت لتَخْبِز الخُبزة التي ما ان نضجت حتى انتشرت رائحتها الزكية في ارجاء المنزل فقدمتها لزوجها الذي اشاد بالرائحة التي لم يشتم مثلها من قبل وتناولها كلها وهو يشكر لزوجته اجتهادها في خدمته ثم ذهب ليستحم ويبدل ملابسه استعدادا للخروج الى العمل وما ان فتح باب المنزل حتى سقط وهو يتلوى من الالم الذي داهمه فجأة في بطنه وتفاجأت الزوجة فاسرعت به الى المستشفى ولكن قدر الله سبقها فقبض روح الزوج ولم يستطع الاطباء فعل شيء وعند تشريح الجثة وجد أن سبب الوفاة هو التسمم ففتح التحقيق مع الزوجة وسُئِلت ما آخر شيء اكله الضحية زوجها او شربه فقالت خُبزة خبزتها له ولم تذكر قصة الخبزة للسلطات الأمنية، وعندما تم الضغط عليها من قبل المحققين، ومحاصرتها بالحيثيات والأسئلة اعترفت بالقصة كاملة ودلتهم على الصديقة وعلى ممرضة مستودع الأموات الذي اتفقت معها، وعلى الجثة التي وضعت بها العجينة وعند التحقيق مع جميع الاطراف اتضح ان الجثة التي دست في فمها العجينة هي جثة مروض الأفاعي المذكور، الذي لدغته الأفعى، وان العجينة قد تشربت من بواقي السم التي في فم الجثة مما تسبب في قتل الزوج المسكين وفي كشف الخطة القذرة التي كانت تحاك له وقبض على الزوجة وصديقتها والممرضة ليلقوا جزاءهم في الدنيا قبل الآخرة.