لاتزال العديد من الفتيات المغربيات عالقات في مدن تركيا عموما، بأنقرا العاصمة، وبأزمير وبأنطاليا، وقونيا، وخصوصا بإستنبول، حيث أصبحن يتسكعن في الشوارع، وداخل الحانات والمطاعم والمركبات الفندقية، وصرن ضحايا للوعود المعسولة التي شنف بها آذانهن السماسرة والوسيطات المغربيات بالزواج على طريقة المسلسلات التركية الحالمة والمسترسلة، ضمن مئات الحلقات . هن فتيات مغربيات ينحدرن من مختلف المدن الكبرى المغربية، إذ أغلبهن من الدار البيضاء ومن ضواحيها، يستيقظن على بشاعة الحلم التركي، بسبب غياب أية حقوق لهن، لكون الزواج من خلال الوسيطات يتم عبر ورقة غير موثقة في الدوائر الحكومية التركية. ويبقى القاسم المشتركـ بين المغربيات العالقات في تركيا، ظروفهن الاجتماعية الصعبة وعدم قدرتهن على العودة إلى المغرب، إذ عند وصول نادية 26 سنة ، إلى تركيا ومقابلة الشاب التركي،الذي قدمت الوسيطة صوره لها، عندما كانت لاتزال بين أحضان عائلتها في الدار البيضاء، أدركت نادية أن خطيبها الوهمي، رجلا معتوها، يعيش إضطرابات وتقلبات نفسية خطيرة، فلما رفضت الزواج به، صدمها والده بخيارات صعبة، فإما الزواج من إبنه، أو السجن أو دفع 3000 دولار أميركي،أي ثلاث ملايين سنتيم، وهو المبلغ الذي حصلت عليه الوسيطة المغربية من أب الخطيب المعتوه . إلى ذلكـــ ، لم تجد نادية المسكينة سوى الموافقة على هذا الزواج خوفا من “تفويتها” لشخص آخر، أوبيعها لإحدى شبكات الإتجار بالبشر التي تعج بها تركيا، وأمام هذه الخيارات الصعبة والفظيعة، وافقت نادية على الزواج، وانتقلت مع زوجها للعيش في قرية صغيرة وسط تركيا بضواحي مدينة القيصرية، لتعيش ظروفا جحيمية، ومآسي تلو المآسي.
هذا، وتبدأ عملية اصطياد الفتيات المغربيات عبر إعلانات مغرية تنشرعلى صفحات “الفايس بوكـ” ، فقد قامت زميلة صحافية مغربية بالإنضمام إلى صفحة “زاوج المغربيات بالأتراك في تركيا” التي تستهدف عبر منشوراتها المغربيات ممن يبحثن عن زوج تركي، حيث لاحظت أن فتيات مغربيات صاحبات 27 حسابا ، رغبن في الزواج من رجل تركي، وصف نفسه بالمتدين وبالمنفتح، وبالفلاح الثري، وبكونه يبلغ من العمر 39 عاما، وعندما إنخرطت الصحافية مع الراغبات، إكتشفت أن الصفحة بــ”الفايس بوكـ “تحت إدارة وسيطة مغربية تسمي نفسها “نورالهدى” حيث طلبت الوسيطة المذكورة من الزميلة التواصل معها على الخاص، التي طالبته بإرسال صورتها بزي محتشم وحجاب يعكس الوقار والتدين، ومبلغ مالي كعربون ، في أفق ربط الإتصال لها بأكبر عدد من العرسان على حد قول الوسيطة”نور الهدى” . إلى ذلكــ ، وبعد دقائق قليلة من طرح الوسيطة أسئلة متعلقة بمواصفات الزميلة الصحافية “العروس”، أرسلت صورة لرجل تركي في العقد الخامس من عمره، ذكرت بعد ذلكــ الوسيطة ، أنه متزوج ويرغب بالزواج من إمرأة ثانية، لإنجاب الكثير من الأطفال . قبل أن تتوج الوسيطة هذا التواصل، بالتأكيد على أن حقوق الزوجة الثانية مضمونة في هذا الزواج، منهية عرضها بالمقابل المالي المقدر بــ 5000 دولار أميركي. في ذات السياق، تداولت العديد من وسائل الإعلام في كل من المغرب وتركيا، خبر اعتقال أشخاص مغاربة وأتراك بسبب نصبهم على العديد من مواطني كل من المغرب وتركيا ، وإبتزازهم لمبالغ مالية من الطرفين مقابل وعود مزيفة بالزواج من مغربيات.