النساء المحاميات غاضبات والحركة الحقوقية النسوية مُتدمرة

مـحـمـد الـقـنــور  :

بدعوة من فدرالية رابطة حقوق النساء، عقدت شبكة المحاميات والمحامين المنضوية تحت لوائها اجتماعا يوم 22 يناير الحاري، خصص لتقييم نتائج الانتخابات المهنية للمحاماة المنظمة خلال شهر دجنبر الفارط في مجموع هيئات المحامين بالمغرب والبالغ عددها سبعة عشرة هيئة، وخاصة فيما خلفته من تدمر لدى النساء المحاميات والحركة الحقوقية النسوية عبر تلك الهيئات بفعل ضعف تمثيليتهن في بعض المجالس وغيابهن عن مجالس أخرى.

وذكرت فدرالية رابطة حقوق النساء في بلاغ توصلت به “هاسبريس” أن ما أسفرت عنه الانتخابات المهنية للسادة المحامين والسيدات المحاميات، من ضعف كبير لتمثيلية النساء المحاميات تظافرت فيه عوامل متعددة تجمع ما بين ترسب الموروث الثقافي لدى العديد من ممارسي المهنة والذي يضع المرأة في مرتبة دونية عن الرجل وتضيق فيها دائرة الحقوق الإنسانية وتسيجها بالعديد من الخطوط الحمراء. وبالرغم مما يرتبط بمهنة المحاماة، باعتبارها مهنة الدفاع عن الحقوق والحريات وعلى رأسها المساواة ونبذ كل أشكال التمييز مهما كان نوعه، فإن ما كشفت عنه نتائج الانتخابات المهنية المنظمة خلال شهر دجنبر الماضي، هو أن الطابع الحقوقي لهذه المهنة وعراقة دورها في هذا المجال وطنيا لم يفلح بعد في هزم الجوانب السلبية في موروثنا الثقافي المثقل باللامساواة وتهميش أي دور للمرأة مهما علا مستواها الثقافي واكتسابها للكفاءة المهنية التي تؤهلها لتبوء شرف عضوية إحدى المؤسسات المهنية.

وأورد بلاغ الفيدرالية، أن هذه الوضعية باتت تُسائل دور مختلف قنوات التنشئة الاجتماعية التي لازال الفشل يلازمها في القيام بدورها المجتمعي الموكول لها، ناهيك عن المسؤولية الفردية لكل مواطن ومواطنة في السمو بوعيه ومداركه إلى ما يحقق به إنسانيته ومواطنته الحقة.

كما ألمحت ذات الفيدارلية إلى أن القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة بالمغرب ساعد هو الآخر، في ظل ضعف المُوجـِّـه الحقوقي  في المسلكيات الانتخابية المهنية للمحاماة، على ضعف و غياب تواجد المرأة المحامية في المؤسسات المهنية، بسبب تبني القانون رقم 28.08 في مادته 88 لنظام الفئوية على أساس أقدمية التسجيل في جداول الهيئات، حيث ميز بين الفئة التي تزيد أقدمية تسجيل المنتمين لها عن عشرين سنة وبين تلك التي تتراوح مدة تسجيل المنتمين لها ما بين عشر وعشرين سنة، إلى جانب فئة قدماء النقباء دون أن يضمن للنساء المحاميات تواجدا في تشكيلة مجالس الهيئات.

وأبرزت ذات الفدرالية، أنه وبفعل ما ننتهجه من انفتاح على كل المحاميات والمحامين المناصرين لمبدأ المساواة ونبذ كل أشكال التمييز، حاولنا من خلال هذا الانفتاح ملامسة معاناة المرأة المحامية من تجدر العقلية الذكورية في بعض الأوساط المهنية وما تفرزه من مسلكيات لا يمكن لها ان تستمر في ظل التقعيد الدستوري للمساواة ونبذ كل أشكال التمييز المبني على الجنس والسعي إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء وفق ما ينص عليه الفصل 19 من الدستور. كما نسجل أن إخراج ” الهيأة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز” إلى حيز الوجود، والمنصوص عليها في الفصلين 19 و164 من الدستور رغم صدور القانون رقم14-79 المنظم لها منذ 12 أكتوبر2017، لا زال متعثرا تعثر تنفيذ القانون نفسه، بالرغم من تحفظ الحركة النسائية على بعض مقتضياته فيما يخص توفير معايير الحماية من التمييز.

وإعتبرت فدرالية رابطة حقوق النساء، أن القانون المنظم لمهنة المحاماة رقم 28.08 على شكله الحالي، لم يفلح في النأي بالنساء المحاميات المغربيات، عن التمييز فيما أقره من فأوية ذكورية لتشكيلة مجالس هيأت المحامين التي أوردتها المادة 88 منه ودون مراعاة لحضور المرأة المحامية ضمن تلك الفئات بموجب نص قانوني يلزم بذلك، وأنه إذا كان القانون المنظم لمهنة المحاماة بعيوبه المكرسة للتمييز ضد النساء المحاميات قد صدر في تاريخ سابق على صدور دستور يوليوز 2011 بالرغم من كون المغرب كان قبل ذلك قد صادق على اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز ضد المرأة، إلآ أنه لم يعد من المقبول غض الطرف عن الحيف والتمييز اللذان يلاحقان النساء المحاميات في تواجدهن ضمن الفئات المنتخبة في تشكيلة مجالس الهيئات بما يحقق مبدأ المناصفة في تلك المجالس .
كما شددت ذات الفيدرالية، على ضرورة تعديل القانون المنظم لمهنة المحاماة بما يجسد مبدأ المناصفة المنصوص عليها في الفصل 19 من الدستور المغربي في تشكيلة مجالس الهيئات، وتنقيحه من كل النصوص المكرسة للتميز والحيف ضدهن.
ولغرض تتبع جميع حالات التمييز التي تطال النساء بصفة عامة والعمل على نشر وإشاعة “القيم والممارسات الفضلى المرتبطة بالمساواة والمناصفة، والتشجيع على العمل بها، مع الإسراع في تشكيل الهيأة المكلفة بالمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضد المرأة.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.