في سنة 1879 كتب الفيلسوف والإقتصادي الشهير كارل ماركس رسالة لصديقه الفيلسوف الإقتصادي، ورفيق دربه الفكري، فريدريخ إنجلز، بعدم إنتهى من قراءة كتاب “أصل الأنواع” للعالم الإنجليزي تشارلز داروين : “هل تعلم ياعزيزي فريدريخ ،أن كتاب “داروين” يقدم لنا أساس التاريخ الطبيعي المبني على نظرة مادية للعالم، وأنه يكشف أساساً في العلم الطبيعي للصراع الطبقي،فقد أذهلني هذا الإنجليزي دارون لأنه استطاع أن يطبق أفكار “مالتوس” على النباتات والحيوانات”.
بعد ذلكــ ، بشهور قليلة، أرسل ماركس إلى داروين يستأذنه بكتابة إهداء له على الصفحة الأولى من كتابه الشهير“الرأسمال” يقول فيها “إلى السيد تشارلز داروين من معجبه المخلص كارل ماركس”، ولكن داروين اعتذر منه لأنه رأى بوادر معركة علمية وثقافية جديدة ستلوح في الأفق،فيما إذا تقَبل الهدية.
وكان داروين ب قد تعب من إنتقادات القراء والقارئات والباحثين والمثقفين بالمجتمع البريطاني، سبب كتابه “أصل الأنواع”، ولم يشأ أن يخوض حروبا جديدة بسبب هذين الألمانيين “كارل ماركس” و”فريدريخ إنجلز” اللذان إعتبرا المجتمع البشري مادة مرنة قابلة للتعديل، ورسما له خارطة طريق نحو ما وصفاه بالتطور الحتمي نحو الشيوعية، وإن كان العلماء اليساريون بعدهما قد لوثوا معظم العلوم التاريخية بمصطلحاتهم المؤدلجة، خلافا للتصور الماركسي عن تطور المجتمعات البشرية القديمة .
من جهته، كتب تشالز داروين رسالة لصديقه العالم توم هكسلي، بعدما ذكره هذا الأخير برسالة كارل ماركس له، أنه من الغباء أن تسود في ألمانيا، فكرة تمزج بين الصراع الطبقي، والمادية الجدلية، وبين التطور عن طريق الإنتخاب الطبيعي .