في 13 فبراير سنة 1933، شن جيش الاستعمار الفرنسي أول هجوم على مقاتلي قبائل آيت عطا، تلكـ القبائل الأبية القاطنة في شم الجبال الأطلسية، و التي كانت تحتمي بجبال بوكافر، حيث يتوحد الإنسان المغربي مع قساوة التضاريس ووعورة الفجاج العصية، والوديان السحيقة،تحت قيادة البطل المقاوم عسو وباسلام الذي نظم مقاومة قبائل آيت عطا بجبال صاغرو، التي شكلت مرحلة هامة في كفاح الشعب المغربي والعرش العلوي من أجل الاستقلال.
فقد كانت معركة بوكافر لؤلؤة وهاجة في عقد لآلئ ملاحم بلادي ، شارك فيها الرجال والنساء من أجل الدفاع عن التراب المغربي وعن الكرامة وعن الهوية والحضارة المغربية في مواجهة جيش استعماري فرنسي يقوده الجنرال الفرنسي”هوري” القائد العام للقوات الفرنسية،وجحافل جيشه الجرار المدجج بأشد الأسلحة فتكا وبالعتاد الثقيل،والطائرات الحربية التي قصفت معظم الدواوير والدشور لتواجهه مقاومة شرسة ومنظمة،
فبعد قتال عنيف،وموت القائد بورنازيل، عملت القوات الفرنسية على محاصرة مقاومة البطل المغربي “عسو باسلام”، ومنع تواصلها مع العالم الخارجي دون إجبارهم على الاستسلام، وعمدت إلى قصف نقاط التزود بالمؤن والوقود والمخابئ والتجمعات السكنية وطمر عيون التزود بالمياه، وفرضت القوات الاستعمارية حصارا اقتصاديا مريرا من خلال نهج سياسة الأراضي المحروقة لتجويع الأهالي،وإخضاعهم ودفعهم إلى إستسلام غير أن ذلك لم يزد المقاومين إلا عزيمة وصلابة وثباتا على المقاومة،حيث كلف كل تقدمٌ ولو لمتر واحد في بلاد قبائل أيت عطا من طرف الجيوش الإستعمارية، المئات من أرواح جنودها،فبعد 42 يوم من القتال، خسرت القوات الفرنسية خيرة ضباطها وجنودها، كان على رأسهم القبطان “هنري ديليسبيناس دو بورنازيل، وبلغ عدد قتلى الفرنسيين حوالي 3500 عسكري من بينهم حوالي 10 ضباط كبار، والمئات من المجندين، بينما بلغت حصيلة شهداء قبائل آيت عطا في هذه المعركة 1300 شهيدا، وأكثر من 4000 مدني كان أغلبهم من الأطفال والشيوخ والنساء اللواتي دعمن للمقاومة بشكل كبيرا من خلال إعداد الطعام وجلب الذخيرة، وشحد همم المقاومين من الرجال،إلى أن قرر المستعمر الدخول في حوار مع هذه القبائل البطلة في 24 مارس 1933، وعقد هدنة معها وفتح باب المفاوضات، قبل التوقيع على اتفاقية بين الطرفين.
موازاة مع سعي المغرب في كل مراحل مقاومته لإستعادة سيادته، إذ واصلت مع كل ذلكـ قبائل أيت عطا مسارها البطولي ودفاعها الباسل ضد قوات الإحتلال، تحقيقا لإرادة الشعب والعرش خاصة مع عودة الملك البطل الراحل محمد الخامس في 16 نونبر 1955 إلى أرض الوطن وحصول المملكة على الاستقلال.
هـــذا، وإذ يخلد الشعب المغربي، اليوم الذكرى الــ 88 لمعركة بوكافر التي ألحقت خلالها قبائل آيت عطا هزيمة قاسية بقوات الاستعمار الفرنسي للدفاع عن حرية وثوابت الأمة، حيث حققت الملكية الدستورية إجماعا وطنيا حولها بوصفها نظاما سياسيا أصيلا متجذرا في عمق التاريخ المغربي ، وعرشا منفتحا على الدستورانية العصرية، يضمن وحدة البلاد ويسهر على ضمان الحريات الفردية والجماعية وعلى سير المؤسسات السياسية في اتجاه الحداثة والنجاعة وفي اتجاه تشييد دولة الحق والقانون، كشرط أساسي وحتمي لبناء مؤسسات ديمقراطية قوية، والمضي في تشييد دولة الحق والقانون.