المناظرة”الزنبورية” الشهيرة، التي قتلت “سيبويه” في ريعان شبابه

مـحـمـد الـقـنـور :

عادت إلى الواجهة الإعلامية والثقافية، بمناسبة تخليد اليوم العالمي للغة العربية، تفاصيل مناظرة وجدل جرى قبل ألف سنة بين عالم النحو الشهير سيبويه إمام مدرسة النحو في البصرة، وزميله في ذات العلم أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الكسائي “119 هـ/-189 هـ الموافق لــ 737 م 805 م ، إمام النحو في الكوفة، أمام الخليفة العباسي الشهير هارون الرشيد، وأفراد حكومته، ودواوينه وقادة جيوشه وحشود كبيرة من العلماء والفقهاء واللغويين والشعراء والكتاب والطلبة، وجمع غفير من الناس ممن حجوا لبغداد عاصمة الخلافة العباسية،لحضور أطوار هذه المناظرة بين قمتين من قمم النحو وعلوم اللغة العربية،خصوصا وأن اللغة في ذاك العصر كانت وسيلة للممارسة الدينية الإسلامية، وأداة لتصنيف العلوم الشرعية والعقلية، ولمختلف الفنون الفنون التعبيرية من رسائل وشعر وتوقيعات ورسائل وغيرها

وحسب المصادر التاريخية وتصانيف الأدبية واللغوية المتداولة، فقد نشب الجدل اللغوي بين سيبويه والكسائي حول مقولة مفادها : “كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور”، حيث رأى سيبويه أن تكملتها هي “فإذا هو هي” لأن المقارنة تقع على اللسعتين،وليس على الحشرتين، مقابل خيار آخر يقول: “فإذا هو إياها”، إلا أن الكسائي أجاز”الوجهين

وقد حزن عمرو بن قنبر سيبويه العالم الشهير، 148 هـ – 180 هـ الموافق لــ 765 – 796م، والمنحدر من أسرة فارسية بقرية البيضاء في بلاد فارس، والذي نشأ بالبصرة في العراق، بعدما رحلت أسرته إليها، ومعنى سيبويه المكونة من إسمين في اللغة الفارسية، أن “سيب” هو فاكهة التفاح، و أن “أويه” تعني ذو هذه الرائحة، أي رجل تفوح منه رائحة التفاح،ويعود هذا اللقب إليه بسبب تجارته وشهرته ببيع التفاح ، إلى ذلكــ، إعتبر “اللساني الإمريكي المعاصر “بلومفليد”، سيبويه، علامة بارزة في الذكاء البشري،

هذا ،وبعدما أعلنت بطانة الخليفة العباسي هارون الرشيد، فوز الكسائي وأيدت وجهة نظره بجواز الوجهين، في المسألة المناظر حولها، قبل أن يغادر سيبويه من بغداد إلى البصرة ليتوارى عن الأنظار، ولم يتمكن من العودة لعاصمة الخلافة ، ليموت غما في ريعان شبابه عن سن 31 سنة.

ومهما، يكن فقد رأى جمهور الباحثين المعاصرين، والعديد من المؤرخين أن الموقف تم تسيسه، لكون الكسائي كان معلما لوليي العهد الأمين والمأمون إبني الرشيد، ومقربا من الخليفة هارون الرشيد ووزرائه البرامكة،وحاجبه الربيع بن الفضل، وقادة جيوشه أمثال، معن بن زائدة الشيباني، وهرثمة بن أعين، رغم معرفتهم حسب ذات المصادر أن الحق مع سيبويه.وللإشارة، فإن كل من الكسائي وسيبويه، عالمان مؤسسان لعلوم اللغة العربية،ولمذهبين عرفا لاحقا، ولحدود عصرنا الحالي بتأسيس الكسائي لمذهب الكوفة ، وتأسيس سيبويه لمذهب البصرة في النحو، وكلاهما نمطين منطقيين في اللغة العربية، إنطلاقا من تقعيد أصل إشتقاق الكلمات في اللغة العربية،فقد رأى سيبويه أن أصل اللغة العربية هو المصدر، لأن المصادر مطلقة في الزمان، وغير محدودة، والمطلق أصل المحدود،في حين أكد الكسائي أن أصل الإشتقاق في اللغة العربية، هو الفعل، لوجود أفعال لامصادر لها، مثل فعل “ليس” وفعل”عسى” …

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.