أصل المثل المغربي الدارج “لا ديدي ..لا حب الملوكـ”

مـحـمـد الـقـنـور :

كان في عهد الحماية الفرنسية للمغرب، معمر فرنسي يدعى “المسيو ديديي”، وكان يمتلك مزرعة كبيرة لاشجار “حب الملوك” بنواحي صفرو، وكان يعمل بهذه المزرعة عدد كبير من العمال والمستخدمين الفلاحيين المغاربة مع “المسيو ديديي” ممن كانوا يسكنون بالدواوير والمداشير المتاخمة للمزرعة .

هذا، ولما نضجت فاكهة “حب الملوك” وحان قطفها وكان المحصول جيدا، عبست السماء كما العادة في تلكـ المناطق الجبلية التي تجتاحها العواصف الرعدية القوية والمفاجئة وزخات البَرَد “التبروري”، فظهرت في الافق سحب سوداء وومضات قوية من البرق، وطفقت الرعود تزمجر، قبل أن تبدأ الأمطار الطوفانية المصحوبة بالبرد، تقصف أشجار فاكهة “حب الملوكـ” …

وبعد وقت ليس بالقصير توقفت الامطار، فخرج “المسيو ديديي” يتفقد المحاصيل، فكانت صدمته قوية اذ لم يجد ولو حبة واحدة من “حب الملوك”، فدخل بيته المتواجد بالمزرعة، والحسرة تقطع قلبه،واخذ بندقيته وصوبها تحت ذقنه واطلق الرصاص، ليضع حدا لحياته منتحرا …

وقد سمع عماله ومستخدموه صوت الرصاص فهرعوا الى منزله ليجدوه جثة هامدة، فأخذ هؤلاء العمال يبكون ويصيحون “لا ديدي لا حب الملوك” وبهذه الواقعة الحقيقية اصبح هذا المثل يتداوله المغاربة، للتعبير عن الخسارة المزدوجة.

في حين، يرى مجموعة من المهتمين والمهتمات بالتراث عموما، ونوازل الأمثال الشعبية المغربية،أن لا علاقة للقصة بالمثل، وأن المثل اندلسي وأصل الكلمة المدادي وليس ديدي ووقع تحريفها لــ دادي وديدي وتيتي، حيث تؤكد ذات المصادر، أن فاكهة حب الملوك ، أو مايعرف بــ الكرز في اللغة العربية، دخلت زراعتها إلى المغرب من الاندلس ، لتحل محل فاكهة توت العليق الاسود الطويل، التي كانت تنتشر في الأطلس المتوسط، والمرتفعات والجبال المحيطة بفاس، والذي كان يُستعملُ مدادا للكتابة وكان الاكثر طلبا والأغلى ثمنا من فاكهة حب الملوك الواردة .
وفي المواسم الجافة والضعيفة الانتاج كان الفلاحون يقولون “لا مدادي لا حب الملوك” في الإشارة، لنوعين من الفاكهة، ثم حرفت للدادي وديدي وتيتي للتعبير على خسارة الغالي والأغلى أو ضياع الفرصة الثمينة والفرصة الأثمن معا .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.