الأبواب المفتوحة للأمن الوطني في مراكش: عَصْرنةٌ مُستمرة وآلياتٌ دقيقة
مـحـمـد الـقـنـور :
تستمر الدورة الثانية من أيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني في إستقطاب جحافل مهمة من المواطنات والمواطنين، وذلكـ منذ إفتتاحها الأربعاء الفارط 26 شتنبر الحالي بمراكش، حيث تروم اطلاع مختلف الزوار للرواق العملاق المقام بساحة باب الجديد في مواجهة فندق المامونية العريق على الدور الأساسي والمحوري الذي تقوم به الشرطة التقنية والعلمية في مجال الأبحاث القضائية.
كما عرفت فعاليات الأبواب المفتوحة تنظيم سلسلة من الندوات الإطلاعية والعلمية تناولت “تخليق المرفق العام الشرطي”،و”حماية النساء والأطفال ضحايا العنف”، وكيفيات “تحليل عينات الحمض النووي ودورها في قضايا النسب”، و”الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب”، و”البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية وخدمات جديدة تتعلق بالرقمنة وعوالم التكنولوجيا الدقيقة”.
هذا، وتعرف الزوار، خلال ندوة حول موضوع “دور الشرطة التقنية والعلمية في الأبحاث القضائية”، قدمها كل من توفيق الصايغ،المراقب العام،رئيس قسم الشرطة التقنية والعلمية بالمديرية العامة للأمن الوطني، والعميد الإقليمي عبد الرحمان اليوسفي العلوي، رئيس المصلحة المركزية للتشخيص القضائي، على مختلف جوانب عمل الشرطة التقنية والعلمية من خلال العروض والشروحات التفصيلية التي قدمها المسؤولون الأمنيون، حيث أوضح العميد الإقليمي اليوسفي العلوي خلال عرضه أن المهمة الأولى للشرطة التقنية والعلمية تتمثل في تقديم الدعم لضباط الشرطة القضائية أثناء تحرياتهم الأمنية، عبر إعمال الوسائل التقنية الحديثة.
وأبرز اليوسفي العلوي أن وحدات الشرطة التقنية تقوم بمهام أساسية تتمثل في اقتفاء الآثار الدالة في مسرح الجريمة، بينما تقوم وحدات الشرطة العلمية بإجراء التحليلات اللازمة على هذه الآثار، بغية الوصول إلى الهوية الحقيقية لمرتكب الفعل الإجرامي.
وأضاف العميد الإقليمي اليوسفي العلوي أن الشرطة التقنية والعلمية تقدم للقضاء أدلة ووسائل إثبات علمية قاطعة وذات مصداقية، مما يساعد القاضي على اتخاذ القرار المناسب. كما قدم خلال عرضه أمام زوار أيام الأبواب المفتوحة للمديرية العامة للأمن الوطني، الإطار القانوني المنظم لعمل الشرطة التقنية والعلمية، ومختلف وسائل الإثبات التي تلجأ إليها، من قبيل البصمات والحمض النووي.
من جهته، قدم توفيق الصايغ المراقب العام نبذة تاريخية عن الشرطة التقنية والعلمية في المغرب، حيث أبرز أن هذه الهيئة ليست حديثة العهد في المملكة، بل كانت محط اهتمام المديرية العامة للأمن الوطني منذ تأسيسها سنة 1956، مشيرا أن تأسيس أول مختبر تقني داخل المديرية العامة للأمن الوطني كان بالسنة المذكورة 1965، حيث كان يتوفر على آليات متطورة بالنسبة لتلكـ الحقبة الزمنية، خصوصا في مجالات خبرة رصاص الأسلحة والتحقق من صحة الصور الفوتوغرافية والأوراق النقدية.
وأكد الصايغ المسؤول الأمني على أن المديرية العامة للأمن الوطني أحدثت مختبر الشرطة التقنية والعلمية بمدينة الدار البيضاء سنة 1996، لمواكبة التطور التقني الذي شهده هذا المجال، مما أدى إلى تطوير آليات عمل هذه الشرطة على الصعيد الوطني، ميرزا أن المغرب يتوفر اليوم على 99 وحدة متخصصة في تدبير مسرح الجريمة أو أي حادث يتطلب خبرة الشرطة التقنية والعلمية، موزعة على كل التراب الوطني، إضافة إلى إحداث مختبر تابع لمصلحة التشخيص القضائي بالدار البيضاء ومختبرات خاصة بتحليل الآثار الرقمية بكل من مراكش والعيون وفاس والرباط، داعيا بهذه المناسبة المواطنين إلى مساعدة الشرطة العلمية والتقنية على القيام بعملها، وذلك بتفادي تلويث مسرح الجريمة عن غير قصد. وتميزت هذه الندوة بفتح حوار ونقاش مطول بين الحاضرين ومسؤولي الأمن، حيث تمكن المواطنون من الإلمام بمختلف جوانب عمل ومهام الشرطة التقنية والعملية، فضلا عن استعراض جميع التجهيزات والمعدات والآليات المتطورة الموضوعة رهن إشارة مصالح الأمن الوطني..
إلى ذلكــ ، يُذكر أن الدورة الثانية من أيام الأبواب المفتوحة بمراكش للمديرية العامة للأمن الوطني،تنظم تحت شعار “الأمن الوطني .. شرطة مواطنة”في دلالة على إسترارية تحديث وعصرنة ونجاعة الجسم الأمني للمملكة، وتروم تكريس الثقافة التواصلية، بكل مضامينها التحسيسية ومقاصدها التوعوية،مما يؤكد انفتاح المديرية العامة للأمن الوطني على المواطنين المغاربة والأجانب من المقيمين والسياح، وإطلاعهم على مختلف المهام التي تضطلع بها مختلف الوحدات والتشكيلات الأمنية المجندة لخدمته وضمان أمنه وسلامة ممتلكاته .

