إكتشافات جديدة عن بصمات مغربية في ثقافات شعوب الهنود ‏الحُمْرِ الأمريكيين

محمــد القـنـــور : ‏

خلافا لما روجته وعملت على ترسيخه الكثير من أفلام هوليوود ، من خلال الصور النمطية التي رسمها عن ‏شعوب الهنود الحمر في أمريكا ، بأفلام الكاوبوي القديمة، والتي تقتصر غالبا على ماضيهم دون حاضرهم. ‏فإن الشعوب الأولى التي سكنت فيما يعرف الآن بالولايات المتحدة هي في الواقع أمم متنوّعة، ويعيشون اليوم ‏حياة معاصرة، ورغم قلة عددهم والتحديات التي ما زالوا يواجهونها، إلا أنهم يمثلون وضعا فريدا بين ‏المجموعات العرقية في أميركا.‏
إذ يطلق عليهم أسماء مختلفة مثل: الأميركيين الأصليين ‏Native Americans‏ والهنود الأميركيين ‏American Indians‏ أو ‏Amerindians‏ والشعوب الأولى ‏Indigenous peoples‏ والأمم الأولى ‏First ‎Nations‏ والشعوب الأصلية ‏Aboriginal‏ والأميركيون الأوائل ‏First Americans‏. وهناك بعض الناس ‏الذين يرغبون بأن يشار إليهم نسبة لقبيلتهم فقط. ومع أن “الهنود” هي تسمية أطلقها خطأ كريستوفر ‏كولومبوس حين ظن أنه قد وصل الهند بعد أن اجتاز المحيط الأطلسي من إسبانيا إلا أن الاسم علق بهم عبر ‏القرون، ولا يرى كثير منهم به بأسا. أما تسمية الأميركيين الأصليين فهي تعبير قانوني أطلقته الحكومة ‏الفيدرالية للتمييز بينهم وبين المهاجرين من الهند، وهو أيضا تعبير عام يشمل الهنود الأميركيين والسكان ‏الأصليين في ألاسكا وهاواي وغوام وساموا، ويعتبر كثير من الأكاديميين تعبير “الأميركيين الأصليين” ‏الأصح سياسيا. غير أن فيل كونستانتين وهو صحافي وكاتب وعضو في “أمة تشيروكي” ‏Cherokee ‎Nation‏ يقول “أنا أستخدم دائما تعبير الهنود الأميركيين بدلا من الأميركيين الأصليين” في حين يعتبر إسم ‏‏”الهنود الحمر” ‏Red Indians‏ الآن تعبيرا مسيئا.‏

ومهما يكن ، فإن للهنود الأميركيين حكم ذاتي وسيادة على أراضيهم ومجتمعاتهم، وثرات وحضارة، عملت ‏الحضارة الغربية الدخيلة، والمنتصرة، على طمس معظم معالمها وإقتلاع أهم تفاصيلها وفلكلورها، رغم أن ‏الحكومة الفيدرالية الأميركية تعترف بقبائل السكان الأصليين كـ”أمم محلية تابعة” ‏domestic dependent ‎nations، مما يعني أن القبائل هي مجتمعات مستقلة سياسيا، ولها أنظمتها وقوانينها الخاصة بما في ذلك ‏أنظمة المحاكم والأمن. وقد تم سن قوانين لإيضاح العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات القبائل، كما أن ‏هناك قوانين ترسم العلاقة بين حكومات الولايات وحكومات القبائل. ومع أن ما يسمى بـ”السيادة القبلية” ‏tribal sovereignty‏ مسنونة بالدستور الأميركي إلا أنها ليست سيادة كاملة تعادل تلك الممنوحة للدول ‏الأجنبية. ويصل عدد قبائل الهنود الأميركيين الذين تعترف بهم الحكومة الفيدرالية إلى 566 قبيلة.‏
ومع أن السيادة القبلية تعطي للهنود الأميركيين نوعا من حق تقرير المصير، إلا أن هناك مشكلات يعانون ‏منها، منها تضارب المصالح وعدم وضوح العلاقات بين الحكومات، وفقا لـ”جين ماري ثيل” سيدة الأعمال ‏وعضوة مجلس إدارة غرفة التجارة الهندية الأميركية لولاية ويسكونسن والعضوة في قبيلة “باد ريفر باند ‏في بحيرة سوبيريور” ‏Bad River Band of the Lake Superior Tribe، وتضيف لـ”راديو سوا” أن ‏تحسين العلاقات بين القبائل والحكومة الفيدرالية ما زال يشكل تحديا، إضافة إلى المحافظة على حريات ‏الهنود الأميركيين ضمن الاتفاقات القائمة، وأن لا يتم نسياننا في السياسات التي تطرح والبرامج التي تؤثر ‏علينا”.‏
ويؤكد “أدوارد نوسلن”الباحث في العلوم الأنثروبولوجية أن جميع السكان الأصليين في أميركا الشمالية ‏وأميركا الجنوبية يعيشون ضمن حدود دول تأسست في معظمها على يد مستعمرين أوروبيون، وهناك تحد ‏دائم بأن يكونوا قادرين على صنع قراراتهم بأنفسهم بشأن القضايا التي تؤثر عليهم وحدهم ضمن أراضيهم”.‏
مضيفا أن الحفاظ على الهوية القومية يعتبر من الصعوبات التي يواجهها الهنود الأميركيون، “فطبيعة ‏الانتشار الواسع للاتصالات ووسائل الإعلام تجعل من الصعب على أمة أن تحافظ على هويتها الثقافة ‏الخاصة، مثلاً هناك شباب في الشرق الأوسط يستمعون إلى موسيقى الراب، وهذا ينسحب علينا الآن أيضا، ‏فقد أضحى من الصعب المحافظة على طريقة حياتنا”.‏

شعوب مختلفة وثقافات متباينة

ومما يفيد أن شعوب مختلفة وثقافات متباينة، كون الأميركيون الأصليون لا يتحدثون لغة واحدة ولا يدينون ‏بالديانات واحدة، وليس لديهم العادات والتقاليد ذاتها، “فقد عاش السكان الأصليون في أميركا الشمالية في ‏طيف واسع من المناخات والتضاريس والظروف”، وفقا للعديد من الدراسات التاريخية والإثنية التي تناولت ‏شعوب الهنود الحمر، فإن ما يعتبر مناسبا لبيئة ألاسكا القطبية لن يكون مناسبا لبيئة صحراء “كولورادو” أو ‏نيفادا” جنوب غرب الولايات المتحدة أو في غابات جبال الروكي “.‏
فالهنود الأميركيين ليسوا جميعا ذوي بشرة سمراء أو شعر غامق أو عيون عسلية، “فهناك شيوخ قبائل ذوو ‏عيون زرق، وهناك أعضاء في بعض القبائل شعرهم أشقر، هناك تقاطيع مختلفة متأثرة بالاختلافات ‏الجغرافية وملامح تشمل ثقافات الهنود المتنوعة التي تمتد عبر آلاف الكيلومترات في الأميركيتين الشمالية ‏والجنوبية .‏

محميات مهجورة وإحصائيات ناطقة ‏

وفقا للإحصاء الرسمي للسكان لعام 2010 فإن هناك 334 محمية خاصة بالأميركيين الأصليين ‏reservations‏ في الولايات المتحدة، غير أن 78 في المئة منهم أضحوا يعيشون خارج المحميات. إذ يعيش ‏الهنود الذين لم يختلط نسبهم في المحميات بشكل أكبر ممن اختلط نسبهم بالأعراق الأخرى.‏
حيث لم يبقو داخل خيامهم المخروطية ‏tipis‏”، بل أن معظمهم من الهنود الأميركيون يعيشون اليوم حياة ‏معاصرة في بيوت عادية. رغم أن “جين ماري ثيل”العالمة النخصصة في حضارات الهنود الحمر، تؤكد ‏أن الفقر وتوفر الإسكانات الجيدة ما زالت مشاكل كبيرة في محميات الهنود الأميركيين، في ظل معاناة الهنود ‏في المحميات من ارتفاع معدلات الجريمة والمشاكل الصحية ، الناتجة عن أمراض إدمان الكحول والتدخين، ‏وتغيرات نظام التغذية .‏
ولقد أبرز تقرير فيدرالي في 2008 أن 12 في المئة من وفيات الهنود الأميركيين مرتبطة بالكحول وفي ‏مقدمتها حوادث السير وأمراض الكبد وحوادث القتل والانتحار والإصابات الناتجة عن السقوط.‏

أقلية بشرية مهددة بالإنقراض

يشكل الهنود الحُمر الأميركيون نسبة 1.7 في المئة من سكان الولايات المتحدة، ويشير الإحصاء الرسمي ‏للسكان لعام 2010 إلى أن مجموع الأميركيين الذين لديهم نسب إلى السكان الأصليين يبلغ 5.2 مليونا أي ما ‏يعادل 1.7 من سكان أميركا، من ضمنهم 2.9 مليونا يدّعون نسبا صافيا إلى الأميركيين الأصليين، و2.3 ‏مليون يدّعون نسبا مخلوطا مع عرق آخر على الأقل. ويتمركز الأميركيون الأصليون في ولايات كاليفورنيا ‏وأوكلاهوما وأريزونا ونيويورك ونيومكسيكو وولاية واشنطن ونورث كارولاينا وفلوريدا.‏
وتعد قبيلة تشيروكي أكبر القبائل الهندية الأميركية إذ يبلغ عدد أعضائها 819,105 عضوا، تتلوها قبيلة ‏نافاهو بـ332,129 عضوا، ثم قبيلة تشوكتاو بـ 195,764 عضوا ثم الهنود الأميركيين المكسيكيين ‏بـ175,494 عضوا، و”سو” (170,110 عضوا) وأباتشي حوالي 111,810 عضوا)، وبلاكفوت بــ ‏‏105,304 عضوا وقبيلة تشيبيوا (170,742 عضوا) .‏
مع العلم أن يتزاوج الهنود الحُمر الأميركيين باتوا يتزاوجون بنسب عالية مع كل من البيض والسود ‏واللاتينيين.‏

أصول الهنود الحمر الإمريكيين

تؤكد معظم الدراسات والنظريات والفرضيات العلمية ، أن الهنود الحمر الأميركيين الأوائل إستوطنوا القارة ‏الإمريكية ، بعدما رحلوا من سيبريا إلى ألاسكا عبر جسر بري
وحول أصول السكان الأصليون لما يعرف الآن بأميركا الشمالية والجنوبية، فإن النظرية الأكثر شيوعا هي ‏أنهم أتوا من شرق آسيا عبر مضيق بيرينغ الذي كان جسرا بريا خلال العصر الجليدي حين انخفض مستوى ‏البحر، ويبلغ عرض المضيق الآن 18 ميلا. وتشير أدلة أنثروبولوجية وجينية وأثرية إلى أنهم هاجروا قبل ‏عشرات آلاف السنين وتحديدا فيما بين 30 ألف عام و13 ألف عام، ثم هاجر هؤلاء عبر آلاف السنين جنوبا ‏مرورا من كندا وانتشروا في أنحاء أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية.‏
وأورد العالم كلوفس ، إلى أن هناك أدلة أثرية تشير إلى أنهم كانوا يرافقون هجرة الحيوانات الكبيرة التي ‏كانوا يصطادونها مثل حيوان الماموث الذي يشبه الفيل والذي انقرض قبل نحو 11 ألف عام.‏

 

كازينوهات في محميات قبائل الهنود الحمر

لأن للهنود الأميركيين سيادة على محمياتهم، فلا تستطيع الولايات أن تمنع القمار فيها، لذا فقد انتشرت المئات ‏من الكازينوهات في المحميات حتى إنها أصبحت عائدا اقتصاديا رئيسيا في بعض المجتمعات الفقيرة، وإن ‏كانت المسائل الأخلاقية ما زالت موضع جدل.‏
وبحلول عام 2011 كان هناك 460 صالون قمار تشغلها 240 قبيلة في أنحاء الولايات المتحدة، وتدر في ‏مجموعها إيرادات سنوية تقدر بنحو 27 مليار دولار، وفقا لمفوضية القمار الهندية الوطنية.‏
ورغم نمو العائدات والتحسن في البنية التحتية لبعض المحميات نتيجة الكازينوهات، إلا أن هناك إشارات إلى ‏أنها لم تحسن ظروف الهنود الأميركيين بشكل عام، فقد أظهر تحليل أعدته وكالة أسوشييتد برس لمستويات ‏الفقر والبطالة والمعونات الحكومية أن مستوى البطالة بين قبائل الهنود الأميركيين التي تشغل الكازينوهات ‏استقر على 54 في المئة بين عامي 1991 و1997، إذ إن كثيرا من الوظائف استحوذ عليها غير الهنود، ‏وفقا لبيانات قدمتها القبائل لمكتب الشؤون الهندية، في حين فضلت أكثر من نصف القبائل أن لا يقيموا ‏كازينوهات على أراضيهم.‏

مذابح وأوبئة وتهجير قسري

في عام 1835 وقّع البعض من قبيلة تشيروكي معاهدة مع الحكومة الأميركية لمبادلة أراضيهم في الشرق ‏الأميركي في مقابل أراض في ولاية أوكلاهوما إضافة إلى خمسة ملايين دولار. ورغم أن معظم أعضاء أمة ‏التشيروكي لم يكونوا يريدون الهجرة إلا أنهم لم يكن لهم خيار. وفي عام 1838 أجبر الجيش الأميركي أمة ‏التشيروكي على الرحيل من بيوتهم إلى غرب نهر المسيسيبي. وقد تم تهجير نحو 100 ألف من الهنود ‏الأميركيين من خمس قبائل مختلفة من أراضي أجدادهم فيما أضحى يطلق عليه “درب الدموع” ‏Trail of ‎Tears، وقد مات ما بين 4 آلاف إلى 15 ألفا منهم على الطريق جراء الجوع والبرد والأمراض.‏
وفي عام 2008 أصدر الكونغرس الأميركي قرارا اعتذر فيه للأميركيين الأصليين عن تلك “السياسات غير ‏المدروسة”.‏
وقد توفي أعداد كبيرة من الهنود الأميركيين جراء الأوبئة التي لم يكن لهم مناعة ضدها بعد احتكاكهم ‏بالأوروبيين، لا سيما الجدري والحصبة والحمى القرمزية والتيفوئيد والأنفلونزا. وكان ذلك من أسباب ‏تناقص أعدادهم.‏
كما أدت الصراعات على أراضي الأميركيين الأصليين إلى مذابح منها مذبحة “ساند كريك” ومذبحة “ووندد ‏ني” ومذبحة “كامب غرانت”.‏

أثر الهنود الحُمـْر على الثقافة الأميركية ‏

ومع ذلكــ ، فإن للهنود الحُمر الأميركيين مساهمات وتأثير على الثقافة الأميركية والعالمية في مجالات شتى. ‏فهناك العديد من الأطعمة التي يتناولها الناس حول العالم والتي لم تكن معروفة قبل اكتشاف العالم الجديد، ‏منها البطاطا والطماطم والفول والذرة والفول السوداني والقرع والتبغ والكوسى. وقد تعلم الأوروبيون العديد ‏من أساليب الزراعة من الهنود الأميركيين.‏
وقد بني النظام الفيدرالي الأميركي على نظام الحكم الذي تبناه اتحاد أمم الأيروكيان ‏Iroquoian League ‎of Nations‏.‏
كما يعتبر الهنود الأميركيون هم أول من استخدم الزورق الطويل (الكانو) ‏canoe‏ ومن أوائل من استخدم لغة ‏الإشارة للتخاطب بين القبائل المختلفة وبين التجار، وهناك 28 ولاية والمئات من المدن التي اشتقت أسماؤها ‏من لغات الهنود الأميركيين، من “المسيسيسيبي” ، إلى “داكوتا”، ومن “أبالاش”، إلى “ميسوري” ‏و”أريزونا” و”مونتانا” وغيرها .‏
ومع ذلكــ، فمعظم الهنود الحمر الآن في أمريكا مسيحيون لكنهم يمزجون المسيحية بدياناتهم القديمة ‏ومعتقداتهم المتوارثة.‏
هذا، وقبل مجيء الأوروبيين للعالم الجديد، أمريكا كما يطلق عليه، من قبل جغرافيو عصر النهضة ‏الأوروبية، فقد كان للهنود الأميركيين ديانات متنوعة تتراوح بين الوثنية والتوحيد وعبادة الطبيعة ‏والحيوانات، غير أن الحكومة الأميركية وحركات التبشير المسيحية سعت إلى تحويلهم إلى المسيحية باعتماد ‏سياسات تجبر أطفالهم على الانخراط في مدارس داخلية تفرض عليهم اللغة الإنكليزية والثقافة الأميركية ‏الشائعة والديانة المسيحية. ‏
وقد رافقت ذلك قوانين فيدرالية تمنع ممارسة طقوس ديانات الهنود الأميركيين مثل “رقصة الشمس” و”كوخ ‏التعرق”. وقد رأى المستعمرون في المسيحية أداة “لترقية” الهنود الأميركيين وتسهيل انخراطهم في المجتمع ‏الأميركي، وقد استمرت هذه السياسات حتى السبعينيات مع إصدار “قانون حرية تدين الهنود الأميركيين”.‏
ومع أن معظم الهنود الأميركيين الآن يعتبرون أنفسهم مسيحيين، إلا أن بعضهم يمارس تركيبة توليفية تمزج ‏بين المسيحية وطقوس الديانات القديمة.‏
مثلاً القديس ديفيد بيندلتون أوكرهيتر من قبيلة “شايان” الذي تم تطويبه كقديس في الكنيسة الأسقفية كان ‏يتعبَّدُ بـ “رقصة الشمس”.‏
وعلى كل حال، فقد شهدت الديانات التقليدية مؤخرا اهتماما متجددا حتى من قبل غير الهنود الأميركيين، لا ‏سيما في مجال المداواة الروحانية وإجلال الطبيعة.‏
كما أكتشف علماء كنديون وأمريكيون أن هناك مخطوطات في قرى الهنود الحمر وحفريات على الجدران ‏بخط عندما بحثوا عن أصل الخط وجدوا أنه خط مغربي .‏
كما لاحظوا أن الوجهاء من الهنود الحمر يلبسون العمامة ونسائهم تلبس السروايل التي تشبه “القندريسي” أو ‏السراويل المغربية ، وأن طقوس الرقص عند الهنود الحمر لا تختلف عن طقوس “الجدبة” لدى المتصوفة ‏المغاربة !‏
والأعجب من ذلك أنه لازالت في لغة الهنود الحمر الكثير من الكلمات المغربية على غرار”واخا” و”دروﯖا” ‏و”كاينا” و”دابا” ، ولا تستبعد مجموعة من الدراسات إمكانية وصول مغاربة من المدن الأطلسية كآسفي ‏وإفني وطنجة وسلا وأزمور إلى أمريكا عن طريق الصدفة، قبيل وزمن الكشوفات الجغرافية الكبرى، وخلال ‏فترات الجهاد البحري.‏

الأزموري أول مغربي إستوطن بلاد الهنود الحُمر

كما أن حكاية الأزموري ذاكــ الشاب الدكالي الذي تزعم أحد قبائل الهنود الحمر ، وهي حكاية باتت معروفة ‏ومدروسة ومتداولة، فقد كان الأزموري أول رجل، من خارج قبائل الهنود، يكتشف المكسيك الجديدة ‏وأريزونا بعد عبوره صحراء سونورا القاحلة. وعلى إثر ذلك، بدا أن ما عُرف بــ «مدن الذهب السبع» في ‏‏«سيبولا» ثم لا حقا بــ “الإلدو رادو”فقد فضل المصطفى الأزموري الإقامة إلى جانب هنود “زوني” ، ‏محترما وجيها من قِبلهم، ومتمتعا بأرفع درجات التقدير والإحترام من لدنهم؛ وهو الوضع الذي احتفظ به حتى ‏وفاته في قرية «هاويكوه» القديمة، التي تقع اليوم بــ “نيو ميكسيكو” أو المكسيك الجديدة. وهو ما يؤكد أن ‏المغاربة والأندلسيين من قبل سنة 1492 ، سنة سقوط غرناطة وإبحار كريستوف كولمب وطاقمه من البحارة ‏الباحثين عن ثروات العالم، قد وصلوا إلى البر الإمريكي منذ أقل من 100 سنة.‏
كما أن معظم علماء الحضارات والباحثين في الثقافات من الإمريكيين والأوروبيين ممن تطرقوا إلى حضارة ‏الهنود الحمر في أمريكا، أكدوا أن كثير من كلمات الهنود الحمر هي مغربية اللكنة، وقد ظن معظم هؤلاء ‏الباحثين بكونها عربية فصحى، لعدم درايتهم باللهجة المغربية.‏
كما تم إكتشاف، مجموعة من نقوش الخط العربي، والزخارف المغربية في الكثير من أطلال قرى الهنود ‏الحمر ثم بعد البحث أكثر وأكثر وجدوا أن هناك عدة مدن تابعة للهنود الحمر أسمها “فوس” كمدينة “فاس” ‏و”ياسفي” من مدينة آسفي، و”زامورا” التي ليست سوى أزمور المغربية .‏
وعلى هذا النحو، فقد أوردت مجموعة من المصادر التاريخية الإمريكية ، أن تاجرا عربيا لبنانيا مسيحيا منذ ‏‏100 سنة تقريباً كتب في مذكراته أنه عند زيارته لمناطق الهنود الحمر في “المسيسيبي” وصل الى قرية ‏هنود حمر كانت لديهم طقوس عبادة مثل المسلمين ، من سجود وركوع وإغتسال قبل الصلاة، وأن في لهجتهم ‏كلمات ذات إيقاع ورنات فونيتيكية مغربية ، أمازيغية وعروبية.‏
ثم بعد عدة بحوث ودراسات توصلوا أن العرب وصلوا لليابسة خلف بحر الظلمات، وهو الإسم الشائع للمحيط ‏الأطلسي خلال العصر الوسيط، وذلكـ قبل رحلة كريستوفر كولومبس ب 180 سنة وأقاموا هناك حيث ‏وجدوا أناس يقيمون في تلك الديار فتاجروا معهم وترددوا ذهاباً وأياباً وهناك من استوطن منهم في البرازيل ‏وفي أمريكا الوسطى وبأمريكا الشمالية ..‏

ومهما يكن فلم تكن أوروبا تعلم بتلك الرحلات لأنها كانت غارقة بالجهل، زمن تطورات الأندلس ولكن عندما ‏سقطت الأندلس وعاد للاسبان حكمهم علموا بتلك الرحلات فأخذ كريستوف كولومبس خرائط علماء الأندلس ‏من المسلمين واليهود وصاحب البحارة العرب من الذين يعرفون الطريق ليصل إلى اليابسة بالقارة الإمريكية ‏أو لما يعرف ببلاد ما وراء بحر الظلمات.‏
ولقد زور الأسبان التاريخ وذكروا أن كولومبوس أخذ الرحالة العرب معه لأن الاسبان رفضوا الذهاب فأخذ ‏المسلمين الأندلسيين بالقوة الجبرية والحقيقة أنه إعتمد على البحارة الأندلسيين لأنه كان يعرف أنهم يعرفون ‏الطريق جيداً، وأنه كان يقصد الهند ولم يكن يخطر في باله ولا في بال ملكيه ممن موالا حملته البحرية، ‏إيزابيلا الكاثوليكية والملك فرديناند أنه سيكتشف البر الإمريكي ، بل كان قصده الوصول إلى الهند، وتتبع ‏خطوات سلفه وزميله البحار البرتغالي فاسكودي كاما، عندما إلتجأ إلى الجغرافي والرحالة إبن ماجد . ‏
وبطبيعة الحال،ففي فترة غرق العالم الإسلامي في التطرف وموجات التكفير والجهل حصلت إبادة للمسلمين ‏المقيمين هناك دون أن يُذكر أنهم عرب ومسلمون ودفنت هذه المعلومات الى يومنا هذا ، وأنه بعد ضغط ‏النصارى على المسلمين واليهود بالاندلس هاموا على وجوههم لايدرون لهم وجهه وركبوا سفنهم حيثما ‏توجهت بها الريح فرست بهم على سواحل الامريكتين . ‏
فقد كان الأسبان الكاثوليكـ يحقدون على كل ماهو أندلسي، بفعل الإشاعات التي دأبت على نشرها محاكم ‏التفتيش الكاثوليكية، فبدأت إبادة الأندلسيين الذين كانوا جزء من النسيج السكاني ، فكانت هجرتهم الى تلك ‏الديار قبل كولومبس بـ 180 عام تقريباً
من الأمور الطريفة المبكية أن الأسبان بعد أن بدأت هجرة المغاربة للعمل في اسبانيا إكتشفوا أن المغاربة ‏يعملون معجنات على غرار “حلويات الفقاص” و”القريشلات” لا توجد الا في الكنائس فهذه المعجنات كانت ‏من إختصاص الراهبات ، فبحثوا عن أصل تلك الأكلات فوجدوها مغربية ولا تمت لأسبانيا ولا للكنيسة ‏الكاثوليكية بأية صلة !!! ‏
فكيف دخلت هذه المعجنات المغربية للكنائس الكاثوليكية ؟.‏

حلويات مغربية غزت الكنائس

لقد تبين لمعظم الباحثين في هذا الصدد، من خلال بعض الرسائل التي تركتها الراهبات الاسبانيات بعد ‏وفاتهن أنهن يعترفن أنهن لسن إسبانيات الأصل وأنهن مغربيات أو أندلسيات وأنهن موريسكيات أو عربيات ‏مسلمات وقد أدخلهن آبائهن الى الكنيسة وإدعاء الرهبانية لأن الراهبة يسمونها النصارى أخت، ‏Sister ‎ وتكون حـُـرمةً فلا يعتدي عليها أحد، ولا أحد يتزوجها أو يزني بها ، وقد كان أبان محاكم التفتيش يُقتل رجال ‏المسلمين وتغتصب نسائهم فآباء هؤلاء النسوة أدخلوهن الكنائس حتى يحافظوا على أعراضهم، لدرجة أن ‏اللاشعور الجمعي المغربي، لا يزال يحتفظ بذكريات قساوة ومرارة التحكيم، من خلال ترنيمة معرفة ، تردد ‏مآسي الطريق إلى إشبيلية وطليطلة، وما كان المسلمين واليهود الأندلسيين يجدونه من عناء وبأس من طرف ‏قضاة وعساكر محاكم التفتيش عن حقيقة الإيمان بالكاثوليكية، وكيف كان هؤلاء لا يقتلونهم ولا يحيونهم، ‏وإنما يتركونهم با أملاك ولا أموال بعد أن تتم مصادرتها، ويخضعونهم للتجربة الإيمانية في دفعهم لإحتساء ‏كؤوس النبيذ . ‏
وهي الترنيمة الشعبية المغربية التي تردد : تيكــ شبيلا ، تيــو ليولا
ماحياوني ما قتلوني …. غير الكاس اللي عطاوني …..‏
والحق، أن هؤلاء المسلمات الأندلسيات والمغربيات الموريسكيات كن يجلسن مع صديقاتهن الراهبات وأحياناً ‏يقمن حفلات وطبخات فأعجبت هذه المعجنات الراهبات الأسبانيات وأصبحن يطبِخْنَها حتى اصبحت هذه ‏المعجنات من تخصص الكنيسة .‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.