إكتشافات جديدة عن بصمات مغربية في ثقافات شعوب الهنود الحُمْرِ الأمريكيين
محمــد القـنـــور :
خلافا لما روجته وعملت على ترسيخه الكثير من أفلام هوليوود ، من خلال الصور النمطية التي رسمها عن شعوب الهنود الحمر في أمريكا ، بأفلام الكاوبوي القديمة، والتي تقتصر غالبا على ماضيهم دون حاضرهم. فإن الشعوب الأولى التي سكنت فيما يعرف الآن بالولايات المتحدة هي في الواقع أمم متنوّعة، ويعيشون اليوم حياة معاصرة، ورغم قلة عددهم والتحديات التي ما زالوا يواجهونها، إلا أنهم يمثلون وضعا فريدا بين المجموعات العرقية في أميركا.
إذ يطلق عليهم أسماء مختلفة مثل: الأميركيين الأصليين Native Americans والهنود الأميركيين American Indians أو Amerindians والشعوب الأولى Indigenous peoples والأمم الأولى First Nations والشعوب الأصلية Aboriginal والأميركيون الأوائل First Americans. وهناك بعض الناس الذين يرغبون بأن يشار إليهم نسبة لقبيلتهم فقط. ومع أن “الهنود” هي تسمية أطلقها خطأ كريستوفر كولومبوس حين ظن أنه قد وصل الهند بعد أن اجتاز المحيط الأطلسي من إسبانيا إلا أن الاسم علق بهم عبر القرون، ولا يرى كثير منهم به بأسا. أما تسمية الأميركيين الأصليين فهي تعبير قانوني أطلقته الحكومة الفيدرالية للتمييز بينهم وبين المهاجرين من الهند، وهو أيضا تعبير عام يشمل الهنود الأميركيين والسكان الأصليين في ألاسكا وهاواي وغوام وساموا، ويعتبر كثير من الأكاديميين تعبير “الأميركيين الأصليين” الأصح سياسيا. غير أن فيل كونستانتين وهو صحافي وكاتب وعضو في “أمة تشيروكي” Cherokee Nation يقول “أنا أستخدم دائما تعبير الهنود الأميركيين بدلا من الأميركيين الأصليين” في حين يعتبر إسم ”الهنود الحمر” Red Indians الآن تعبيرا مسيئا.
ومهما يكن ، فإن للهنود الأميركيين حكم ذاتي وسيادة على أراضيهم ومجتمعاتهم، وثرات وحضارة، عملت الحضارة الغربية الدخيلة، والمنتصرة، على طمس معظم معالمها وإقتلاع أهم تفاصيلها وفلكلورها، رغم أن الحكومة الفيدرالية الأميركية تعترف بقبائل السكان الأصليين كـ”أمم محلية تابعة” domestic dependent nations، مما يعني أن القبائل هي مجتمعات مستقلة سياسيا، ولها أنظمتها وقوانينها الخاصة بما في ذلك أنظمة المحاكم والأمن. وقد تم سن قوانين لإيضاح العلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات القبائل، كما أن هناك قوانين ترسم العلاقة بين حكومات الولايات وحكومات القبائل. ومع أن ما يسمى بـ”السيادة القبلية” tribal sovereignty مسنونة بالدستور الأميركي إلا أنها ليست سيادة كاملة تعادل تلك الممنوحة للدول الأجنبية. ويصل عدد قبائل الهنود الأميركيين الذين تعترف بهم الحكومة الفيدرالية إلى 566 قبيلة.
ومع أن السيادة القبلية تعطي للهنود الأميركيين نوعا من حق تقرير المصير، إلا أن هناك مشكلات يعانون منها، منها تضارب المصالح وعدم وضوح العلاقات بين الحكومات، وفقا لـ”جين ماري ثيل” سيدة الأعمال وعضوة مجلس إدارة غرفة التجارة الهندية الأميركية لولاية ويسكونسن والعضوة في قبيلة “باد ريفر باند في بحيرة سوبيريور” Bad River Band of the Lake Superior Tribe، وتضيف لـ”راديو سوا” أن تحسين العلاقات بين القبائل والحكومة الفيدرالية ما زال يشكل تحديا، إضافة إلى المحافظة على حريات الهنود الأميركيين ضمن الاتفاقات القائمة، وأن لا يتم نسياننا في السياسات التي تطرح والبرامج التي تؤثر علينا”.
ويؤكد “أدوارد نوسلن”الباحث في العلوم الأنثروبولوجية أن جميع السكان الأصليين في أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية يعيشون ضمن حدود دول تأسست في معظمها على يد مستعمرين أوروبيون، وهناك تحد دائم بأن يكونوا قادرين على صنع قراراتهم بأنفسهم بشأن القضايا التي تؤثر عليهم وحدهم ضمن أراضيهم”.
مضيفا أن الحفاظ على الهوية القومية يعتبر من الصعوبات التي يواجهها الهنود الأميركيون، “فطبيعة الانتشار الواسع للاتصالات ووسائل الإعلام تجعل من الصعب على أمة أن تحافظ على هويتها الثقافة الخاصة، مثلاً هناك شباب في الشرق الأوسط يستمعون إلى موسيقى الراب، وهذا ينسحب علينا الآن أيضا، فقد أضحى من الصعب المحافظة على طريقة حياتنا”.
شعوب مختلفة وثقافات متباينة
ومما يفيد أن شعوب مختلفة وثقافات متباينة، كون الأميركيون الأصليون لا يتحدثون لغة واحدة ولا يدينون بالديانات واحدة، وليس لديهم العادات والتقاليد ذاتها، “فقد عاش السكان الأصليون في أميركا الشمالية في طيف واسع من المناخات والتضاريس والظروف”، وفقا للعديد من الدراسات التاريخية والإثنية التي تناولت شعوب الهنود الحمر، فإن ما يعتبر مناسبا لبيئة ألاسكا القطبية لن يكون مناسبا لبيئة صحراء “كولورادو” أو نيفادا” جنوب غرب الولايات المتحدة أو في غابات جبال الروكي “.
فالهنود الأميركيين ليسوا جميعا ذوي بشرة سمراء أو شعر غامق أو عيون عسلية، “فهناك شيوخ قبائل ذوو عيون زرق، وهناك أعضاء في بعض القبائل شعرهم أشقر، هناك تقاطيع مختلفة متأثرة بالاختلافات الجغرافية وملامح تشمل ثقافات الهنود المتنوعة التي تمتد عبر آلاف الكيلومترات في الأميركيتين الشمالية والجنوبية .
محميات مهجورة وإحصائيات ناطقة
وفقا للإحصاء الرسمي للسكان لعام 2010 فإن هناك 334 محمية خاصة بالأميركيين الأصليين reservations في الولايات المتحدة، غير أن 78 في المئة منهم أضحوا يعيشون خارج المحميات. إذ يعيش الهنود الذين لم يختلط نسبهم في المحميات بشكل أكبر ممن اختلط نسبهم بالأعراق الأخرى.
حيث لم يبقو داخل خيامهم المخروطية tipis”، بل أن معظمهم من الهنود الأميركيون يعيشون اليوم حياة معاصرة في بيوت عادية. رغم أن “جين ماري ثيل”العالمة النخصصة في حضارات الهنود الحمر، تؤكد أن الفقر وتوفر الإسكانات الجيدة ما زالت مشاكل كبيرة في محميات الهنود الأميركيين، في ظل معاناة الهنود في المحميات من ارتفاع معدلات الجريمة والمشاكل الصحية ، الناتجة عن أمراض إدمان الكحول والتدخين، وتغيرات نظام التغذية .
ولقد أبرز تقرير فيدرالي في 2008 أن 12 في المئة من وفيات الهنود الأميركيين مرتبطة بالكحول وفي مقدمتها حوادث السير وأمراض الكبد وحوادث القتل والانتحار والإصابات الناتجة عن السقوط.
أقلية بشرية مهددة بالإنقراض
يشكل الهنود الحُمر الأميركيون نسبة 1.7 في المئة من سكان الولايات المتحدة، ويشير الإحصاء الرسمي للسكان لعام 2010 إلى أن مجموع الأميركيين الذين لديهم نسب إلى السكان الأصليين يبلغ 5.2 مليونا أي ما يعادل 1.7 من سكان أميركا، من ضمنهم 2.9 مليونا يدّعون نسبا صافيا إلى الأميركيين الأصليين، و2.3 مليون يدّعون نسبا مخلوطا مع عرق آخر على الأقل. ويتمركز الأميركيون الأصليون في ولايات كاليفورنيا وأوكلاهوما وأريزونا ونيويورك ونيومكسيكو وولاية واشنطن ونورث كارولاينا وفلوريدا.
وتعد قبيلة تشيروكي أكبر القبائل الهندية الأميركية إذ يبلغ عدد أعضائها 819,105 عضوا، تتلوها قبيلة نافاهو بـ332,129 عضوا، ثم قبيلة تشوكتاو بـ 195,764 عضوا ثم الهنود الأميركيين المكسيكيين بـ175,494 عضوا، و”سو” (170,110 عضوا) وأباتشي حوالي 111,810 عضوا)، وبلاكفوت بــ 105,304 عضوا وقبيلة تشيبيوا (170,742 عضوا) .
مع العلم أن يتزاوج الهنود الحُمر الأميركيين باتوا يتزاوجون بنسب عالية مع كل من البيض والسود واللاتينيين.
أصول الهنود الحمر الإمريكيين
تؤكد معظم الدراسات والنظريات والفرضيات العلمية ، أن الهنود الحمر الأميركيين الأوائل إستوطنوا القارة الإمريكية ، بعدما رحلوا من سيبريا إلى ألاسكا عبر جسر بري
وحول أصول السكان الأصليون لما يعرف الآن بأميركا الشمالية والجنوبية، فإن النظرية الأكثر شيوعا هي أنهم أتوا من شرق آسيا عبر مضيق بيرينغ الذي كان جسرا بريا خلال العصر الجليدي حين انخفض مستوى البحر، ويبلغ عرض المضيق الآن 18 ميلا. وتشير أدلة أنثروبولوجية وجينية وأثرية إلى أنهم هاجروا قبل عشرات آلاف السنين وتحديدا فيما بين 30 ألف عام و13 ألف عام، ثم هاجر هؤلاء عبر آلاف السنين جنوبا مرورا من كندا وانتشروا في أنحاء أميركا الشمالية والوسطى والجنوبية.
وأورد العالم كلوفس ، إلى أن هناك أدلة أثرية تشير إلى أنهم كانوا يرافقون هجرة الحيوانات الكبيرة التي كانوا يصطادونها مثل حيوان الماموث الذي يشبه الفيل والذي انقرض قبل نحو 11 ألف عام.
كازينوهات في محميات قبائل الهنود الحمر
لأن للهنود الأميركيين سيادة على محمياتهم، فلا تستطيع الولايات أن تمنع القمار فيها، لذا فقد انتشرت المئات من الكازينوهات في المحميات حتى إنها أصبحت عائدا اقتصاديا رئيسيا في بعض المجتمعات الفقيرة، وإن كانت المسائل الأخلاقية ما زالت موضع جدل.
وبحلول عام 2011 كان هناك 460 صالون قمار تشغلها 240 قبيلة في أنحاء الولايات المتحدة، وتدر في مجموعها إيرادات سنوية تقدر بنحو 27 مليار دولار، وفقا لمفوضية القمار الهندية الوطنية.
ورغم نمو العائدات والتحسن في البنية التحتية لبعض المحميات نتيجة الكازينوهات، إلا أن هناك إشارات إلى أنها لم تحسن ظروف الهنود الأميركيين بشكل عام، فقد أظهر تحليل أعدته وكالة أسوشييتد برس لمستويات الفقر والبطالة والمعونات الحكومية أن مستوى البطالة بين قبائل الهنود الأميركيين التي تشغل الكازينوهات استقر على 54 في المئة بين عامي 1991 و1997، إذ إن كثيرا من الوظائف استحوذ عليها غير الهنود، وفقا لبيانات قدمتها القبائل لمكتب الشؤون الهندية، في حين فضلت أكثر من نصف القبائل أن لا يقيموا كازينوهات على أراضيهم.
مذابح وأوبئة وتهجير قسري
في عام 1835 وقّع البعض من قبيلة تشيروكي معاهدة مع الحكومة الأميركية لمبادلة أراضيهم في الشرق الأميركي في مقابل أراض في ولاية أوكلاهوما إضافة إلى خمسة ملايين دولار. ورغم أن معظم أعضاء أمة التشيروكي لم يكونوا يريدون الهجرة إلا أنهم لم يكن لهم خيار. وفي عام 1838 أجبر الجيش الأميركي أمة التشيروكي على الرحيل من بيوتهم إلى غرب نهر المسيسيبي. وقد تم تهجير نحو 100 ألف من الهنود الأميركيين من خمس قبائل مختلفة من أراضي أجدادهم فيما أضحى يطلق عليه “درب الدموع” Trail of Tears، وقد مات ما بين 4 آلاف إلى 15 ألفا منهم على الطريق جراء الجوع والبرد والأمراض.
وفي عام 2008 أصدر الكونغرس الأميركي قرارا اعتذر فيه للأميركيين الأصليين عن تلك “السياسات غير المدروسة”.
وقد توفي أعداد كبيرة من الهنود الأميركيين جراء الأوبئة التي لم يكن لهم مناعة ضدها بعد احتكاكهم بالأوروبيين، لا سيما الجدري والحصبة والحمى القرمزية والتيفوئيد والأنفلونزا. وكان ذلك من أسباب تناقص أعدادهم.
كما أدت الصراعات على أراضي الأميركيين الأصليين إلى مذابح منها مذبحة “ساند كريك” ومذبحة “ووندد ني” ومذبحة “كامب غرانت”.
أثر الهنود الحُمـْر على الثقافة الأميركية
ومع ذلكــ ، فإن للهنود الحُمر الأميركيين مساهمات وتأثير على الثقافة الأميركية والعالمية في مجالات شتى. فهناك العديد من الأطعمة التي يتناولها الناس حول العالم والتي لم تكن معروفة قبل اكتشاف العالم الجديد، منها البطاطا والطماطم والفول والذرة والفول السوداني والقرع والتبغ والكوسى. وقد تعلم الأوروبيون العديد من أساليب الزراعة من الهنود الأميركيين.
وقد بني النظام الفيدرالي الأميركي على نظام الحكم الذي تبناه اتحاد أمم الأيروكيان Iroquoian League of Nations.
كما يعتبر الهنود الأميركيون هم أول من استخدم الزورق الطويل (الكانو) canoe ومن أوائل من استخدم لغة الإشارة للتخاطب بين القبائل المختلفة وبين التجار، وهناك 28 ولاية والمئات من المدن التي اشتقت أسماؤها من لغات الهنود الأميركيين، من “المسيسيسيبي” ، إلى “داكوتا”، ومن “أبالاش”، إلى “ميسوري” و”أريزونا” و”مونتانا” وغيرها .
ومع ذلكــ، فمعظم الهنود الحمر الآن في أمريكا مسيحيون لكنهم يمزجون المسيحية بدياناتهم القديمة ومعتقداتهم المتوارثة.
هذا، وقبل مجيء الأوروبيين للعالم الجديد، أمريكا كما يطلق عليه، من قبل جغرافيو عصر النهضة الأوروبية، فقد كان للهنود الأميركيين ديانات متنوعة تتراوح بين الوثنية والتوحيد وعبادة الطبيعة والحيوانات، غير أن الحكومة الأميركية وحركات التبشير المسيحية سعت إلى تحويلهم إلى المسيحية باعتماد سياسات تجبر أطفالهم على الانخراط في مدارس داخلية تفرض عليهم اللغة الإنكليزية والثقافة الأميركية الشائعة والديانة المسيحية.
وقد رافقت ذلك قوانين فيدرالية تمنع ممارسة طقوس ديانات الهنود الأميركيين مثل “رقصة الشمس” و”كوخ التعرق”. وقد رأى المستعمرون في المسيحية أداة “لترقية” الهنود الأميركيين وتسهيل انخراطهم في المجتمع الأميركي، وقد استمرت هذه السياسات حتى السبعينيات مع إصدار “قانون حرية تدين الهنود الأميركيين”.
ومع أن معظم الهنود الأميركيين الآن يعتبرون أنفسهم مسيحيين، إلا أن بعضهم يمارس تركيبة توليفية تمزج بين المسيحية وطقوس الديانات القديمة.
مثلاً القديس ديفيد بيندلتون أوكرهيتر من قبيلة “شايان” الذي تم تطويبه كقديس في الكنيسة الأسقفية كان يتعبَّدُ بـ “رقصة الشمس”.
وعلى كل حال، فقد شهدت الديانات التقليدية مؤخرا اهتماما متجددا حتى من قبل غير الهنود الأميركيين، لا سيما في مجال المداواة الروحانية وإجلال الطبيعة.
كما أكتشف علماء كنديون وأمريكيون أن هناك مخطوطات في قرى الهنود الحمر وحفريات على الجدران بخط عندما بحثوا عن أصل الخط وجدوا أنه خط مغربي .
كما لاحظوا أن الوجهاء من الهنود الحمر يلبسون العمامة ونسائهم تلبس السروايل التي تشبه “القندريسي” أو السراويل المغربية ، وأن طقوس الرقص عند الهنود الحمر لا تختلف عن طقوس “الجدبة” لدى المتصوفة المغاربة !
والأعجب من ذلك أنه لازالت في لغة الهنود الحمر الكثير من الكلمات المغربية على غرار”واخا” و”دروﯖا” و”كاينا” و”دابا” ، ولا تستبعد مجموعة من الدراسات إمكانية وصول مغاربة من المدن الأطلسية كآسفي وإفني وطنجة وسلا وأزمور إلى أمريكا عن طريق الصدفة، قبيل وزمن الكشوفات الجغرافية الكبرى، وخلال فترات الجهاد البحري.
الأزموري أول مغربي إستوطن بلاد الهنود الحُمر
كما أن حكاية الأزموري ذاكــ الشاب الدكالي الذي تزعم أحد قبائل الهنود الحمر ، وهي حكاية باتت معروفة ومدروسة ومتداولة، فقد كان الأزموري أول رجل، من خارج قبائل الهنود، يكتشف المكسيك الجديدة وأريزونا بعد عبوره صحراء سونورا القاحلة. وعلى إثر ذلك، بدا أن ما عُرف بــ «مدن الذهب السبع» في «سيبولا» ثم لا حقا بــ “الإلدو رادو”فقد فضل المصطفى الأزموري الإقامة إلى جانب هنود “زوني” ، محترما وجيها من قِبلهم، ومتمتعا بأرفع درجات التقدير والإحترام من لدنهم؛ وهو الوضع الذي احتفظ به حتى وفاته في قرية «هاويكوه» القديمة، التي تقع اليوم بــ “نيو ميكسيكو” أو المكسيك الجديدة. وهو ما يؤكد أن المغاربة والأندلسيين من قبل سنة 1492 ، سنة سقوط غرناطة وإبحار كريستوف كولمب وطاقمه من البحارة الباحثين عن ثروات العالم، قد وصلوا إلى البر الإمريكي منذ أقل من 100 سنة.
كما أن معظم علماء الحضارات والباحثين في الثقافات من الإمريكيين والأوروبيين ممن تطرقوا إلى حضارة الهنود الحمر في أمريكا، أكدوا أن كثير من كلمات الهنود الحمر هي مغربية اللكنة، وقد ظن معظم هؤلاء الباحثين بكونها عربية فصحى، لعدم درايتهم باللهجة المغربية.
كما تم إكتشاف، مجموعة من نقوش الخط العربي، والزخارف المغربية في الكثير من أطلال قرى الهنود الحمر ثم بعد البحث أكثر وأكثر وجدوا أن هناك عدة مدن تابعة للهنود الحمر أسمها “فوس” كمدينة “فاس” و”ياسفي” من مدينة آسفي، و”زامورا” التي ليست سوى أزمور المغربية .
وعلى هذا النحو، فقد أوردت مجموعة من المصادر التاريخية الإمريكية ، أن تاجرا عربيا لبنانيا مسيحيا منذ 100 سنة تقريباً كتب في مذكراته أنه عند زيارته لمناطق الهنود الحمر في “المسيسيبي” وصل الى قرية هنود حمر كانت لديهم طقوس عبادة مثل المسلمين ، من سجود وركوع وإغتسال قبل الصلاة، وأن في لهجتهم كلمات ذات إيقاع ورنات فونيتيكية مغربية ، أمازيغية وعروبية.
ثم بعد عدة بحوث ودراسات توصلوا أن العرب وصلوا لليابسة خلف بحر الظلمات، وهو الإسم الشائع للمحيط الأطلسي خلال العصر الوسيط، وذلكـ قبل رحلة كريستوفر كولومبس ب 180 سنة وأقاموا هناك حيث وجدوا أناس يقيمون في تلك الديار فتاجروا معهم وترددوا ذهاباً وأياباً وهناك من استوطن منهم في البرازيل وفي أمريكا الوسطى وبأمريكا الشمالية ..
ومهما يكن فلم تكن أوروبا تعلم بتلك الرحلات لأنها كانت غارقة بالجهل، زمن تطورات الأندلس ولكن عندما سقطت الأندلس وعاد للاسبان حكمهم علموا بتلك الرحلات فأخذ كريستوف كولومبس خرائط علماء الأندلس من المسلمين واليهود وصاحب البحارة العرب من الذين يعرفون الطريق ليصل إلى اليابسة بالقارة الإمريكية أو لما يعرف ببلاد ما وراء بحر الظلمات.
ولقد زور الأسبان التاريخ وذكروا أن كولومبوس أخذ الرحالة العرب معه لأن الاسبان رفضوا الذهاب فأخذ المسلمين الأندلسيين بالقوة الجبرية والحقيقة أنه إعتمد على البحارة الأندلسيين لأنه كان يعرف أنهم يعرفون الطريق جيداً، وأنه كان يقصد الهند ولم يكن يخطر في باله ولا في بال ملكيه ممن موالا حملته البحرية، إيزابيلا الكاثوليكية والملك فرديناند أنه سيكتشف البر الإمريكي ، بل كان قصده الوصول إلى الهند، وتتبع خطوات سلفه وزميله البحار البرتغالي فاسكودي كاما، عندما إلتجأ إلى الجغرافي والرحالة إبن ماجد .
وبطبيعة الحال،ففي فترة غرق العالم الإسلامي في التطرف وموجات التكفير والجهل حصلت إبادة للمسلمين المقيمين هناك دون أن يُذكر أنهم عرب ومسلمون ودفنت هذه المعلومات الى يومنا هذا ، وأنه بعد ضغط النصارى على المسلمين واليهود بالاندلس هاموا على وجوههم لايدرون لهم وجهه وركبوا سفنهم حيثما توجهت بها الريح فرست بهم على سواحل الامريكتين .
فقد كان الأسبان الكاثوليكـ يحقدون على كل ماهو أندلسي، بفعل الإشاعات التي دأبت على نشرها محاكم التفتيش الكاثوليكية، فبدأت إبادة الأندلسيين الذين كانوا جزء من النسيج السكاني ، فكانت هجرتهم الى تلك الديار قبل كولومبس بـ 180 عام تقريباً
من الأمور الطريفة المبكية أن الأسبان بعد أن بدأت هجرة المغاربة للعمل في اسبانيا إكتشفوا أن المغاربة يعملون معجنات على غرار “حلويات الفقاص” و”القريشلات” لا توجد الا في الكنائس فهذه المعجنات كانت من إختصاص الراهبات ، فبحثوا عن أصل تلك الأكلات فوجدوها مغربية ولا تمت لأسبانيا ولا للكنيسة الكاثوليكية بأية صلة !!!
فكيف دخلت هذه المعجنات المغربية للكنائس الكاثوليكية ؟.
حلويات مغربية غزت الكنائس
لقد تبين لمعظم الباحثين في هذا الصدد، من خلال بعض الرسائل التي تركتها الراهبات الاسبانيات بعد وفاتهن أنهن يعترفن أنهن لسن إسبانيات الأصل وأنهن مغربيات أو أندلسيات وأنهن موريسكيات أو عربيات مسلمات وقد أدخلهن آبائهن الى الكنيسة وإدعاء الرهبانية لأن الراهبة يسمونها النصارى أخت، Sister وتكون حـُـرمةً فلا يعتدي عليها أحد، ولا أحد يتزوجها أو يزني بها ، وقد كان أبان محاكم التفتيش يُقتل رجال المسلمين وتغتصب نسائهم فآباء هؤلاء النسوة أدخلوهن الكنائس حتى يحافظوا على أعراضهم، لدرجة أن اللاشعور الجمعي المغربي، لا يزال يحتفظ بذكريات قساوة ومرارة التحكيم، من خلال ترنيمة معرفة ، تردد مآسي الطريق إلى إشبيلية وطليطلة، وما كان المسلمين واليهود الأندلسيين يجدونه من عناء وبأس من طرف قضاة وعساكر محاكم التفتيش عن حقيقة الإيمان بالكاثوليكية، وكيف كان هؤلاء لا يقتلونهم ولا يحيونهم، وإنما يتركونهم با أملاك ولا أموال بعد أن تتم مصادرتها، ويخضعونهم للتجربة الإيمانية في دفعهم لإحتساء كؤوس النبيذ .
وهي الترنيمة الشعبية المغربية التي تردد : تيكــ شبيلا ، تيــو ليولا
ماحياوني ما قتلوني …. غير الكاس اللي عطاوني …..
والحق، أن هؤلاء المسلمات الأندلسيات والمغربيات الموريسكيات كن يجلسن مع صديقاتهن الراهبات وأحياناً يقمن حفلات وطبخات فأعجبت هذه المعجنات الراهبات الأسبانيات وأصبحن يطبِخْنَها حتى اصبحت هذه المعجنات من تخصص الكنيسة .