عبد النباوي : حماية الأنشطة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار من أولى إهتمامات النيابة العامة

هاسبريس :

أوضح الدكتور محمد عبد النباوي رئيس النيابة العامة، والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، في افتتاح أشغال الدورة الثانية لمؤتمر مراكش الدولي حول العدالة والإستثمار،المنعقد بمراكش على مدى يومي 21 و22 أكتوبر الحالي، تحت الرعاية السامية لجلالة الملكـ محمد السادس، أن النيابة العامة باعتبارها جزء من السلطة القضائية تواكب مختلف القوانين والسياسات العمومية في مجال المال والأعمال والاستثمار، وتسهر على دعمها بمناسبة ممارستها لدورها في حماية النظام العام الاقتصادي وتنفيذ السياسة الجنائية، مكدا أن رئاسة النيابة العامة حريصة دائما على اختيار حلول كفيلة بالحفاظ على نشاط المقاولة، والحفاظ على مناصب الشغل، وحماية حقوق الدائنين، وتشجيع الاستثمار، وذلكــ في سياق التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تحفيز الاستثمارات، وتعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ المقاولات، من خلال اعتماد ثقافة الحوار والتشاور والتنسيق بين مختلف الفاعلين في قطاع العدل والفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين بالمغرب وعلى الصعيد الدولي.

وكشف عبد النباوي،أمام المؤتمرين والمؤتمرات المغاربة والأجانب، على أن النيابة العامة لا تتوانى في القيام بأدوارها في توفير الحماية الجنائية للتجارة وحماية المعاملات التجارية، ولاسيما فيما يتعلق بحماية الملكية الصناعية والقوة الإبرائية للأوراق التجارية، وعلى رأسها الشيك، وحماية أموال الشركاء والشركات، حيث تعمل النيابة العامة على حماية الاقتصاد الرقمي، عبر ردع الجرائم المعلوماتية وكل الممارسات التي من شأنها زعزعة الثقة في المعاملات الالكترونية، والحرص على ضمان حرية المنافسة وتكافؤ الفرص، لا سيما فيما يتعلق بالصفقات العمومية، فضلا عن المساهمة في تخليق مناخ الأعمال عبر تحريك المتابعات بشأن كل صور الرشوة واستغلال النفوذ والغدر والاختلاس والتبديد، وتوفير الحماية للمبلغين والشهود لتشجيعهم على الإبلاغ عن أفعال الفساد.

كما أشار الدكتور عبد النباوي إلى إحداث خط مباشر يمكن كافة الأشخاص ومن بينهم الفاعلين الاقتصاديين، من تبليغ رئاسة النيابة العامة مباشرة بما قد يتعرضون له من ابتزاز أو طلب رشوة أو ما يطلعون عليه من أفعال فساد، وهو ما يؤدي إلى سرعة التدخل وضبط المخالفين في حالة تلبس، ومشددا على أن القاعدة القانونية أصبحت اليوم وسيلة للتنمية، حيث انتقل دورها من أداة لتقنين مختلف العلاقات داخل المجتمع، إلى وسيلة لخدمة الاقتصاد وتشجيع الاستثمار أيضا، مادام المستثمر يقوم قبل الإقدام على اختيار البلد الذي يستثمر فيه، بافتحاص نظامه القانوني والقضائي، ليتأكد مما إذا كانت القوانين والعمل القضائي توفر له الحماية الكافية على موجوداته واستثماراته، بالإضافة إلى الحوافز الاقتصادية وجودة وجدية اليد العاملة.

وأبرز عبد النباوي ، أن الوضع لايختلف في شيء بالنسبة للمغرب، فموقعه الجغرافي باعتباره بوابة لإفريقيا وجارا لأوربا، جعله يتأثر بالتحولات الاقتصادية الدولية التي أدت به إلى الدخول في اتفاقيات للتبادل الحر، وصياغة استراتيجية للارتقاء بتنافسية الصناعة والمقاولات المغربية، كان من معالمها وضع عدة قوانين شكلت ترسانة متكاملة في مجال الأعمال، من بينها مدونة التجارة، والقوانين المتعلقة بالشركات التجارية، وقانون المجموعات ذات النفع الاقتصادي، بالإضافة إلى تنظيم نشاط مؤسسات الائتمان ومراقبتها، وإصدار القانون المحدث للمحاكم التجارية، وقوانين حماية الملكية الفكرية الأدبية والصناعية، ومدونة الشغل، وتعديل الكتاب الخامس من مدونة التجارة، بهدف وضع الآليات القانونية اللازمة لمساعدة المقاولة، التي تعاني من صعوبات مالية،أو اقتصادية، أو اجتماعية على تخطي الأزمة التي تعترضها، عبر حزمة من المساطر الخاصة التي تسهل اندماجها من جديد في السوق، وتراعي حقوق باقي الأطراف المرتبطة بها.

في ذات السياق، شدد عبد النباوي على أن القضاء في المغرب كان دائما مواكبا للإصلاحات الاقتصادية، من خلال إبتكاره لحلول واجتهادات كانت تقدم أجوبة ملائمة لمشاكل التجارة والمقاولات في غياب النص القانوني أحيانا، كما هو الشأن في استناد محكمة النقض إلى أحكام اتفاقية نيويورك للتحكيم قبل صدور القانون المغربي للتحكيم والوساطة، وتطبيقها لاتفاقية هامبورغ في مجال النقل البحري بالأولوية على بعض مقتضيات القانون الوطني (الفصلين 221 و262 من القانون التجاري البحري ، بالإضافة إلى حماية حقوق المقاول تجاه الإدارة في الصفقات العمومية، وغيرها من القضايا التي تؤكد على فعالية انخراط القضاء في تطوير المنظومة القانونية بما يتماشى مع أهداف تحسين مناخ الأعمال و تشجيع الاستثمار، مبرزا أن دور القضاء في حماية الاستثمار لا ينتهي عند حدود تطبيق القانون بعدالة وإنصاف، وهما قيمتان لا مناص عنهما في أداء العدالة المستقلة، وإنما يتطلب كذلك أن يخضع اجتهاد القضاة للمبادئ الناظمة للأمن القضائي، التي تجعل المستثمرين والفاعلين الاقتصاديين مطمئنين على استثماراتهم وعملياتهم، من جراء استقرار الاجتهاد القضائي من غير جمود، وتطوره من غير تسرع، بالنظر لمتطلبات السوق وقواعد المنافسة الحرة وحماية حرية العمل وحقوق الأجراء وضمان استمرار المقاولة، ودون إخلال بحقوق المستهلك، الذي يشكل نواة العملية الاقتصادية ومنتهاها، مشيرا أن الدور الذي يمكن أن يقوم به القضاة، ومن بينهم قضاة النيابة العامة، يعد محوريا في حماية الاقتصاد ودعم الاستثمار والحفاظ على السلم الاجتماعي، وهي مؤشرات ينبغي على القاضي استحضارها خلال تطبيق النصوص على الوقائع.

وأفاد عبد النباوي أن اعتماد التدبير اللامتمركز للاستثمار، بإحداث المراكز الجهوية للاستثمار، وإحداث الشباك الوحيد، مبرزا أن الاستراتيجية الوطنية في مجال تحسين مناخ الاستثمار تروم تحسين تصنيف بلادنا ضمن أفضل 50 قوة اقتصادية في مجال مناخ الأعمال في أفق سنة 2021، معتبرا أن وضع القوانين وتجويدها ليس غاية في حد ذاته، وإنما يعد وسيلة لبلوغ الأهداف التي تسطرها الدولة، » وهنا تكمن أهمية دور القضاء الموكول إليه أمر تطبيق النص القانوني على وقائع معينة، على نحو يجعله مؤهلا لحماية النظام العام الاقتصادي وتحقيق الأمن القضائي، كما ينص على ذلك الفصل 117 من دستورالمملكة، ومن أجل تحقيق أهداف المرحلة الجديدة التي أعلن عنها صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش لسنة 2018.

وللإشارة، فإن هذا المؤتمرالدولي،الذي إختتمت أشغاله قبل قليل، من مساء الثلاثاء 22 أكتوبر الحالي، والمنظم بمراكش من طرف كل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، حول “العدالة والاستثمار : التحديات والرهانات”، عرف مشاركة أزيد من 40 وزيرا للعدل وعدد هام من كبار المسؤولين بالمجالس العليا للقضاء والوكلاء العامين،و فاعلين بارزين بالمؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية المختصة، حيث تضمن برنامج هذا المؤتمر الدولي عقد أربع ورشات عمل موضوعاتية حول”تحديث النظام القانوني للأعمال “، و “دور العدالة في تحسين مناخ الأعمال”، و “تكنولوجيا المعلوميات القضائية ومناخ الأعمال”، و “رهانات التجمعات الإقليمية “وهي الورشات التي شكلت فرصة للتبادل والنقاش حول السؤال المحوري للمؤتمر المتمثل في العلاقة بين العدالة وتنمية الاستثمار، وكذا دور العدالة والقانون في تحسين جاذبية مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار، وإجراء المشاورات بين وفود البلدان المشاركة والمنظمات والتوقيع على عدد من الاتفاقيات الثنائية.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.