أبرز بلاغ صحافي صادر عن الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، أن هذه الأخيرة تابعت الاستحقاقات الانتخابية التي أسفرت عن تجديد المؤسسات المنتخبة على المستوى الوطني والترابي وتعيين عزيز أخنوش من قبل صاحب الجلالة رئيسا للحكومة مكلفا، في انتظار استكمال هياكل المؤسسات المنتخبة، وعلى رأسها المؤسسة التشريعية بغرفتيها، وتشكيل أغلبية حكومية جديدة وصفت من طرف الأغلبية بكونها ” قوية ومنسجمة” وعلى تصريحات مكوناتها ” بإخراج المغرب من أزمته”.
وأوضحت ذات الجمعية، أنها ومن خلال انشغالاتها كجمعية حقوقية، وانطلاقا من التجربة السابقة ، فإنها مافتئت تطرح تساؤلات حول الرؤية والمقاربات التي ستعتمدها الحكومة الجديدة، وحول ما إذا كان تغيير الأغلبية الحكومية سيؤدي للتغيير في الرؤية بشأن المشروع المجتمعي بكل أبعاده ومستوياته، وفيما إذا كانت الحكومة الجديدة ستجعل من أولوياتها محاربة اللامساواة والتمييز والعنف خاصة المبنيين على النوع بما يضمن ولوج النساء إلى كافة حقوقهن وضمان كرامتهن، وتقوية الحريات الفردية والجماعية وتوسيع الديمقراطية من خلال تقوية مشاركة المواطنين والمواطنات وكذا قدرات منظمات المجتمع المدني.
وأبرزت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب،في ذات البلاغ، أن إنتظاراتها من الحكومة المقبلة وتصورها لأولويات برنامجها المرتقب تتأسس على ضمان حقوق الإنسان بصفة عامة وللحقوق الإنسانية للنساء والفتيات بصفة خاصة، وتحصين الحريات الفردية والجماعية بما يمنح للديمقراطية نفسا جديدا ويعيد للمواطنين والمواطنات الثقة في المؤسسات.
في ذات السياق، وحسب البلاغ المعني، سجلت ذات الجمعية، ما وصفته، بالتراجع وعدم تفعيل مقتضيات الدستور الصريحة المتعلقة بمكافحة التمييز وإرساء المساواة والمناصفة على مستوى السياسات العمومية وعلى مستوى الآليات ، خاصة على مستوى الديباجة والمادة 19، كما إنتقدت الاستمرار في اعتبار النساء ” فئة “ضمن الفئات المجتمعية في الوقت الذي تشكلن خلاله نصف المجتمع ومكونا لكل الفئات، حيث لفتت الإنتباه إلى عدم اختزال قضايا المساواة في المحور الاجتماعي للبرنامج الحكومي ولبرامج العديد من المؤسسات على المستوى الوطني والترابي وبالتالي عدم حصر إجراءات التغيير في بعض المشاريع التي غالبا ما تكرس الأدوار التقليدية للنساء في حين أن المجتمع المغربي عرف تحولات كبرى تغيرت بموجبها أدوار النساء والرجال.
على ذات الواجهة، نبهت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، إلى عدم الاستمرار في جعل قضايا المساواة من اختصاص الآلية الحكومية ذات الاختصاصات الاجتماعية على غرار الأطفال، والأشخاص في وضعية إعاقة، والأشخاص المسنين، مشيرة أن المسألة النسائية المؤسسة قضايا المساواة ، ليست قضايا عرضانية تهم المجال الاجتماعي كما الصناعة والاقتصاد والبيئة وغيرها من المجالات، بل هي قضية أساسية سياسية وسوسيو إقتصادية وثقافية وإعلامية بامتياز.
ولم تخف ذات الجمعية، ما وصفته بضعف ومحدودية التشريعات التي تم إصدارها على غرار قانون مناهضة العنف، والقانون المتعلق بإحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز والتي تتضمن مقتضيات تمييزية وغير منصفة؛ فضلا عن التضييق على الحريات الفردية والجماعية والحياة الديمقراطية بصفة عامة؛ والتضييق على جمعيات المجتمع المدني وتهميشها.
إلى ذلكــ ، طالبت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، من حكومة عزيز أخنوش بضرورة إحداث قطائع مع التصورات والسياسات العمومية السابقة، عبر التعبير الصريح والواضح عن الإرادة السياسية للحكومة، من خلال جعل المساواة من أولويات مشروعها المجتمعي، باعتبارها مرتكزا للديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة، ثم ترجمتها من خلال برنامجها الحكومي والسهر على وضع سياسات قطاعية كفيلة بتقليص اللامساواة والتفاوتات خاصة بالنسبة للنساء والفتيات، كما شددت الجمعية المعنية على أهمية ثقافة المساواة وعدم التمييز من خلال كافة القنوات التربوية والإعلامية وكل مؤسسات التنشئة الاجتماعية بشكل يدعم الحريات والكرامة والمساواة ونبذ العنف،واعتماد مقاربة تشاركية حقيقية تعتبر جمعيات المجتمع المدني وجمعيات الحقوق الإنسانية للنساء والفتيات، شريكا حقيقيا في إعداد وتفعيل وتتبع وتقييم السياسات العمومية كما ينص على ذلك دستور 2011.
وأعربت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب،أن إنتظاراتها على مستوى السياسات العمومية تتوقف على تصريح حكومي يقدم رؤية واضحة مندمجة تعتبر المساواة وعدم التمييز من أولى الأولويات الحكومة الجديدة، وإعتبار ذلكـ مبدأ مهيكلا تتم ترجمته على مستوى كل محاور البرنامج مصحوبا بأهداف ومؤشرات مرقمة تمكن من قياس وتقييم أثر السياسات العمومية على تقليص التفاوتات واللا مساواة، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، تفعيلا لديباجة الدستور ومقتضياته والقطع مع الرؤية التي تضع المساواة والنهوض بحقوق النساء في المحور الاجتماعي من البرنامج الحكومي، وإعمال مقاربة حقوقية فعالة مبنية على النتائج في التخطيط والبرمجة والميزانية في كافة السياسات العمومية على المستوى الوطني والترابي لمكافحة التمييز المباشر وغير المباشر خاصة، بالنسبة لآلاف النساء، في الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليم ومحاربة الفقر والهشاشة من خلال حماية اجتماعية حقيقية وضمان الولوج إلى لأرض ووسائل الإنتاج وتثمين العمل غير المؤدى عنه. وفيما يتعلق بالتشريعات، فقد دعت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، الحكومة بإصدار قانون عام يعرف المساواة والتمييز المباشر وغير المباشر على أساس الجنس تجاه الأشخاص أو المجموعات مهما كان مصدر التمييز ومكانه ومرتكبه تفعيلا لمقتضيات الدستور والتزامات بلادنا من خلال الاتفاقيات الأممية لحقوق الإنسان وأساسا اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والعمل من أجل تغيير شامل لمدونة الأسرة بكافة مقتضياتها بما في ذلك تعدد الزوجات، و الطلاق و الحضانة، واقتسام الممتلكات خلال الزواج ونظام المواريث؛ والعمل من أجل تغيير شامل لمقتضيات القانون الجنائي الذي وصفته بكونه “أطال المقام في رفوف مجلس النواب” بما فيها تلك التي تعتبر بعض القضايا كالإجهاض والاعتداءات الجنسية والحريات الفردية مسًّا بالأخلاق العامة في تناقض تام مع الدستور ومع الالتزامات في مجال الحقوق الإنسانية، كما شددت الجمعية المعنية على ضرورة مراجعة قانون مناهضة العنف بشكل يضمن الحماية الفعلية للنساء والفتيات مع ما يتطلبه من موارد بشرية مختصة ومالية وآليات الحماية وتضمين مقتضيات مناهضة العنف في التشريعات التي تهم كل المؤسسات على المستوى الوطني والترابي، ووضع القوانين ذات المقتضيات الضامنة للمناصفة في الولوج لمراكز القرار والمسؤولية على غرار قانون التعيينات في المناصب العليا..
وشددت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب على إرساء آليات وطنية وترابية للمساواة تتمتع بصلاحيات عرضانية ويتم تمكينها بالموارد البشرية والمالية وتخصيص الميزانيات الضرورية لمحاربة التفاوتات، ومراجعة قانون إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز بشكل يمكنها من الاستقلالية الإدارية والصلاحيات المتعلقة بالتقصي، ومعالجة الشكايات على غرار هيئات دستورية أخرى وإرساء بنيات وهياكل حكامة لها، ضمن توطيد فعلي لآليات الديمقراطية التشاركية على المستويين الوطني والترابي.
وخلصت الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب في رسالة إنتظاراتها الموجهة لعزيز أخنوش رئيس الحكومة المكلف، وهي الرسالة التي نعثتها بكونها مستخلصة من عملها اليومي ومواكبتها للسياسات العمومية من خلال منظار المساواة ومناهضة التمييز،أن أطرها وعضواتها متيقنات مما يتطلبه ورش المسألة النسائية المغربية من رؤية واضحة وإرادة سياسية قوية ومقاربة تشاركية حقيقية تجاه جمعيات المجتمع المدني إلى جانب الموارد المؤسساتية والمالية التي يمكن تعبئتها بتوفر الإرادة، من أجل استكمال وإرساء كل الهياكل المؤسساتية على إثر استحقاقات 8 شتنبر الحالي 2021.