فوضى الحلويات وإغراءات “الملونات” الغذائية خطر يحدق بأطفال المدارس
مـحـمـد الــقــنــور :
تعتري الطفلة فاطمة الزهراء البالغة من العمر 7 سنوات، موجة من الهلع، والخوف، والشعور بالمرارة كلما شاهدت أصناف حلوى شعبية تباع في العربات المتناثرة بشتى الشوارع الحديثة والشعبية، إذ تتذكر فاطمة الزهراء تلكــ الآلام الفظيعة التي إستدعت نقلها على وجه السرعة إلى المركز الإستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش، بعد أن تطورت حالتها وعانت من انقطاع التنفس تطلب المكوث لليلة كاملة إلى حين زوال الخطر عنها على إثر تناولها قطعة من حلوى”مصاصة”زاهية الألوان، مزركشة ورخيصة الثمن، وقد أدت هذه الحلوى بثلاث من زميلاتها بمدرسة مجاورة، إلى نفس المستشفى .
هذا، وتكررت مثل الواقعة في مراكش وفي العديد من المدن المغربية الكبرى والمتوسطة، نتيجة بيع مجموعة من الحلويات المتضمنة استعمال الملون الغذائي E110، بكميات كبيرة، تتجاو الحد المنصوص عليه ، والمحدد في 300 مليغرام في الكيلوغرام ، على منوال المثل المغربي “زَوَّق تبيع”.
هذا، وتندرج قائمة الملونات الغذائية الصادرة عن الجمعية الفرنسية المستقلة، ، وهي جمعية تتكون من أطباء وباحثين متخصصين في الدراسات البيولوجية والعلاجية والسريرية لمختلف أنواع السرطان، إذ تعتبر مادة (E110 (Jaune-orangé ضمن قائمة الملونات الخطرة التي قد تسبب الأمراض السرطانية، مما أصبح محظورا عالميا استعمالها.
ويحذر أغلب الأطباء المغاربة وخبراء التغذية من خطورة الملونات المستخدمة في صناعة بعض الحلويات على الصحة التي تباع أمام الكثير من المؤسسات التعليمية ، وخاصة الصناعية ومنها الترترازين E102 الذي يمنح اللون الأصفر، وE123 الذي يمنح اللون الأحمر، وE131، الذي يمنح اللون الأزرق، وبالرغم من منع استعمال تلك الملونات دوليا منذ عام 1979 لمخاطرها الصحية المؤكدة ، إذ ثبُت علاقة بعض الملونات مثل E102 بحالات من فرط النشاط واضطرابات التعلم”.
وكشفت دراسة إكلينيكية أنجزتها خبيرة تغذية مغربية عن تسبب أكثر الملونات الصناعية بالحساسية والربو والتهاب الأنف والإكزيما، وإعتبرت ذات الدراسة معظم الحلويات التي تباع في العربات، وحتى ببعض المحلات التجارية غير مطابقة للمواصفات الصحية نتيجة الملونات الصناعية ، التي تستخرج من مركبات كيميائية تشكل أساس تنشيط الخلايا السرطانية والإصابة المبكرة بالأمراض المزمنة كالحساسية وضيق التنفس، حيث يصعب محاصرة مثل هذه التجاوزات، نظرا لضعف آليات الرقابة في هذا الصدد.
كما أن استهلاك الأطفال للحلوى ذات الألوان الذهبية، أو الفضية، والتي يتم بيعها على بعض العربات المجرورة، وفي بعض المحلات التجارية بحسب ما وثقته مصادر إعلامية متطابقة من خلال جولات ميدانية في مراكش.
وتشكل هذه الحلويات ذات الألوان الذهبية، أو الفضية تهديدا محدقا على حياة الناشئة على المدى البعيد لأن اللونين يستخرجان من المواد الغنية بالمعادن مثل E175 (اللون الذهبي) وE174 (الفضي) وكلاهما مصنوعان من مواد كيميائية تسرّب مواد سامة إلى الكبد، مما يؤدي إلى ظهور الخلايا السرطانية على المدى الطويل.
في سياق مماثل ، تؤكد الجمعية الفرنسية للحماية الغذائية، أن الملون الذي لا يضر هو المستخرج من النباتات أو الغلال، وهو ما تدعمه قائمة الملونات الصادرة ، حيث تحذر ذات الجمعية من الملونات المغشوشة، لدرجة وصل الأمر ببعض الغشاشين إلى طحن الآجر واستعماله كمسحوق ملون أحمر، كما أن بعض المستهلكين وحتى التجار يقبلون على هذه الحلويات لانخفاض أسعارها التي تصل إلى أقل من عشرة دراهم للقارورة.
وللإشارة، فقد أعلنت الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية EFSA عن إعادة تقييم جميع الإضافات الغذائية المسموح باستخدامها في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020، لأن معظم التقييمات يرجع تاريخها إلى الثمانينيات والتسعينيات، وبعضها حتى في السبعينيات، وفق ما جاء على موقعها الرسمي، مؤكدة أنه من المناسب إعادة تقييم جميع الإضافات المصرح بها ومراجعة الشروط الحالية لاستخدام المواد المضافة وإذا دعت الحاجة إلى إزالة مواد من القائمة، إذ أسفر برنامج إعادة التقييم حتى الآن عن مراجعة استخدام ثلاثة ألوان وهي E 104، وE 110 و E 124، وبالنسبة للملونات المسموح بها وللمضافات الغذائية (NT 117.01) ، كما أن 80% من الحلوى المعروفة بحلوى المواسم و”حلوى “كوكو” وحلوى” جبان” وحلوى “باليفي” وبعض رقائق “شيبس” باتت تحتوي على ملونات ممنوعة.