أعمال التشكيلية الراحلة الشعيبية ‏بمعرض في الدار البيضاء ‏

محمـد القـنــور ‏:

 

‏ تحتضن الدار البيضاء معرضا تشكيليا للشعيبية وحسين طلال “عمل في الذاكرة” ،وذلك في الفترة ‏ما بين 10 فبراير الجاري و14 أبريل المقبل.‏
وأوضح بلاغ لمؤسسة التجاري وفا بنك، توصلت به “هاسبريس” اليوم الجمعة 17 فبراير الحالي، ‏أن هذا اللقاء سيغوص لأول مرة في الذاكرة والمسارات الخاصة للشعيبية و الحسين طلال حيث ‏تتقاطع نظرات الأم والابن من خلال هذا المعرض.‏
وأشار ذات البلاغ إلى أن هذا المعرض ،الذي تنظمه مؤسسة التجاري وفا بنك ،يقدم أعمالا فنية ‏يعرض بعضها لأول مرة أمام الجمهور وذلك في محاولة لإعادة بناء عوالم الشعيبية وإبنها الوحيد ‏الفنان التشكيلي الحسين طلال من خلال عرض أشياء شخصية لهما.‏
كما يتضمن المعرض، الذي سوف يفتتح يوم غد الخميس بفضاء الفنون أكتوا بحضور الفنان حسين ‏طلال، تقديم مجموعة من الشهادات المسجلة مع مثقفين وشخصيات من عالم الثقافة وذلك لأول مرة ‏بالمغرب.‏
هذا، وتعتبر الفنانة التشكيلية المغربية الراحلة الشعيبية طلال من أشهر الفنانات المغربيات ، حيث ‏استطاعت ان تحقق شهرة عالمية بفضل لوحاتها التي تنتمي إلى ما يعرف بـ«الفن الفطري»، إذ ‏عرضت لوحاتها في أشهر المتاحف والمعارض في باريس ونيويورك وفرانكفورت وجنيف. وقد ‏اكتشف موهبتها الناقد الفرنسي المعروف بيير كودير والرسام الألماني فيرنر كيردت ، منذ أن اقامت ‏أول معرض للوحاتها عام 1966. ‏
هذا، وقد ولدت الفنانة الراحلة الشعيبية طلال سنة 1929بجماعة إثنين اشتوكة بالقرب من مدينة ‏أزمور بإقليم الجديدة وترعرعت في بادية دكالة ، في قرية اشتوكة على مقربة من مولاي بوشعيب ‏الرداد بالقرب من مدينة أزمور وعرفت بحبها للأرض، للبحر، للوديان، البادية، للآزهار التي تظهر ‏بعد هطول المطر في فصل الربيع بقريتها.‏
بعد ذلكـ غادرت الفنانة الشعيبية طلال منزلها في سن مبكرة وعمرها سبع سنوات للعيش عند عمها ‏في مدينة الدار البيضاء، حيث تزوجت في سن الثالثة عشر برجل طاعن بالسن ينحدر من مدينة ‏ورزازات وأنجبت منه ولدها الحسين طلال.‏

مهما يكن، فقد عاشت الشعيبية طلال حياة عادية .وعند وفاة زوجها أصبحت وحيدة، فقيرة لكن ‏جميلة، قوية ومرحة جدا، فقد عملت كخادمة من أجل تربية ولدها، الذي بدأ يرسم باكرا في أول ‏الأمر بالمدرسة و كانت تشارك في جميع الحفلات. وكان يراودها دائما الإحساس بما سيحصل لها في ‏المستقبل، فكان لابد أن تتغير حياتها، خاصة بعدما راودها ذلك الحلم الرائع وهي بسن الخامسة ‏والعشرين، حيث حلمت تحت زرقة السماء بأشرعة تدور، وبغرباء يقتربون منها يقدمون لها أوراقا ‏وأقلاما.وفي اليوم التالي سارعت الشعيبية لتحقيق حلمها وذلك بشراء الذهان الأزرق الذي يستخدم ‏في ذهن حواشي الأبواب. وبدأت ترسم بقعات وبصمات. وبعد مرور خمسة عشر يوما حصلت على ‏الألوان المائية وعلى لوحات، فكانت تشتغل كخادمة في النهار، ورسامة لحسابها بالليل في منزلها ‏الصغير، وهكذا ترعرع ولدها في هذا الجو الفني وكبر ليصبح رساما بارعا. ‏
وذات يوم جاء بيير كوديبرت لرؤية طلال برفقة الشرقاوي وآندريه الباز فأخبرته بأنها ترسم ‏وأخرجت غطاء أبيضا فعرضت عليه كل رسوماتها كان هذا قبل عشرين عاما، حيث ساعدها بيير ‏كوديبرت كثيرا وشجعها. وبعد ذلك ابتدأت بالنسبة لها مرحلة عرض رسوماتها في المعارض.‏

وقد كانت بساطتها سر نجاحها، فقد صرحت ذات يوم للصحافة الدولية ، تلخص تجربتها الإبداعية، ‏حيث قالت ” أنا أكرر ولكن هذا مهم، مثل رسوماتي وألواني فأنا ملونة في الأصل، ألواني ترمز ‏للحياة والطبيعة. فأنا أرسم مشاهد من الحياة العادية وكذلك مواقف غريبة،رسوماتي تجعلني سعيدة، ‏وانا جد سعيدة بالرسم، وبالمنزل، وبالكلاب….”‏
فقد استطاعت هذه الفنانة البسيطة أن تدخل بيوت وقلوب جميع المغاربة بفنها الفطري وأسلوبها في ‏الدفاع عن نمطها التشكيلي، كما كان بيتها فضاء ثقافيا يزوره جل المثقفين والفنانين، وكانت تجلس ‏في كرسي لوحدها والكل يراقب حركاتها ويستمع إلى نكتها ونوادرها.. ‏
ولم تتعلم حروف الهجاء، ولا قواعد المدارس الفنية وهذا سر نجاحها، لأنها ببساطة أسست لغتها ‏الخاصة وطبعت أسلوبا جديدا بعيد عن التكليف والتصنع، ولوحاتها تعرف حتى من دون توقيعها ‏وهنا تكمن قوة الفنان الحقيقي الذي يؤسس لنفسه بصمة تميزه عن الآخرين والشعيبية كانت تملك هذه ‏القدرة العجيبة.‏
اكتسبت الفنانة الراحلة الشعيبية شهرة في المغرب وخارجه، بحيث تحولت إلى رمز، وغدت قيمتها ‏الوطنية تضاهي قيمة أشهر الفنانين والسياسيين والرياضيين العالميين المغاربة، بل صارت مضربا ‏للمثل في هذا المضمار، ذلك أن الفنانة صاغت أسلوبا في التشكيل الفني غير قابل للتقليد أو ‏المضاهاة. ولم تلبث أن منحت لغيرها من النساء العصاميات الأميات فرصة ولوج عالم التشكيل. ‏فتوالت الأسماء، مثل فاطمة حسن زوجة أحد الفنانين المعروفين في نهاية الستينات، ثم راضية بنت ‏الحسين أم الفنان المعروف ميلود لبيض، وكثيرات أخريات…‏


وقد نظمت الشعيبية العديد من المعارض داخل المغرب وخارجه، كما أن لوحاتها توجد ضمن ‏مجموعات عمومية ببعض المؤسسات والمتاحف من ضمنها المؤسسة الوطنية للفنون المعاصرة ‏بباريس ومتحف الفن الخام بسويسرا ومتحف أوقيانوسيا بباريس ومتحف الفن الحي بتونس. كما ‏توجد أعمال الفنانة ضمن عدد كبير من المجموعات الخاصة في المغرب والخارج خاصة في ‏الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا ولبنان ومصر والهند وكندا وإسبانيا وسويسرا وهولندا ‏وبلجيكا وهايتي واليابان وأستراليا ونيوزيلاندا والسويد والدانمارك وألمانيا.‏
كما منحت عشاق الفن في المغرب آخر أعمالها في القاعة الوطنية باب الرواح في الرباط، وكانت ‏لحظتها لا تزال تعاني المرض مما أعاق حضورها في ذلك المعرض الاستعادي والتكريمي. وفي ‏المعرض كانت لوحاتها الأخيرة تحمل رعشة الأصابع واهتزاز الفرشاة وتنطبع بألوان قاتمة تعلن عن ‏انغراس المرض في ثنايا الجسد الوهن. توفيت الفنانة الشعيبية يوم الأحد ال12 من صفر 1425 هـ ‏الموافق لــ 2 أبريل 2004 في أحد مصحات الدار البيضاء .‏
وقد نظمت الفنانة التشكيلية المغربية الراحلة الشعيبية أول معرض لها سنة 1966 بمعهد غوتة ‏بالدار البيضاء.‏
‏1966 معرض في سولستيك (‏Solstice gallery‏) باريس بفرنسا
‏1966 معرض في متحف الفن المعاصر باريس بفرنسا
‏1969 معرض في كوبنهاغن بالدانماركـ ثم بفرانكفورت في ألمانيا.‏
‏1970 معرض قاعات الحيل (“‏Les Halles aux Idées‏”) باريس بفرنسا
‏1971 معارض بقنصليات الولايات المتحدة في كل من الرباط والدار البيضاء ومراكش وفاس ‏بالمغرب
‏1972 دخلت لوحاتها مزاد علني في فندق دروت(‏drouot‏) بباريس في فرنسا
‏1973 معرض في سيباك (‏CIPAC‏) باريس بفرنسا
‏1974 معرض في جزيرة إيبيزا إسبانيا
‏1974 معرض في معرض الحقائق الجديدة باريس بفرنسا
‏1976 معرض في منتون بفرنسا
‏1977 معرض في متحف الفنون الحديثة ومعرض الحقائق الجديدة باريس-فرنسا
‏1980 معرض في معرض الملاك روتردام بهولندا
‏1980 معرض في برشلونة بإسبانيا
‏1989 معرض برواق المربع الأبيض بسويسرا.‏
‏1993 معرض بمتحف سانت أنغريت بألمانيا.‏
‏2003 الميدالية الذهبية للجمعية الأكاديمية الفرنسية للتربية والتشجيع.‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.